قرار الرئيس التونسي قيس سعيد بتعيين سيدة رئيسة للحكومة هي سابقة ليس في تونس فحسب، وإنما على مستوى المنطقة العربية. هذا القرار قوبل بارتياح شديد في الأوساط التونسية، فيما رأى البعض أنه تحدّ من نوع خاص في ظل الظروف الصعبة التي تواجهها تونس.
وخلال استقباله رئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن رمضان، في قصر قرطاج، خاطبها سعيد قائلاً «سيكون الفريق الذي تتولين رئاسته متجانساً يعمل على مقاومة الفساد، وهي عملية أساسية وسنعمل من دون هوادة على محاربة هذه الآفة والاستجابة لمطالب التونسيين»، ودعاها إلى اقتراح أعضاء الحكومة في الأيام القليلة المقبلة، قائلاً «أضعنا الكثير من الوقت ولا بد من العمل بسرعة وفق ما تنص عليه التدابير الاستثنائية والأوامر المنظمة لها»، وأضاف «سنعمل معاً في المستقبل بإرادة وعزيمة ثابتة للقضاء على الفساد والفوضى التي عمّت الدولة في عديد المؤسسات.. هناك صادقون وصادقات يعملون ليلاً نهاراً ولكن هناك أيضاً من هم على نقيض هؤلاء يعملون على إسقاط الدولة».
القيادي بحزب «تحيا تونس» وليد جلاد، اعتبر أن تكليف امرأة بتشكيل حكومة أمر مهم، لكن الأهم أن يكون لديها برنامج اقتصادي واجتماعي لإنقاذ تونس من أزمتها، لافتاً إلى أنها أستاذة جامعية وعالمة في الجيولوجيا، فيما أبرزت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي، أن المرأة التونسية تستحق هذا المنصب الذي استرجعت به بريقها العربي، وقالت إن هذا التكليف يعتبر تتويجاً لنضالات التونسيات على مدى عقود من أجل المواطنة الكاملة والمساواة والوصول إلى مواقع القرار والمشاركة في إدارة الشأن العام، معربة عن أملها في تجسيد رئيسة الحكومة المكلفة لمبدأ التناصف وضمانها لوصول النساء إلى مراكز القرار في مختلف الوظائف العليا في الدولة التونسية.
بدورها، بينت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي، أن تكليف سعيد امرأة بتشكيل الحكومة المقبلة هو مطلب تقدمت به المنظمة منذ أول لقاء جمعها بالرئيس فضلاً عن مطالبتهم بحكومة تناصف، وأضافت أن الأهم من تكليف نجلاء بودن كأول امرأة في تاريخ تونس بتشكيل الحكومة هو البرنامج والصلاحيات والتركيبة.
ورئيسة الحكومة المكلفة من مواليد العام 1958 وتتحدر من ولاية القيروان (وسط)، تحصلت على الدكتوراه في الهندسة الجيولوجية في باريس سنة 1987 وهي أستاذة تعليم عالٍ في المدرسة الوطنية للمهندسين مختصّة في علوم الجيولوجيا، وكانت تشرف على خطة لتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وسبق لها أن شغلت منصب رئيسة وحدة تصرف حسب الأهداف بالوزارة ذاتها، وكُلّفت بمهمة في ديوان وزير التعليم العالي السابق شهاب بودن سنة 2015، وتم توسيمها سنة 2016 من قبل الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي بمناسبة يوم العلم مع ثلة من كوادر وزارة التعليم العالي.