أضفت أيام الشارقة التراثية على مدينة كلباء الحسن فوق الحسن مضاعفاً، فقد أعادت للأماكن رونقها وللتاريخ بهجته وللزمان فرحته، وألقت بكل ما فيها من ذكريات وحملت للقادم الوفاء على طبق من الزفانة المصنوعة بأيدي حرفيين مهرة، ولكل «دعن» حكايته وحكايتنا تاريخ إمارة وتراث وطن.
واختتم اليوم الثالث والأخير من أيام الشارقة التراثية في دورتها الـ 18 في مدينة كلباء، وسط حضور جماهيري مميز في ظل التزام تام بكافة الإجراءات والتدابير الوقائية والاحترازية، وبمشاركة مميزة من الجهات الحكومية الرسمية.
تضمنت فعاليات حفل الاختتام عروضاً فنية ورقصات جميلة لفرق شعبية، حيث قدمت فن الدان وفن الرزيف الحربي وفن العيالة، كما شهد مسرح الحصن تقديم عروض الفولكلور الروسي والسوري واللبناني، بالإضافة لعروض الفولكلور اليمني والذي نال إعجاب الحضور وتفاعل معه بشكل كبير، كما قدمت شرطة الشارقة واتحاد نادي كلباء ودائرة الخدمات الاجتماعية فرع كلباء على مسرح الحصن مسابقات تراثية ووطنية وثقافية للكبار والصغار.
حضر الفعاليات خميس بن سالم السويدي، رئيس دائرة شؤون الضواحي والقرى بالشارقة، والشيخ ماجد بن سلطان القاسمي، مدير دائرة شؤون الضواحي والقرى، والدكتور سعيد حداد، مدير معهد الشارقة للتراث فرع كلباء، وخالد الشحي، مدير معهد الشارقة للتراث فرع خورفكان، وجماهير غفيرة من عشاق ومحبي التراث من المواطنين والمقيمين في كلباء والمناطق المجاورة.
التواصل
قال الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا المنظمة لأيام الشارقة التراثية الثامنة عشرة: «استطاعت أيام الشارقة التراثية في نسخة هذا العام تجاوز الظروف التي نعيشها بسبب جائحة كورونا، من خلال حسن التنظيم والإعداد واتباع وسائل السلامة العامة والبروتوكولات الخاصة بها، وهو ما جعلها تنجح في إقامة الفعاليات من جهة واستقطاب الجمهور من جهة أخرى، ذلك لأن حرص المنظمين كان منصباً بالاتجاهين، اتجاه نجاح الفعاليات وتحقيق أهدافها المرسومة لها لحفظ التراث وصونه، واتجاه حماية المشاركين والزوار من أي ضرر».
وأكد أن هذه المشاركة الواسعة من كافة الجهات الرسمية دليل على حرص إمارة الشارقة على تجسيد رؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة الذي شرف الأيام بافتتاحه الفعاليات في مدينة كلباء، وحرصه والجميع على حماية التراث، والتذكير به وإحيائه من أجل جيل جديد يصون تاريخه وتراثه، ومن هنا أيضاً كانت أهمية انعقاد هذه الأيام في المدن الرئيسية، الشارقة وخورفكان وكلباء، حتى تعم الفائدة وتتحقق الأهداف، وهذا ما حقق التواصل بين جيل الأجداد والجيل الجديد.
وأعرب الدكتور المسلم عن شكره وتقديره لكافة المشاركين في أيام الشارقة التراثية من جهات حكومية وخاصة وأكاديميين وإعلاميين وشخصيات عامة وجمهور من مختلف الفئات العمرية، وكل من ساهم ولو بأقل جهد في إنجاح هذه الأيام.
شملت أيام الشارقة التراثية في مدينة كلباء على مدار أيامها عروضاً خاصة بالبيئات المختلفة للإمارة، من بيئة بحرية وبيئة زراعية وبيئة جبلية وبيئة ساحلية، ففي البيئة الجبلية تم عرض صور للتضاريس الجبلية التي تتمتع بها مدينة كلباء، كما تم عرض بعض النباتات الجبلية والأحجار والصخور الجبلية، ومن البيئة البحرية تم عرض نماذج للسفن والمراكب التي كانت تستخدم في الماضي في صيد الأسماك ونقل الركاب، كما تضمنت العروض ورشة لحرفة صناعة أسماك المالح وطريقة عمل «الجاشع» وطريقة حفظه، وطريقة لصناعة «الليخ» و«الشباك»، وتم عرض العديد من الأدوات التقليدية التي تستخدم في صيد الأسماك، ومن جانب آخر تم عمل ورش لطريقة صناعة مراكب الصيد بواسطة الخشب وخوص النخل، وسط متابعة جماهيرية أبدت إعجابها بما شاهدته، أما البيئة الزراعية فقد عرضت طريقة عمل «اليازرة»، وهي الأداة التي تستخدم لاستخراج الماء من الطوى بواسطة الثور، كما اشتملت عروض البيئات على عرض أنواع متنوعة من المزروعات والمنتجات الزراعية، وعرضت البيئة الساحلية صوراً لتضاريس البيئة الساحلية.
ضمن فعاليات الإدارة الأكاديمية في أيام الشارقة التراثية بمدينة كلباء، نظمت الإدارة محاضرة في مكتبة الموروث بعنوان «الزي النسائي الإماراتي»، تحدثت فيها الدكتورة ريم طارق المتولي، الباحثة والمستشارة في مجال التراث والفن والأزياء، وأدارت المحاضرة لطيفة المطروشي، مسؤولة النشر العلمي في معهد الشارقة للتراث.
وتحدثت الدكتورة المتولي عن تطور زي المرأة في دولة الإمارات معتمدة على كتابها (سلطاني)، الذي يبحث في زي المرأة في الإمارات في عهد الشيخ زايد طيب الله ثراه، وعن التغييرات التي طرأت على اللباس خلال تلك الفترة، وتطرقت في محاضرتها إلى مبادرة «زي»، وهي مبادرة خيرية غير ربحية قامت بإنشائها بهدف تسجيل التراث عبر الزي والملابس التراثية والحلي التراثية، من أجل إيجاد منصة رقمية على مستوى الوطن العربي لبث تراث الزي والحلي إلى العالم. مؤكدة بأن رسالتها مفادها أن تراثنا فريد من نوعه ويستحق تقديره والمحافظة عليه واستدامته للأجيال القادمة.