إن الأسرة هي أحد الأنظمة الاجتماعية التي يعتمد عليها في تحقيق النمو الحضاري. ويعول عليها في تحقيق الإنجازات البشرية. لذا تولي دولتنا الرشيدة اهتماما بالأسرة وتحرص على أهمية ترابط أفرادها، وتلاحمهم.
تتطلع لجيل الخمسين القادم كيف سيصون إرث أجداده ويكمل مسيرة إنجازات آبائه.
فكيف لهذا الجيل أن يكمل المسير دون أن يعرف كل فرد دوره في أسرته.
وعلى الصعيد العربي هذا هو اليوم العربي للأسرة. وحري بكل فرد أن يعي أن الانتماء الأول الذي ينشأ عليه هو الانتماء للأسرة. ليعرف كلٌ منا واجباته تجاهها. ولنتعاضد ونشد أزر بعضنا بعضا حفاظاً على استقرار كيانها.
بأن نرسي قيم الفضيلة، والأخلاق السامية في نفوس النشء، وأن لا نألوا جهدا في تخطي صعاب التربية.
يقول أبو تمام :
تريدين إدراك المعالي رخيصة
ولابُدَّ دون الشهْد من إبَرِ النحْلِ
ولأجل استقرار الأسرة تهون كل الصعاب. فليكن هذا شعارنا ” استقرار الأسرة أولا”
ولا يتأتى ذلك إلا من أساس متين قائم على الترابط والمودة والرحمة بين أفراد الأسرة. فتبدأ برعاية أفرادها منذ قدومهم إلى الحياة أو بمعنى آخر إلى الوجود. وتربيهم على استشعار حس المسؤولية تجاه استقرار الأسرة.
نعم، يمكن للوالدين أن يعلما أبناءهما هذا الحس من خلال الوثوق بقدراتهم وتكليفهم المهام المناسبة وتشجيعهم على أدائها، ويفسحا لهم المجال كي ينجزوا ويشعروا بلذة الإنجاز. وحري بالأم خاصة أن تفطم نفسها عن أداء مهام أطفالها كي لا تجعلهم اتكاليين. فهي إن كانت تفعل ذلك بدافع الحب والحماية فلتدرك جيداً أن هذا الحب ضار وأن حمايتها أذى وبالتالي لن يثمر جيل مسؤول إن كان هذا ديدنها في التربية.
ومع تدريب الطفل على تحمل مسؤولية مهامه الشخصية البسيطة يبدأ التوسع بمعاونة الأسرة فيربى على تحمل مسؤولية أمور محيطة به وهكذا نتوسع معه حتى يشب على إدراك هذه القيمة التربوية التي تعد دعامة من دعامات استقرار الأسر. وليستشعر دوره في الأسرة ثم دوره في المدرسة والحي ثم وهو على رأس عمله وحين يكون أسرة جديدة وبالتالي أثر كل هذه الأدوار على مجتمعه مستقبلاً.
فيخرج هذا الطفل شيئاً فشيئا من دائرته الضيقة إلى فضاءات المجتمع الذي تتجلى فيه خدمة الآخرين والاحساس بهم. فيستشعر لذة العطاء وتقديم العون. وهذا إن دل فهو يدل على التكاتف والتعاضد الذي نشأ عليه في أسرته.
لأن بوجود أسر مشتتة مفككة يصبح المجتمع هش. أفراده لا يعبأ أحدهم بالآخر.
السابع من ديسمبر يوم لتوعية أفراد العائلة بأهمية دور كل منهم. ويوم لتأكيد سعي الحكومات العربية إلى لم شمل منظومة الأسرة ذات الهوية المنتمية إلى قيم ومعتقدات دينية وإرث ثقافي مشترك.
بقلم: رقية سالم الكعبي