شهدت أسواق المال في العالم اليوم الأربعاء يوماً آخر من التراجع متأثرة بالغزو الروسي لأوكرانيا والإجراءات الاقتصادية الغربية مع ارتفاع قياسي في أسعار النفط.
وتراجعت الأسهم الأوروبية اليوم الأربعاء مع ارتفاع أسعار السلع الأولية مما عزز مخاوف مرتبطة بالتضخم في وقت تأثرت خلاله المعنويات سلباً بفعل العقوبات المفروضة على روسيا.
وانخفض المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.5 % بحلول الساعة 08:11 بتوقيت غرينتش ليسجل تراجعاً لثالث جلسة على التوالي.
وقفز مؤشر النفط والغاز الأوروبي 1.6 % بدعم من زيادة أسعار الخام 7% وتجاوز خام برنت 110 دولارات للبرميل لأول مرة منذ 2014.
وارتفع مؤشر قطاع التعدين 1.5 % مع زيادة أسعار معادن منها النيكل والألمنيوم بفعل مخاوف متزايدة من اضطراب الإمدادات.
وكان قطاع السيارات الأكثر تراجعاً ونزل مؤشره 3.3 %.
وانخفض مؤشر بنوك منطقة اليورو 2.2 % مسجلاً أدنى مستوى في عشرة أشهر مع انحسار المراهنات على رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة.
وبالنسبة للأسهم الفردية هوى سهم شركة إريكسون 11.5 % بعدما قالت شركة معدات الاتصالات السويدية الكبيرة إنها أبلغت بأن المعلومات التي قدمتها لوزارة الخارجية الأمريكية بخصوص تحقيق داخلي يتعلق بنشاطها في العراق غير كافية.
وتراجع مؤشر داو جونز روسيا جي.دي.آر الذي يتابع أسهم الشركات الروسية المسجلة في لندن 98% من قيمته خلال أسبوعين، لتفقد أسهم 23 شركة روسية حوالي 570 مليار دولار من قيمتها. وتضم قائمة هذه الشركات جازبروم العملاقة للغاز الطبيعي ومجموعة سبيربنك روسيا المصرفية وروسنفط للنفط.
وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء إلى أن استمرار التراجع القوي لشهادات إيداع الشركات الروسية في بورصة لندن أدى إلى وقف التداول مرات كثيرة. وخلال أول 4 ساعات من التداول، تم وقف التعامل على شهادات سبيربنك وجازبروم وسلسلة متاجر ماجنيت 15 مرة، في حين تم وقف تداول سهم بنك في.تي.بي منذ الأسبوع الماضي بسبب خضوعه للعقوبات الأوروبية.
بورصة وول ستريت
وأغلقت بورصة وول ستريت على انخفاض حاد أمس الثلاثاء وتلقت الأسهم المالية معظم الضرر لثاني جلسة على التوالي، إذ فاقم تصاعد حدة الأزمة بين روسيا وأوكرانيا القلق بين المستثمرين.
وتراجعت معظم مؤشرات القطاعات الأحد عشر التي يشملها المؤشر ستاندرد اند بورز 500 وفي مقدمتها القطاع المالي.
وبحسب بيانات أولية، أغلق المؤشر ستاندرد اند بورز 500 القياسي منخفضاً 68.04 نقطة، أو 1.51 % إلى 4305.90 نقاط في حين هبط المؤشر ناسداك المجمع 220.47 نقطة، أو 1.60 %، ليغلق عند 13530.93 نقطة.
وهوى المؤشر داو جونز الصناعي 601.80 نقطة، أو 1.78 %، لينهي الجلسة عند 33290.80 نقطة.
أسهم اليابان
وتراجعت الأسهم اليابانية بعد صعود استمر ثلاث جلسات لتغلق على انخفاض اليوم الأربعاء مع تنامي المخاوف من تأثير العقوبات التي فرضتها دول غربية على روسيا، وهو ما دفع المستثمرين للعزوف عن الأصول المحفوفة بالمخاطر والإقبال على الملاذات الآمنة.
وانخفض المؤشر نيكاي 1.68 % ليغلق عند 26393.03 نقطة في حين تراجع المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 1.96 % إلى 1859.94 نقطة.
ودفعت العقوبات العالمية على روسيا مجموعة من الشركات الكبيرة إلى إعلان تعليق أنشطتها في البلاد أو التخارج منها.
وقالت إكسون موبيل إنها ستتخارج من عملياتها في روسيا بما في ذلك الحقول المنتجة للنفط، في أعقاب قرارات مماثلة من شركات بي.بي وشل وإكوينور النرويجية.
وفي طوكيو كانت أسهم قطاع التكنولوجيا الأكثر تراجعاً على المؤشر نيكاي، وانخفض سهم طوكيو إلكترون المصنعة للرقائق الإلكترونية 1.99 % في حين نزل سهم فانوك المصنعة لأجهزة الروبوت 3.64 % وتراجع سهم دايكين إندستريز 3.75%.
بورصة موسكو معلقة
وقرر البنك المركزي الروسي استمرار تعليق التداول في بورصة موسكو اليوم الأربعاء، وذلك لليوم الثالث على التوالي، في ظل الضغوط الخارجية التي تتعرض لها السوق الروسية.
ونقل موقع قناة «آر تي عربية» عن الخدمة الصحفية للبنك القول إن القرار بشأن التداول ليوم غد الخميس سيتم اتخاذه قبل الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت موسكو من اليوم نفسه.
ويأتي إغلاق سوق الأسهم كإجراء احترازي في ظل الضغوط الخارجية التي تتعرض لها السوق الروسية، بعد إعلان الغرب فرض حزمة جديدة من العقوبات، طالت البنك المركزي الروسي.
وقال محللون في مصرف «إيه ام»، إن العقوبات المالية الكثيفة التي فرضت سيكون لها تداعيات اقتصادية «هائلة» تتمثل «بتراجع للنمو وارتفاع كبير في الأسعار».
أما الأصول المالية التي تشكل ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات مثل الذهب أو السندات الحكومية، فيبدو أنها تتكيف مع الوضع غداة تدفق هائل للمستثمرين.
فبعدما اقترب سعره من 1948 دولاراً قبيل افتتاح أسواق الأسهم الأوروبية، انخفض الذهب بنسبة 0,29 % إلى 1939,75 دولاراً.
وارتفعت عائدات السندات الحكومية لكنها لم تعوض التراجع المسجل في اليوم السابق.
اجتماع أوبك
ووافق منتجو (أوبك+) اليوم الأربعاء على الالتزام بخطط زيادة الإنتاج المتواضعة المقررة سلفاً في أبريل، متجاهلين الأزمة الروسية الأوكرانية خلال محادثاتهم وغير آبهين بدعوات من الدول المستهلكة لضخ المزيد من الخام في ظل قفزة حادة في الأسعار، وزادت أسعار النفط إلى 113.02 دولاراً للبرميل لتواجه الأسهم العالمية ضغوطاً جديدة، والاجتماع المقبل لأوبك+ مقرر في 31 مارس.
وردعت الإجراءات الغربية الكثير من مشتري الخام الروسي، بل إنها سببت مشاكل في الصادرات من قازاخستان، جارة روسيا والعضو أيضاً في (أوبك+)، المكونة من دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا ودول حليفة منتجة للنفط.
وعمدت (أوبك+) إلى زيادة الإنتاج 400 ألف برميل كل شهر منذ أغسطس الماضي في إطار الرجوع عن تخفيضات الإنتاج التي قررتها بسبب انخفاض الطلب على النفط بفعل جائحة (كوفيد 19).
وقاوم التكتل مطالب من الولايات المتحدة ودول مستهلكة أخرى بضخ مزيد من الإمدادات.
ولم يأت بيان صدر بعد اجتماع اليوم الأربعاء الذي أقر الالتزام بالخطط الحالية على ذكر الأزمة الأوكرانية وأشار فحسب إلى «تطورات جيوسياسية» تتسبب في اضطراب السوق.
وقال بيان (أوبك+)، «العوامل الأساسية في سوق النفط حالياً والإجماع في توقعاته يشير إلى سوق متوازنة جيداً وإلى أن الاضطراب الحالي ليس بسبب التغير في أساسيات السوق لكن بسبب التطورات الجيوسياسية الحالية».
وقال مصدر بعد محادثات اليوم الأربعاء التي لم تدم سوى أقل من ربع ساعة «لم يتم ذكر الأزمة الأوكرانية ولا حتى بكلمة واحدة».
تحت ضغط
وأكدت مصادر أخرى أن التكتل، الذي يضم السعودية حليفة الولايات المتحدة وأكبر مصدر للنفط في العالم، لم يتطرق على الإطلاق للأزمة الروسية الأوكرانية.
وعبر ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي الذي مثل روسيا في محادثات (أوبك+)، عن أمله في أن تتراجع تقلبات سوق النفط، وقال إن الإنتاج الروسي من المتوقع أن يصل إلى مستويات ما قبل الجائحة في مايو.
ووصفت روسيا، الواقعة تحت ضغط متزايد من العقوبات الغربية التي هوت بعملتها الروبل وأجبرتها على رفع أسعار الفائدة، تحركاتها في أوكرانيا بأنها «عملية خاصة» وقالت إنها لا تعتزم احتلالها.
وقالت الولايات المتحدة اليوم الأربعاء إنها لا تزال مستعدة لاستهداف صناعة الطاقة الروسية بعقوبات مباشرة، وكانت قد دعت مراراً إلى زيادة إنتاج (أوبك+).
والتخفيضات السارية المتبقية لإنتاج (أوبك+) بسبب الجائحة هي 2.6 مليون برميل يومياً، ومن المتوقع أن يسترجعها التكتل بحلول نهاية سبتمبر المقبل.
ومع تعافي الطلب بقوة بتراجع أثر الجائحة، قفزت أسعار النفط لمستويات قياسية.
مستوى قياسي للغاز
وارتفعت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أوروبا اليوم الأربعاء إلى مستوى قياسي جديد، في ظل المخاوف من نقص الإمدادات مع محاولة التجار تقليص اعتمادهم على إمدادات الغاز الروسي الذي يعتبر لاعباً أساسياً في السوق العالمية.
وارتفع سعر العقود الآجلة القياسية خلال تعاملات اليوم بنسبة 60% قبل أن يتراجع قليلاً مع استمرار التعاملات، في الوقت الذي تراجعت فيه شركات تجارة الغاز والكهرباء عن الدخول في صفقات جديدة مع شركة جازبروم للتسويق والتجارة الروسية التي تحتكر تصدير الغاز الطبيعي الروسي، بحسب مصادر مطلعة.
وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء إلى وجود مخاطر إضافية تتمثل في احتمال إلغاء العقود الموقعة بالفعل، أو إعلان شركات المقاصة والتسوية وقف التعامل مع الشركة الروسية مما سيجعل من الصعب تنفيذ عقود شراء الغاز الروسي، في ظل العقوبات الدولية على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.
وأدت الأزمة إلى ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية ليصل سعر خام برنت القياسي اليوم إلى 114 دولاراً للبرميل، مع استمرار قلق المشترين والتجار وشركات الشحن البحري من التعامل مع الإمدادات الروسية من النفط. ومع اشتداد حدة القتال في أوكرانيا وتدمير البنية التحتية فقد يتعرض تدفق الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب المارة بالأراضي الأوكرانية للاضطراب.
وارتفع سعر الغاز الطبيعي في هولندا وهو السعر القياسي إلى أكثر من 197 يورو لكل ميجاوات/ساعة كهرباء تسليم الشهر المقبل وهو سعر قياسي جديد، قبل أن يتراجع إلى 18ر169 يورو في تعاملات الظهيرة بارتفاع نسبته 39% عن سعره في ختام تعاملات أمس. وارتفع سعر الغاز في بريطانيا اليوم بنسبة 41%.
سعر قياسي لأسهم أرامكو
سجّل سهم أرامكو السعودية الأربعاء أعلى سعر له منذ إدراج المجموعة النفطية العملاقة في البورصة في نهاية 2019.
ووصل سعر سهم الشركة إلى 42,9 ريالاً (11,44 دولاراً) قبل ثلاث ساعات من إغلاق التداول، على ما أظهرت بيانات بورصة السوق المحلية «تداول» في السعودية، أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم.
من جهتها، تسجل أسعار أسهم المجموعات المنجمية بعض التحسن تدريجاً بعد انخفاضها الحاد في بداية الغزو. وارتفعت أسعار سهم «إيفراز» 15,61 % و«بوليميتال» 4,33 بالمئة في لندن، و«ارسلور ميتال» 4,74 % في باريس.
كذلك ارتفعت أسعار أسهم مجموعات النفط ومن بينها «بريتش بتروليوم» (2,41 بالمئة) و«توتال إينيرجيز» (1,86 بالمئة).
العملات
تراجع سعر اليورو مقابل الدولار بنسبة 0,35 % ليبلغ 1,1087 دولار في أدنى مستوى له منذ يونيو 2020.
وانخفض سعر الروبل 6,36 % بعدما فقد نحو ثلث قيمته في شهر واحد.
وبقيت عملة البتكوين مستقرة (-0,10 % إلى 43860 دولاراً) بعد يومين من النمو القوي.
تضخم قياسي في منطقة اليورو
وسجل التضخم في منطقة اليورو نسبة قياسية جديدة في فبراير تبلغ 5,8 % على أساس سنوي، وما زال مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة، حسب وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات).
وبلغ التضخم في يناير 5,1 % في أعلى مستوى يسجله مكتب الإحصاء الأوروبي منذ بدء عمل هذا المؤشر في يناير 1997 للدول الـ 19 التي تعتمد العملة الواحدة.