سجلت دبي تدفقًا استثنائيًا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام 2020، إذ استقبلت 455 مشروعًا بقيمة إجمالية قدرها 24.7 مليار درهم إماراتي، وذلك بحسب بيانات مرصد دبي للاستثمار الأجنبي المباشر، والتي نشرتها مؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، إحدى مؤسسات اقتصادية دبي، في حين أظهرت بيانات المرصد الذي يتبنى منهجية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تتبع البيانات أن عدد الوظائف التي استحدثتها تلك الاستثمارات الواردة يُقدَّر بحوالي 18,325 وظيفة.
وبهذا الأداء المميز تواصل دبي ريادتها العالمية في مصاف أبرز وجهات الاستثمار الأجنبي المباشر حيث احتلت في العام 2020 المركز الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والرابع عالميًا في استقطاب رؤوس أموال الاستثمار الأجنبي المباشر، وذلك وفقًا لبيانات “فاينانشال تايمز” حول أسواق الاستثمار الأجنبي المباشر، والتي تعدّ المصدر العالمي الأبرز للبيانات في هذا المجال.
وفي هذه المناسبة، قال سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي ورئيس المجلس التنفيذي: “المكانة البارزة التي وصلت إليها دبي إقليميًا وعالميًا في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير الفرص الاقتصادية المستقبلية للشركات والمشاريع الناشئة العالمية هي ثمرة الرؤية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي بفضلها تم إرساء أسس قوية ووضع مسار واضح لتحويل دبي إلى مدينة المستقبل الذكية والمستدامة، وتأكيد موقعها كالبوابة الرائدة إلى الأسواق الناشئة بالمنطقة ومركز رئيس للاقتصاد العالمي”.
وأضاف سموه: “تعكس استدامة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دبي ومكانتها المتقدمة في المنطقة والعالم كوجهة رائدة للاستثمار الأجنبي المباشر خلال 2020 استمرار جاذبية بيئة الاستثمار في دبي وثقة مجتمع المستثمرين بإمكاناتها الاقتصادية الواعدة ومستقبلها المبشّر. فنجاح دبي في احتواء جائحة كوفيد-19 وبدء مرحلة التعافي في زمن قياسي شهادة أكيدة على التزامنا بتوفير البيئة الاستثمارية الأفضل في العالم وتحويل التحديات العالمية إلى فرص جديدة للنمو يدعمها الابتكار والتكنولوجيا وتشارك فيها المواهب الإماراتية والعالمية لتجعل من دبي المكان الأفضل للعمل والعيش والاستثمار”.
ويتجاوز إجمالي عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر التي نفذت في دبي عام 2020، والتي بلغت 455 مشروعًا، المتوسط السنوي البالغ 441 مشروعًا على مدى السنوات الخمسة الماضية ليؤكد بذلك متانة أسس الاستثمار الأجنبي المباشر في دبي إلى جانب مرونتها الاقتصادية وتنوع القطاعات والجاهزية المستقبلية لاستقطاب الاستثمارات.
وقد جاء الأداء الاستثنائي للاستثمار الأجنبي المباشر في دبي عام 2020 رغم ظروف استثمارية بالغة الصعوبة حول العالم نجمت عن انتشار فيروس كورونا وما تسبب فيه من تداعيات اقتصادية. فبحسب تقرير المرصد العالمي للتوجهات الاستثمارية الذي نشره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، تراجع الاستثمار الأجنبي بصورة كبيرة على الصعيد العالمي خلال العام 2020، حيث هبط بواقع 42% من 1.5 تريليون دولار أمريكي عام 2019 إلى حوالي 859 مليار دولار أمريكي، في حين بيَّن تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن “آثار الجائحة على الاستثمار العالمي ستستمر، وأنه من المرجح أن يبقى المستثمرون حذرين في تخصيص رؤوس أموالهم لأصول إنتاجية جديدة في الخارج.”
كما واصلت دبي تقدمها في مصاف أبرز وجهات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم إذ جاءت في المركز الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والثالث عالميًا في استقطاب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة في العام 2020، بحسب بيانات fDi Markets، بينما حققت الإمارة حصة قياسية في السوق العالمية لمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة، إذ استقطبت ما نسبته 2.1% من إجمالي تلك المشاريع خلال العام ذاته لتتجاوز بذلك حاجز 2% لأول مرة.
من جانبه، قال سعادة سامي القمزي، مدير عام اقتصادية دبي: “بفضل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، رعاه الله، والتوجيهات السديدة لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، فقد أظهر اقتصاد دبي قدرة كبيرة على الصمود، والتنوّع، وسرعة التكيّف مع المتغيرات والمستجدات المحيطة، مدعومًا بالبنية التحتية المتطورة والتشريعات المواتية وضمانات تكفل سهولة ممارسة الأعمال.”
وعن أبرز إنجازات دبي في تحقيق المراكز الإقليمية والعالمية المتقدمة كوجهة رائدة ومدينة عالمية للمستقبل خلال العامين 2021\2022، أضاف سعادته: “أصبحت دبي مركزًا محوريًا مهماً في الاقتصاد العالمي، إذ توفر فرص النمو والتوسع للمستثمرين في قطاعات استراتيجية ومستقبلية كالخدمات المالية والخدمات اللوجستية والضيافة والتجارة، إلى جانب تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتسريع التحول الرقمي في كافة القطاعات والصناعات وخدمات المدن الذكية. ونتطلع إلى دعم هذا النجاح والنمو والتوسع مع انتقالنا إلى مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي المستدام والفرص المستقبلية المُستلهَمة من رؤية قيادتنا والمدعومة بالخطط الاستراتيجية والمبادرات الحكومية، فيما نستعد لاستضافة معرض إكسبو دبي 2020 ومشاركة الفرص الجديدة التي تنبثق من خطة دبي الحضرية 2040.”
جدير بالذكر أن تقرير “المدن العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر في المستقبل 2021\2022″، والذي نشرته fDi Intelligence التابعة لصحيفة فاينانشال تايمز في فبراير 2021، يصنِّف دبي في المركز الثالث ضمن أبرز الوجهات العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر. كما حصلت دبي على المركز الثاني عالميًا في الفئة الفرعية “المدن الرئيسية التي تستقطب الاستثمار الأجنبي المباشر” وفئة “الإمكانات الاقتصادية والبيئة المواتية للأعمال”. وحازت دبي المرتبة الثالثة في الفئة الفرعية “الاتصال”، لتبرز تلك الإنجازات وتعزز جاهزية دبي للمستقبل وتكون مؤشرًا رئيسيًا على ثقة المستثمرين بالمستقبل.
تحقيق النجاح
وقال فهد القرقاوي، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لتنمية الاستثمار: “فيما يغمرنا الفخر بإنجازات دبي ووجودها في مصاف أبرز المدن العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر في المستقبل للعام 2021/2022، فإننا نستمد الأفكار أيضًا من مئات المستثمرين الذين يختارون الاستثمار في دبي لتنمية أعمالهم المستقبلية بشكل مستدام على الرغم من الظروف العالمية غير المسبوقة التي شهدها العام 2020. وبفضل رؤية القيادة الحكيمة وجاهزية دبي للمستقبل، تمكن المستثمرون العالميون ورواد الأعمال من تحقيق النجاح والنمو فيها على مر السنوات. وينبع أداؤنا خلال العام 2020 من قصص النجاح التي تعزز ثقة المستثمرين وتسهم في صياغة الفرص الاقتصادية الواعدة للمستقبل”.
ونظراً إلى أن أكثر من 50% من مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر التي تم الإعلان عنها في دبي هي مشاريع جديدة، تتجلى بوضوح مزايا دبي كمدينة ذكية ومستدامة للمستقبل وبوابة إلى الأسواق الإقليمية الناشئة ومركز عالمي للأعمال خلال العام 2020، وذلك على الرغم من التدابير الصارمة التي اتخذتها حكومة الإمارة لمكافحة الجائحة العالمية.
أبرز ملامح أداء الاستثمار الأجنبي المباشر في دبي عام 2020
مشاريع إعادة الاستثمار: بلغت قيمة رأس مال الاستثمار الأجنبي المباشر من مشاريع إعادة الاستثمار 1.6 مليار درهم إماراتي عام 2020، متجاوزة بذلك حاجز 1 مليار درهم للمرة الأولى منذ العام 2016 وفقًا لبيانات مرصد دبي للاستثمار الأجنبي المباشر. كما جاءت دبي في المركز الأول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مشاريع إعادة الاستثمار الأجنبي المباشر ورأس المال، وفي المركزين الرابع والحادي عشر عالميًا في هاتين الفئتين بحسب بيانات fDi Markets.
رأس المال المغامر: أسهمت المنظومة الديناميكية للابتكار وريادة الأعمال ورأس المال المغامر في دبي بتمكين الشركات الناشئة بالمدينة من استقطاب رؤوس أموال تقدر بحوالي 2.36 مليار درهم إماراتي من خلال 31 صفقة استثمارية في العام 2020، وفقًا لبيانات شركة MAGNiTT بدبي، والتي تعمل على تسجيل وتحليل بيانات تمويل الشركات الناشئة. وحلّت دبي في المرتبة الأولى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمرتبة 11 عالميًا في تقرير “الاستثمار الأجنبي المباشر لرأس المال المغامر عالميًا عام 2020” والصادر عن fDi Intelligence.
القطاعات الاستراتيجية: بلغت حصة مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات الاستراتيجية ما نسبته 57% من إجمالي مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر المعلنة بدبي عام 2020، مما يرسّخ أسس التنمية الاقتصادية المستدامة في المدينة. وشكلت تلك الاستثمارات نسبة 91% من تدفقات رأس المال للاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة قياسية قدرها 22.5 مليار درهم إماراتي. فقد أسهمت الخطط الاستراتيجية لحكومة دبي وجاهزيتها للمستقبل بشكل خاص في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر في المجالات الاستراتيجية للقطاعات ذات التقنيات المتقدمة والمتوسطة عام 2020، حيث كانت نسبة 76% من إجمالي تلك المشاريع الاستراتيجية موجهة لقطاعات ذات تقنيات متقدمة ومتوسطة برأس مال قُدِّر بنحو 11.2 مليار درهم إماراتي.
أبرز دول المصدر
تصدّرت الولايات المتحدة الأمريكية الدول التي تتدفق منها الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث كانت مصدر 21% من رؤوس الأموال و 22% من مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر. وتلتها في الترتيب كل من فرنسا (16%) واليابان (11%) والمملكة المتحدة (7%) وألمانيا (6%)، والتي شكّلت أهم الدول الأخرى التي تدفقت منها رؤوس أموال الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دبي عام 2020. وبالنسبة لمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر، جاءت المملكة المتحدة (14%) وفرنسا (6%) والهند (6%) وهولندا (4%) بعد الولايات المتحدة الأمريكية كأبرز خمسة دول في هذا المجال، وشكلت مجتمعة ما نسبته 60% من إجمالي
جاءت القطاعات الخمسة الأبرز من حيث استقبال الاستثمار الأجنبي المباشر، والتي شكلت في مجموعها 69% من إجمالي تدفقات رأس المال الأجنبي المباشر إلى دبي عام 2020، على النحو التالي: خدمات الإقامة والأغذية (40%)، توليد الطاقة الكهربائية (13%)، خدمات المعلومات الأخرى (8%)، الرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية (4%)، إضافة إلى تجارة الجملة والتجزئة (4%).
أما القطاعات الخمسة الأكبر من حيث استقبال مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام 2020 والتي مثلت نسبة 54% من إجمالي مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في دبي في العام ذاته، فقد تركزت في: خدمات الإقامة والأغذية (18%)، وتجارة الجملة والتجزئة (14%)، وناشرو البرمجيات (10%)، والتمويل والتأمين (6%)، وإدارة الشركات (6%).
ورغم التحديات التي فرضتها الجائحة العالمية خلال 2020، فقد تمكنت دبي من ترسيخ مكانتها كمركز اقتصادي ومالي عالمي. وقامت العديد من الشركات الدولية الكبرى، والتي تستفيد من الموقع الجغرافي المميز ومنظومة الأعمال المزدهرة ونوعية الحياة الرفيعة في دبي، بتأسيس مقراتها الإقليمية في المدينة مما أسهم في استحداث الوظائف واستقطاب المواهب العالمية للإقامة والعمل فيها.
وفي الوقت ذاته، تعتبر الشركات الناشئة في المنطقة والعالم البنية التحتية وقدرات الربط والاتصال بدبي كمزيج مثالي لإطلاق أعمالهم واختبارها وتوسعها.