تشارك دولة الإمارات في الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني، الذي انطلق، أمس، في بكين، بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، وعدد من قادة ورؤساء الوفود العربية، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط.
وترأس وفد دولة الإمارات إلى الاجتماع معالي د.سلطان بن أحمد الجابر، وزير دولة، ويضم يعقوب الحوسني، مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون المنظمات الدولية، وجمعة مبارك الجنيبي، سفير الدولة لدى مصر مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، وعلي عبيد علي الظاهري، سفير الدولة لدى الصين.
وأكّد معالي د. سلطان بن أحمد الجابر، وزير دولة، رئيس وفد دولة الإمارات للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني، أنّ الصين تعتبر شريكاً استراتيجياً مهماً للدول العربية، لافتاً إلى أنّ العلاقات العربية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً، وبلغت آفاقاً واسعة من التعاون المشترك في المجالات كافة.
وعبّر معاليه عن حرص القيادة في دولة الإمارات على تطوير العلاقات النوعية التي تربطها مع الصين، واستمرار التواصل المستمر والبناء معها.
والعمل على إرساء علاقة استراتيجية شاملة بين البلدين الصديقين في جميع المجالات، مشيراً إلى أنّ المشاركة العربية الكبيرة في الاجتماع تؤكد أهمية العلاقات التاريخية بين الدول العربية والصين، التي تمثّل انعكاساً لتطلعات حكومات وشعوب هذه الدول للاستفادة من الفرص والموارد، وتعزيز جهود التنمية والتطوير وتبادل الخبرات مع الصين.
وأضاف معاليه أنّ الاجتماع يؤكد أهمية تعزيز التواصل بين الدول العربية والصين حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، انطلاقاً من الأهمية الجغرافية والسياسية للدول العربية، والدور العالمي للصين ومكانتها في الساحة الدولية، وإيماناً بضرورة تنسيق المواقف، وتوسيع أطر التعاون والتشاور، بما يسهم في تعزيز دعائم الأمن والاستقرار العالميين.
وقال معاليه: «نلتقي اليوم في ظل ظروف وتحديات صعبة تعيشها المنطقة والعالم، ولعل أبرزها انتشار آفة التطرف والإرهاب، وفي هذا الإطار، فإنّ التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية ودعمها للميليشيات الإرهابية في البلدان العربية الشقيقة، يمثل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وعاملاً يقوّض التنمية ويؤجج فتيل النزاعات، الأمر الذي يستدعي منا جميعاً المزيد من التنسيق والتعاون لمواجهة هذه التحديات الخطيرة».
وأعرب معاليه عن استنكار دولة الإمارات لاستمرار الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث «طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى»، مجدداً الدعوة لإيران للتجاوب مع جميع المساعي الرامية إلى إيجاد حل سلمي لهذه القضية من خلال المفاوضات الثنائية، أو إحالتها إلى محكمة العدل الدولية.
وبشأن اليمن، أوضح معاليه أن دخول قوات التحالف العربي في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، جاء بناء على طلب رسمي من الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً، واستناداً إلى قرار مجلس الأمن «2216»، بهدف تحقيق الاستقرار وإعادة الشرعية إلى اليمن الشقيق.
وأضاف: «في هذا الإطار، فإنّ عملية تحرير الحديدة جاءت للدفع بآفاق الحل السياسي في اليمن وتسهيل دخول المساعدات إليه، ودحر الميليشيات الحوثية عبر تجفيف منابع الأسلحة التي تستخدمها لمهاجمة الشعب اليمني وتهديد أمن المملكة العربية السعودية».
وذكّر معاليه بموقف دولة الإمارات الثابت الذي يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً للمرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية، مجدداً دعوة دولة الإمارات لجميع الأطراف، للمضي قدماً لتحقيق سلام عادل ودائم وشامل يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق.
وعن الشأن السوري، أوضح معاليه أن دولة الإمارات تؤكد أنّ الحل السياسي وحده الكفيل بإنهاء الأزمة في سوريا.
مؤكّداً دعم دولة الإمارات جميع الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لإحلال السلام في سوريا، والتدابير التي تتخذها للتخفيف من معاناة المدنيين، بما في ذلك إنشاء مناطق تخفيف التصعيد. وجدد معاليه دعوة دولة الإمارات إلى مواصلة العمل مع جميع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة لدعم الجهود الإنسانية والسياسية للتعجيل في إنهاء هذه الأزمة.
إلى ذلك، أكّد أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح وجوب الدفع بآليات التعاون بين الدول العربية والصين، بما يسهم في تحقيق المصالح العليا للجانبين، ويعزز العلاقات التاريخية. ودعا أمير الكويت، في كلمته، إلى العمل مع الصين لتجاوز الأزمات التي تعيشها بعض الدول العربية، لما تمثله الصين من ثقل وتأثير دولي والتزام صادق بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن التعاون الخليجي – الصيني البناء والمستمر يمثّل دعماً قوياً للتعاون المشترك في الإطار العربي – الصيني، حيث تأتي المفاوضات المتعلقة بإقامة منطقة تجارة حرة بين دول مجلس التعاون والصين كأحد أهم روافد هذا التعاون.
بدوره، أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ أنّ بلاده ستقدم قروضاً للتنمية الاقتصادية بقيمة 20 مليار دولار إلى دول عربية، وذلك في إطار مساعي بلاده لتعزيز تأثيرها في الشرق الأوسط وإفريقيا. وصرّح شي، أنّ القروض ستخصص لمشاريع ستوفّر فرص عمل جيدة، وسيكون لها تأثير اجتماعي إيجابي في دول عربية لديها حاجات لإعادة الإعمار.
وأضاف شي، أمام المشاركين في المنتدى، أنّ القروض جزء من برنامج صيني خاص لإعادة الهيكلة الاقتصادية وتحفيز الصناعات، لافتاً إلى استعداد بلاده لتقديم قرض آخر بقيمة نحو 150 مليون دولار أخرى لدول في المنطقة، من أجل تعزيز قدراتها على الحفاظ على الاستقرار.
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين الأولى التي «لم ولن نتوانى عن دعمها ودعم صمود الشعب الفلسطيني».
وأضاف الجبير لدى إلقائه كلمة الجانب العربي في الاجتماع: «حرصنا على التنسيق العربي – الصيني المستمر بشأن دعم القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
وأعرب عن التقدير لمواقف الصين من القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية»، مشيرا إلى أن «قمة القدس» تبنت قرارات تخص الأزمات الإقليمية التي تمر بها بعض الدول العربية في اليمن وسوريا، ولبنان، والعراق، وليبيا، والصومال، والسودان وجزر القمر.
مبينا أن الدول العربية تتطلع إلى دور الصين في دعم الحلول السياسية لهذه الأزمات من خلال مجلس الأمن، والأخذ في الحسبان قرارات القمة العربية التي أدانت ورفضت قطعياً التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية من خلال دعمها للميليشيات الإرهابية المسلحة.
أكّد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن افتتاح أعمال المنتدى التعاون الصيني العربي يعكس حرص الجانبين على تعميق أواصر العلاقات العربية الصينية والارتقاء بمستوى العلاقات بينهما، مطالباً الصين باستمرار دعمها للقضايا العربية الراهنة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وأوضح أبو الغيط أنّ المنطقة العربية تمر الآن بمنعطفات خطرة من جراء الظروف والأحداث الإقليمية والدولية المتسارعة.
مشيراً إلى أنّ انعقاد الاجتماع يتزامن مع تزايد التحديات والضغوط علي العالم العربي، وفي مقدمتها ما تتعرض له القضية الفلسطينية. وشدّد على أهمية السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط كخيار عربي استراتيجي تجسده قرارات الشرعية الدولية، مثمناً دور الصين ومواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية.
وأكّد وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، أيمن الصفدي، أن التعاون العربي – الصيني سيثمر إنجازات اقتصادية وتجارية وثقافية ستنعكس إيجاباً على الأمتين، وسيسهم في إنهاء الصراعات وتجاوز الأزمات وتحقيق التنمية والازدهار، وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.
ووفق بيان الخارجية الأردنية، قال الصفدي في كلمة ألقاها أمام الاجتماع الوزاري للدورة الثامنة للمنتدى العربي – الصيني، إن انعقاد المنتدى خطوة مهمة على طريق بناء مستقبل من التعاون العربي – الصيني يعمق الروابط التاريخية التي تجمع الصين بالعالم العربي.
كما شدّد وزير الخارجية في الحكومة الشرعية اليمنية، خالد اليماني، على التزام الحكومة بالسلام وإنهاء الأزمة في اليمن بالوسائل السياسية. وأشار اليماني في كلمته بالاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني، إلى أن عمليات تحرير الحديدة وبقية مناطق الساحل الغربي .
والتي يقودها الجيش الوطني بمشاركة دول التحالف بقيادة المملكة العربية والسعودية وإسناد من دولة الإمارات العربية المتحدة، تتحرك بصورة مدروسة وحريصة للحفاظ على أرواح المدنيين وحماية الممتلكات العامة والخاصة، في التزام صريح بالقانون الدولي الإنساني، ويرافق ذلك خطة إنسانية استثنائية وشاملة لمدينة الحديدة والمناطق المجاورة.
بدوره اعتبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة، أن الدعم الصيني للقضايا العربية، يسهم في الحيلولة دون تجاوز قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية والقدس الشريف.
وأعرب بوريطة في كلمته خلال اجتماع المنتدى التعاون العربي الصيني، عن استعداد المغرب الدائم للإسهام الفعال في كل المبادرات الهادفة إلى وضع الأسس القوية والمتناسقة لشراكة مندمجة بين الصين والدول العربية، مشدّداً على ضرورة أن تكون الشراكة العربية الصينية قائمة على احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.