الاحساء – زهير بن جمعه الغزال
تحتفل جمهورية كازاخستان بعد أيام قليلة بالذكرى السنوية التاسعة والعشرين لاستقلالها عن الاتحاد السوفييتي، فيما حققت هذه الدولة نهضة عصرية اقتصاديا وتنمويا وارست علاقات سياسية ودبلوماسية واسعة النطاق دوليا وعربيا، حيث كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول العربية والإسلامية التي اعترفت باستقلال كازاخستان في ديسمبر 1991.
خلال ما يقرب من ثلاثة عقود من تاريخها الحديث، تحولت كازاخستان بشكل مذهل إلى عضو كامل في المجتمع الدولي ، وزعيم إقليمي ، ودولة حديثة ذات اقتصاد قوي، ومجتمع مستقر. تمتلك كازاخستان أساسًا اقتصاديًا لضمان المستوى المطلوب من الرفاهية المادية للشعب الكازاخي.
حدد فخامة رئيس جمهورية كازاخستان السيد/ قاسم-جومارت توقايف في خطابه إلى الشعب تحت عنوان “كازاخستان في واقع جديد: وقت العمل” أولويات عمل حكومة كازاخستان في ظروف تغييرات جذرية التي حدثت في العالم وكازاخستان في الفترة الأخيرة بما في ذلك بعد تفشي الوباءCOVID-19 .
اشتمل الخطاب جوانب بالغة الأهمية من حياة البلاد: إصلاح نظام إنفاذ القانون، وحماية حقوق الإنسان والأطفال والنساء والمشاكل البيئية، ومواصلة تنفيذ الإصلاحات في المجال السياسي بما فيه خلق معارضة برلمانية على المستوى التشريعي الخ.
كل ذلك مع تطوير الاقتصاد وتعديل هياكل إدارة الدولة عن طريق بناء “الدولة المُنصتّة” يجب أن يساهم في تحسين مستوى حياة ورفاهية مواطني كازاخستان.
ومن جانبه قال سعادة السفير الكازاخي لدى المملكة بيريك آرين:” منذ استقلال بلادنا قامت علاقات سياسية مستقرة وبناءة بين كازاخستان والمملكة العربية السعودية، وقدمت الرياض دعمًا سياسيًا قويًا لاستقلال وسيادة جمهورية كازاخستان. طوال تلك السنوات تدعم كازاخستان والمملكة العربية السعودية مبادرات دولية بعضهما البعض داخل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والمنظمات الدولية الأخرى.
وكانت المملكة من أوائل الدول في العالم التي قدمت الدعم السياسي والمالي لنقل عاصمة الجمهورية إلى أستانا (نور – سلطان حاليا) وقدمت عددًا من المنح والقروض الميسرة لتنفيذ هذا المشروع”.
وأضاف السفير بيريك: “أصبحت أول زيارة رسمية لفخامة رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف إلى المملكة في عام 1994 حدثًا تاريخيًا في العلاقات الكازاخستانية السعودية والتي أرست الأساس لحوار سياسي على أعلى مستوى وكذلك التعاون متبادل المنفعة بين البلدين وحددت آفاق تطوير العلاقات متعددة الأوجه، وساهمت زيارة النائب الثاني لرئيس الوزراء، وزير الدفاع والطيران في المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز إلى أستانا في عام 2000 في زيادة تعزيز العلاقات الودية.”
وأوضح سعادة السفير الكازخي قائلا:” مثلت زيارات الرئيس الأول نورسلطان نزارباييف الرسمية إلى المملكة العربية السعودية في مارس 2004 وأكتوبر 2016 مرحلة نوعية جديدة في العلاقات الثنائية وأعطت زخما جادا لتعميق العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية والإنسانية وتعزيز التعاون في المجالات الأمنية ومكافحة. الإرهاب والجريمة المنظمة”.
وأضاف: “استمر هذا الأمر في عهد الرئيس الجديد لكازاخستان. ففي 30 مارس و1 يوليو 2019، جرت محادثات هاتفية بين رئيس كازاخستان وملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية. فقد هنأ خادم الحرمين الشريفين الزعيم الكازاخي الجديد على توليه منصبه وتمنى له التوفيق في خدمة البلد. بدوره أشار قاسم – جومارت توقاييف إلى المساهمة الهائلة للرئيس الأول نور سلطان نزارباييف في تطوير التعاون مع المملكة العربية السعودية وأكد أنه سيواصل المسار نحو تعزيز العلاقات ذات المنفعة المتبادلة. بالإضافة إلى ذلك اتفقت الأطراف على دعم ممارسة تبادل الزيارات على أعلى المستويات السياسي”.
ومن أجل مناقشة سبل تعزيز التعاون الثنائي تم إنشاء اللجنة بين الحكومتين للتعاون التجاري والاقتصادي والثقافي والإنساني والعلمي والتقني. وفي عام 2021، من المقرر عقد الجلسة الخامسة المقبلة للجنة في العاصمة الكازاخية نور -سلطان وكذلك عقد اجتماع مجلس رجال الاعمال. وحتى الآن تم عقد ست منتديات كبيرة للأعمال.
ولتعميق العلاقات ومنحها مكانة أعلى يتم العمل على إنشاء مجلس التنسيق الكازاخي السعودي الذي سيقوم بتوفير ظروف مواتية للتعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري فضلا عن توسيع الحوار السياسي بين الدولتين.
وفي كل عام يأتي أكثر من 15 ألف كازاخي إلى مدينتي مكة والمدينة المقدستين لأداء مناسك الحج والعمرة. بالإضافة الى ذلك يعمل الطرافان على تسجيع تبادل الزيارات السياحية بين البلدين حيث ألغت الحكومة الكازاخية طلب التأشيرة للمواطنين السعوديين لزيارة كازاخستان.
وتشيد كازاخستان بجهود المملكة العربية السعودية الدؤوبة لمساعدة المجتمع الدولي على التغلب على وباء فيروس كورونا خلال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين أو G20. ورحبت كازاخستان بنتائج قمة قادة مجموعة العشرين في الرياض التي أصبحت حدثاً رئيسياً في خطة تنسيق الجهود الدولية الفعالة ضد COVID-19..
ومنذ تفشي الوباء تعاونت المملكة العربية السعودية مع شركائها تعاونا وثيقا من أجل الاتفاق على خطوات لضمان التعافي الاقتصادي المنسق بعد فيروس كورونا، وعلى خطة قوية لإيجاد لقاح وتعزيز النظام الصحي الدولي.
تعد قمة مجموعة العشرين هذه حدثًا تاريخيًا حيث عقدت لأول مرة في دولة عربية. وأيدت كازاخستان بشكل كامل هدف رئاسة المملكة العربية السعودية في تحقيق فرص القرن الحادي والعشرين للجميع. ويُعتقد أن هناك حاجة إلى توافق دولي منسق لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي والتنمية المستدامة وتمكين المرأة وزيادة رأس المال البشري وزيادة التجارة والاستثمار.
وأظهرت رئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين وسط الانتشار العالمي لفيروس COVID-19 رد فعل الرياض في الوقت المناسب عن طريق عقد اجتماع طارئ لزعماء الدول الأعضاء في مارس من هذا العام وكذلك في أبريل من هذا العام اعتماد خطة عمل من قبل وزراء المالية لتعليق مدفوعات خدمة ديون الدول الأشد فقرا. ومن الأهمية بمكان أن المملكة قد خصصت 500 مليون دولار أمريكي لمنظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية الأخرى بهدف انتاج لقاح سريع وتوزيعه بشكل عادل في جميع أنحاء العالم.
وبشكل عام لدى كازاخستان والمملكة العربية السعودية رؤى متشابهة إلى حد كبير للتنمية المستقبلية. وتتوافق استراتيجية التنمية السعودية “رؤية – 2030” في أهدافها وغاياتها مع استراتيجية “كازاخستان – 2050” التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على المواد الخام والدخول في قائمة الدول المتقدمة. ومن المؤكد أن الشراكة الكازاخية السعودية القائمة على التقارب والتشابه بين الثقافات والتقاليد والقيم الروحية لها آفاق واسعة. ويعود الفضل الرئيسي في تطوير هذه العلاقات الأخوية إلى جانب قيادتي المملكة العربية السعودية وجمهورية كازاخستان.