من البديهي والمنطقي ألا تقاس الدول بمساحتها ولابعدد سكانها ، بل بما تقدمه من إنجازات على المستويين المحلي والدولي، وهذا المنطق يتطابق بشكل واضح على دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أبهرت العالم بإنجازاتها المتسارعة على المستويين، وما الرحلة ,إرسال المركبة الفضائية إلى المريخ لدليل على ذلك، فالأجيال جيل بعد جيل يحمل راية التقدم على كافة المجالات ، ولم يكن ذلك سهلا بل كان نتيجة جهد ومثابرة وعناء،بحيث أصبحت دولتنا الفتية يشار لها بالبنان، وتزاحم بكل كبرياء كبريات الدول المتقدمة والمتطورة، يقودهم حكام تحلوا بالحكمة والصبروالأمل والتفاؤل.
( ما أشبه اليوم بالبارحة ) عبارة تردد صداها في ذاكرتي عندما كنت مدرسة لمادة الاجتماعيات وبالتحديد حين سألتني إحدى طالبات المرحلة الثانوية الفرع الأدبي ، وكان الحديث يدور حول مجلس الأمم المتحدة ، والأعضاء الدائمين وغير الدائمين ، أين دولة الإمارات من مجلس الأمن ؟ سؤال كان مفاجئاً ، وكان ذلك عام 1998 ، فأجبتها يابنيتي : إن غداً لناظره قريب.
ومما أثلج صدري وصدر جميع الإماراتيين والعرب والمسلمين خبر اختيار دولة الإمارات الحبيبة كعضو مراقب في الأمم المتحدة للعامين المقبلين 2022-2023 ، دمعت عيناي فرحا ، لأن نبوءتي قد صدقت ، وما كان حلماً قد صار واقعا، فإلى جانب البرازيل والغابون وغانا حجزت دولتنا الفتية مقعدها في مجلس الأمن، وكانت الإمارات قد أصبحت عضواً في الأمم المتحدة منذ عام 1971 أي في نفس عام تأسيسها ، وفي عامي 1986-1987 كانت قد شغلت مقعدا في مجلس الأمن ولم تكن عضوا مراقباً.
وقد ارتكزت دولة الإمارات في مسيرتها الدولية على الشمولية والتحفيز والابتكار وبناء القدرة على الصمود وتأمين السلام على كافة الصعد، وأكدت الإمارات على إيمانها الراسخ بأهمية بناء الجسور لتعزيز العلاقات بين أعضاء المجلس وقدرته في مواجهة العقبات التي تعترض طريق السلام العالمي، واستمرت مسيرة الدولة في مجلس الأمن حتى يوم الجمعة باختيارها لهذا المقعد الذي يشير بلا تردد إلى مكانتها المرموق بين جميع الدول.
وفي هذه المناسبة قال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ، وزير الخارجية والتعاون الدولي :(( لقد كانت دولة الإمارات مستعدة للاضطلاع بنصيبها في مسؤولية مواجهة التحديات العالمية الملحة بالتعاون مع المجتمع الدولي ، وهذا هو الدافع الأساسي لحملتنا لعضوية مجلس الأمن )).
هذا الإنجاز الذي أضيف إلى الإنجازات العظيمة السابقة – التي لايسمح المجال لسردها عليكم – كانت نتاج تكاتف وجهد عظيمين لشعب الإمارات المعطاء ومن ورائه قيادة اتخذت من الحكمة سبيلاً لها ، لا يخافون مقبلون غير مدبرين.
فإذا كانت الحرب تحتاج لبذل كبير فإن السلام لايقدم عليه إلا من عرف الجرأة والشجاعة في اتخاذ المواقف التي فوجئ بها الصديق قبل العدو، ومن حرص سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي – أطال الله في عمره -على وقف الهضم الأسرائيلي للأرضي المحتلة في فلسطين وإعادة الحقوق الفلسطينة لأصحابها، فكان القرار بمعاهدة إبراهام مع الإسرائليين، ليعم الشرق الأوسط السلام وقطع الطريق على بناء مستوطنات جديدة في الضفة والقدس ،بحيث أحرج الكثيرين، فمن يختار درب السلام عليه أن يكون بقدر المسؤولية ، فالسلام ليس شعاراً يطلق، بل هو العمل الدؤوب والجهد المضني والثمن الغالي .
هذا الربط بين السلام والمقعد في مجلس الأمن ينبئ بأخبار مفرحة فاستعدوا ، إن غداً لناظره قريب.
بقلم: د. آمنة الظنحاني