الاستراتيجية الاستباقية للإمارات في مواجهة «كورونا»، بخططها الشاملة، شهدت استنفاراً مبكراً، وتحريكاً لكل الأدوات والإمكانات والموارد، لضمان حصانة المجتمع، بتوفير مزيد من القوة للقطاع الصحي، الذي يقف على خط الدفاع الأول في المعركة، وبرغم من جاهزية القطاع المسبقة والكاملة لمثل هذه الظروف الطارئة، إلا أن ما رأيناه من اهتمام ودعم ومتابعة القيادة المتواصلة لمده بدعائم جديدة، أحدث فارقاً كبيراً في جعل الإمارات من الأعلى عالمياً في معدلات السيطرة على الجائحة.
القوة التي ظهر عليها القطاع الصحي في الإمارات، بإمكانياته ومرونته التي تستطيع توفير خيارات واسعة لمواجهة أي تحديات، تفردت باستراتيجية تستند إلى الابتكار الدائم للحلول في الرصد والمتابعة والوقاية والعلاج، ما ارتقى بمرونة الأجهزة الصحية وكفاءتها في التعامل مع هذا الظرف، وكانت المستشفيات الميدانية التي سارعت القيادة إلى دعم نشرها في كل إمارات الدولة، ومتابعتها باستمرار، وتجهيزها بأحدث المعدات المتطورة، لمواكبة التعامل مع الظروف الحالية، تجسيداً لهذا الابتكار الذي عكس الاستباقية وأقصى درجات المرونة، والإدارة الناجحة لهذا الشأن.
الأهمية الكبيرة التي تميز هذه المستشفيات، أنها أنشئت وصممت منذ البداية للتعامل مع حالات الإصابة بفيروس «كوفيد 19»، إذ تم تجهيزها بالكامل وبقدرات عالية ومتطورة، لإحاطة المصابين بالفيروس بالعناية الطبية الفائقة، فهي من جانب مخصصة ومؤهلة للاستجابة لحالات «كوفيد»، ومن جانب آخر تقدم دعماً كبيراً للمستشفيات العامة الأخرى، بتخفيف الضغط عنها، من خلال خدماتها التي لا تقل جودة وكفاءة.
ولما لها من أهمية، فقد جاءت توجيهات ومتابعة محمد بن زايد، بأشد درجات الدعم في هذا الخصوص، لإنشاء هذه المستشفيات في جميع إمارات الدولة، إذ تم افتتاح مستشفيات ميدانية في كل من الشارقة وعجمان ورأس الخيمة لتوفير المساندة للمنظومات الصحية، وضمان أقصى معدلات النجاح لجهودها، وهذا ما تضاعف الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث جهودها لتحقيقه من خلال متابعة وتنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة في إنشاء المستشفيات الميدانية في مختلف الإمارات.
ما يلفت إليه هذا الأمر بوضوح أن المنظومة الصحية في الدولة تعمل بتنسيق وتكامل، يعززان من قوة جميع أركان المواجهة، بما يضمن نجاحاً كبيراً لجميع الجهود سواء الوقائية أو العلاجية، ويكفل محاصرة الوباء بكل الوسائل.
منذ البداية عملت الإمارات بقيادتها ومنظوماتها الصحية وخط دفاعها الأول وكل أجهزتها ومجتمعها يداً بيد، لتحقيق التحصين الكامل للجميع، وإعادة دورة الحياة إلى طبيعتها، وهذا ما حقق النجاحات المشهودة التي قدمت النموذج الملهم عالمياً في التعامل مع الأزمات، برؤية استباقية، وجاهزية ومرونة، وتكاتف وتلاحم.
بقلم: منى بوسمرة