باجة – تونس
في مطمور روما أو كما تعرف بمدينة باجة التونسية شمالي البلاد أنشاء شاب تونسي مبدع مشروعاً سياحي من الطين والقش والحجارة يحمل اسم “دار بيّة” بهدف التشجيع على السياحة الإيكولوجية، والتي لاقت رواجاً لافتاً في العصر الحديث.
حمدي بن فريجة صاحب مشروع “دار بيّة”، والذي اختار بناء قباب إيكولوجية صديقة للبيئة في أحضان الطبيعة وأطلق على المشروع اسم “دار بيّة”، وبحسب ما كشفه “فريجة”، فإن فكرة المشروع الإيكولوجي هذا جاءت بهدف إنشاء مشروع سياحي ترفيهي لاستقبال الزوار من تونس والخارج ولقضاء يوم سعيد في أحضان الطبيعة، بمنزل إيكولوجي وإلى جانبه في المكان آثار لحضارة رومانية وينبوع مياه عذب.
المشروع السياحي يتمثل بتركيز قباب إيكولوجية صديقة للبيئة في ربوع الطبيعة، حيث تحتوي القباب على غرفٍ صغيرة زينت بستائرَ من الأقمشة محليةَ الصنع، ومفارش من “الكليم” و”المرقوم” التونسي التقليدي، وصار هذا المشروع الشبابي قبلة للسياح الأجانب والتونسيين لإحياء مراسم الزواج والحفلات الخاصة أو لنيل الراحة في أرجاء الطبيعة.
يقول بن فريجة لمجلة “أرابيسك لندن”، إن مجموعة من الشبان الأجانب من فرنسا و أستراليا و الأرجنتين و مالطا إلى جانب آخرين من تونس شاركوا معه خلال ثلاثة أشهر في تصميم هذا المشروع الإيكولوجي الرائع، حيث لم يكن المشروع مكلفا ولم تكلّفه القباب الكثير من الوقت والجهد.
فكرة المشروع الإيكولوجي جاءت بهدف زيادة تدفق الزوار الأجانب، بتعزيز الهياكل المعمارية التي تسهم في الجذب البيئي. حيث أن إحياء السياحة البديلة في تونس لا يزال يعتمد على تعزيز ثروة منطقة شمال غرب تونس، بمواقعها التراثية والأثرية، ومنتجاتها المحلية، ومناظرها الطبيعية الرائعة، كما لفت صاحب المشروع حمدي بن فريجة لأرابيسك لندن.
هي هندسة معمارية تأسست من مواد طبيعية 100%، بالإضافة إلى ذلك فالمبنى يقاوم الماء والزلازل حتى 8 درجات على مقياس ريختر، وأوضح بن فريجة لأرابيسك لندن أنه بالمقارنة مع القباب البيئية التي تم بناؤها بالفعل في تونس، اختارت دار بية النموذج الأولي للمهندس المعماري، المسمى “شرنقة القمر”، والذي يعود اسمها إلى مسابقة أطلقتها وكالة ناسا في عام 2004 لإنشاء بيت فضاء، فاز خلالها نادر خليلي بجائزة أفضل تصميم، ومن هناك جاءت فكرة إنشاء نظام أقبية من أكياس الرمل.
ويضيف “حمدي”: “أن المبدأ هو توزيع الحمولة على الجدران من عمق متر واحد تحت الأرض، على عكس الأساس الكلاسيكي، ويعتمد نظام البناء غير النمطي هذا على تجميع أكياس الرمل الملفوفة بالطين والجص، وبين الأكياس يتم وضع الأسلاك الشائكة المتعرجة لمنع الانزلاق ولإنشاء ضغط، ثم تكمن الصعوبة في ربطهم وإنشاء قباب أصغر مدمجة مع القبة المركزية.
يحيط بهذه القبة البيئية الأولى في باجة التونسية مساحة 2 هكتار من أشجار الكرز واللوز والزيتون للتوسع لاحقاً في المستقبل و إنشاء قرية صغيرة من المساكن البيئية، والتي يمكن أن يستوعب الواحد منها ما يصل إلى 6 ضيوف.
واستكمالا لفكرة هذا المشروع الإيكولوجي يأمل حمدي بن فريجة بحسب ما بينه لأرابيسك لندن أن تعود منطقة الفوار الأثرية بباجة، والتي تقع إلى جانبه، كوجهة سياحية تونسية من جديد في إطار إعادة إحياء هذه المنطقة الأثرية (الفوار).
هذا المشروع الشبابي التونسي يحيي في نفوس زائريه عبقاً من الماضي الذي ضاع في ثنايا العولمة والتكنولوجيا الحديثة، في مشهد يبعث على الطمأنينة والهدوء بعيداً عن المدينة وصخبها لذلك فقد نال هذا الاختلاف استحسان التونسيين لمكان ساحر قل نظيرُه في البلاد بمبادرة شبابية ولمسات فنية من عبق الماضي.