إن العلاقات الدولية مرت في مرحلة تبلورها بالعديد من المراحل على مر العصور بداية من الفوضى ووصولاً للشكل المنظم الحالي، وهذا التنظيم أتى استناداً للعديد من المقومات منها سعي الدول للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتعزيز سبل التعاون من أجل إيجاد مجتمع دولي تنعم فيه الشعوب بالسلام والرفاهية، ولتحقيق ذلك لجأت الدول للعديد من الوسائل لوضع العلاقات الدولية في إطار تنظيمي يكفل لها السير بشكل منتظم بدءاً من عقد المعاهدات الجماعية والمؤتمرات لتسوية النزاعات وتشكيل لجان للعمل المشترك وصولاً لإنشاء المنظمات، فكانت عصبة الأمم 1919 م ، ثم حلت محلها الأمم المتحدة 1945 م ، ولكن غالبا ما يطرأ على الساحة الدولية ما يهدد الأمن والسلم كظهور التنظيمات الإرهابية.
تأسست الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية 1945 ، بتوقيع ميثاقها بمؤتمر سان فرانسيسكو والذي تضمن 111 مادة خلفاً لعصبة الأمم التي فشلت في تحقيق الهدف الرئيسي الذي أُنشئت لاجله وهو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ومنع قيام حرب عالمية ثانية ، وتدشنت البداية الفعلية لها في 20 ابريل 1946 م.
تتكون الأمم المتحدة من 193 عضواً من الدول ذات السيادة وتسترشد في عملها بالأهداف الواردة في ميثاق تأسيسها وهي :
– الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وحماية حقوق الإنسان.
– تنمية العلاقات الودية بين الدول وتعزيز التنمية المستدامة واحترام القانون الدولي.
– تحقيق التعاون الدولي في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية.
– العمل على جعل الأمم المتحدة مركزا لتنسيق أعمال الدول الأعضاء.
وتتكون الأمم المتحدة من 6 أجهزة رئيسية وهي :
الجمعية العامة والتي تعتبر الجهاز الرئيسي في الأمم المتحدة، مجلس الأمن والذي يعد بمثابة الجهاز التنفيذي، المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، مجلس الوصاية ، محكمة العدل الدولية، وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، الأمانة العامة للأمم المتحدة والتي تقوم بتنفيذ الأعمال اليومية المكلفة بها من الجمعية العامة .
دور الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب:
أصبح الإرهاب الدولي يمثل تهديداً مستمراٍ للسلم والأمن الدوليين والاستقرار في جميع البلدان، لذلك يجب التصدي له بصورة شاملة من خلال جهد دولي منظم يركز على الحاجة إلى الدور الريادي للأمم المتحدة لحفظ الأمن والسلم الدوليين.
عرفت الإتفاقية العربية الموقعة في 22 ابريل 1998 في القاهرة الإرهاب على أنه : ” كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم وتعريض حياتهم وأمنهم وحريتهم للخطر أو الاستيلاء على المرافق العامة أو أحداث ضرر بها ” .
بينما ذهبت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغية عقد اتفاقية دولية لمناهضة العمليات الإرهابية 1996 ، في تعريف الإرهاب على أنه : ” يعتبر مرتبكا لجريمة الإرهاب كل شخص يقوم باي وسيلة كانت وبشكل غير مشروع وبارادته، بقتل شخص آخر أو إصابته بجروح بدنية جسيمة، حينما يهدف بهذا الفعل إلى ترويع السكان أو إجبار حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل أو الامتناع عن عمل أيا كان ” .
أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الكثير من القرارات بشكل مكافحة الإرهاب وتستند في هذه القرارات على اعلان مباديء القانون الدولي الخاصة بعلاقات الصداقة والتعاون بين الدول الصادر بقرار 2625 لسنة 1970 م ، غير أن دور الجمعية العامة للأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب يرجع إلى أعقاب الحرب العالمية الثانية حينما كلفت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة القانون الدولي بوضع تقنين عام للانتهاكات الموجهة ضد أمن وسلامة البشرية، لذلك قدمت اللجنة مشروع التقنين إلى الجمعية العامة 1945 ، والذي تضمن ثلاث عشرة جريمة دولية من ضمنها الإرهاب، كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 أكتوبر 1970 ، اعلانا يتعلق بمباديء القانون الدولي والذي تضمن امتناع تشجيع كل دولة لأعمال الإرهاب، كما أدرج الإرهاب في جدول أعمال الدورة السابعة والعشرين للجمعية في 18 ديسمبر 1972 ، تحت بند التدابير الرامية لمكافحة الإرهاب الدولي، فأصدرت الجمعية العامة قرارها 3034 ، وأعربت فيه عن ضرورة تعاون الدول لاتخاذ تدابير فعالة لمكافحة الإرهاب، كما شكلت الجمعية العامة لجنة خاصة مكونة من خمس وثلاثين 35 عضو ( دولة ) يعينهم رئيس الجمعية العامة والتي تقوم بدراسة ظاهرة الإرهاب وما تقدمه الدول من ملاحظات بشأن الظاهرة للخروج بتوصيات للحد من الظاهرة ومكافحتها.
إلا أن معظم الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب الدولي تم ابرامها تحت رعاية الجمعية العامة للأمم المتحدة، مثل اتفاقية منع احتجاز الرهائن 1979 ، والاتفاقية الدولية لقمع الإرهاب 1999 ، كذلك في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001 ، أدانت الجمعية العامة هذه الاعتداءات، ثم أصدرت قرارها رقم 8856 بتاريخ 12 ديسمبر 2001 ، حيث تضمن القرار مواصلة اللجنة المخصصة لعملها من أجل وضع مشروع اتفاقية شاملة بشأن الإرهاب.
دور مجلس الأمن في مكافحة الإرهاب :
تقتصر وظائف مجلس الأمن الأساسية على حفظ السلم والأمن الدوليين، بالإضافة إلى حفظ السلام العالمي ، لذلك يعد مجلس الأمن من أهم أجهزة الأمم المتحدة على الإطلاق.
خلال الفترة الممتدة من 1990 إلى 2000 ، صدر عن المجلس عدة قرارت تحت الفصل السابع من ميثاق المنظمة والتي تضمن تجريم الأعمال الإرهابية وهذا ما أشار اليه في القرار رقم 748 ، كذلك موقف مجلس الأمن من أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 .
تبنت الجمعية العامة في إطار تحسين الجهود الوطنية والاقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب بموجب القرار الصادر عنها رقم 288/60 لسنة 2006 ، استراتيجية اتفقت فيها الدول والأعضاء على نهج استراتيجي وتنفيذي لمكافحة الإرهاب حيث أكدت الجمعية العامة بموجب هذا القرار أن الأعمال والأساليب والممارسات الإرهابية بجميع أشكالها ومظاهرها تهدف إلى تقويض حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية وتهدد السلامة الإقليمية للدول ، تتمحور حول إدانة الدول الأعضاء للإرهاب الدولي وبناء قدرات الدول الأعضاء والامم المتحدة من أجل معالجة الظروف والأسباب التي أدت إلى نشوء ظاهرة الإرهاب مع تكثيف الدعوات لابرام اتفاقيات ومعاهدات لمكافحة الإرهاب.
بقلم: فاتن الحوسني