أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن مسؤولية الإعلام تجاه المجتمع العربي لا تلبث أن تزداد يوماً تلو الآخر، مع تصاعد وتيرة التحديات التي تواجهها المنطقة وتعاظم تداعياتها، بما تتطلبه تلك المسؤولية من التزام كامل بقواعد النزاهة والأمانة والحياد التي تشكل الأسس الرئيسة لبناء مصداقية الأجهزة الإعلامية لدى جمهور المتلقين، ليكون بذلك الإعلام موفياً لرسالته، ومؤدياً لها على الوجه الأكمل في خدمة الناس، وتعزيز فرصهم في مستقبل أفضل حافل بالفرص والازدهار والتطور.
وقال سموه: «نريد الإعلام دائماً معولاً للبناء، ونبراساً يهدي الناس إلى الخير والنماء، ونرجو أن يكون دائماً عوناً لهم للوصول إلى مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم والأجيال القادمة».
جاء ذلك خلال لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي رئيس مؤسسة دبي للإعلام، ومعالي محمد عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، ومعالي الدكتور سلطان الجابر، وزير دولة رئيس مجلس إدارة المجلس الوطني للإعلام، ومنى غانم المري، المديرة العامة للمكتب الإعلامي لحكومة دبي، والشيخ وليد الشيخ وليد آل إبراهيم، رئيس مجلس إدارة مجموعة، والقيادات الإعلامية ورؤساء التحرير وكبار كُتّاب الصحف المحلية والقيادات التنفيذية ومسؤولي الجهات الإعلامية الإقليمية والدولية ووكالات الأنباء العالمية العاملة في الدولة، وكوكبة من الإعلاميين الإماراتيين والعرب والأجانب، ضمن الأمسية الرمضانية التي نظمها أمس المكتب الإعلامي لحكومة دبي.
وقد تبادل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والحضور التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، مبتهلين إلى المولى عز وجل أن يعيد هذا الشهر الفضيل على دولتنا والأمتين العربية والإسلامية بكل الخير واليمن والبركة، وأن يشيع الأمن والأمان في ربوع المنطقة، وأن يجنّب أوطاننا شر الفتن.
وطالب سموه خلال اللقاء المجتمع الإعلامي بشتى قنواته ومساراته بتوخي أعلى درجات الدقة والموضوعية والحيادية في نقل الأخبار والمعلومات، لكونها الوسيلة الأولى التي يُكوّن الناس من خلالها قناعاتهم وأفكارهم، لا سيما حول مجريات الأوضاع في المنطقة، مشيراً سموه إلى خطورة هذه المسؤولية وما تستدعيه من تحري الدقة الكاملة في التحقق من مصادر الأخبار والمعلومات، وعدم التسرع في تداولها بهدف نيل قصب السبق على حساب المهنية.
ونبّه سموه إلى المسؤولية الكبيرة التي يحملها الإعلام كذلك في اتجاه حض المجتمع على الإبداع والابتكار في شتى مناحي الحياة، وتشجيع أفراده على اتباع أساليب متطورة في التفكير والانفتاح على العالم والتبصّر في المتغيرات المحيطة، وصولاً إلى استحداث أفكار جديدة ومُبدعة تدفع عجلة التطور الإيجابي والتنمية ضمن المسارات كافة، ذلك لكون الإبداع بات يمثل ركيزة بالغة الأهمية لتقدم الشعوب، مؤكداً سموه حرص الدولة على توفير البيئة الداعمة للمبدعين وسعيها الدؤوب لتحفيزهم في شتى المجالات، انطلاقاً من قناعة كاملة بأن النجاح والتميز يكونان دائماً من نصيب الإنسان المبدع القادر على تقديم الجديد والمبتكَر.
ونوّه صاحب السمو نائب رئيس الدولة بالمسؤولية التثقيفية للإعلام في شتى المجالات، حيث لا يقتصر دوره على الشق الإخباري، بما للإعلام من قدرة على الانتشار والوصول إلى مناطق بعيدة قد لا تتوافر فيها مصادر أخرى للتحصيل المعرفي والثقافي.
وقال سموه: «على الرغم من أن الكتاب هو النبع الأول للثقافة في العالم، فإن التطور التكنولوجي السريع في المجال الإعلامي وما أفرزه من تطبيقات وتقنيات أسهمت في توسيع دائرة الحصول على المعلومات والمعارف، يوجب على الإعلام أن يتنبه لتلك الجزئية، ويعمل على الاستفادة منها، ليس بهدف تحقيق السبق في أكثر الأحيان فقط، ولكن أيضا لتوسيع دائرة المعرفة بين الناس بتقديم محتوى نافع ومفيد يسهم في رفع مستوى وعي المجتمع بمخاطبة شتى فئاته ومكوناته، بعلوم ومعارف متنوعة في شتى المجالات الحياتية، بما يعين على بناء الإنسان وإمداده بمزيد معرفي يعينه على تكوين أفكار وقناعات واضحة وغير مغلوطة حول حقيقة الأشياء».
وعن العنصر البشري، لفت سموه إلى أهمية إعداد الكوادر الإعلامية القادرة على التعاطي مع هذه المسؤولية بكفاءة واقتدار وتمكن، من خلال إعداد البرامج العلمية الملائمة التي تسهم في تخريج أجيال جديدة من الإعلاميين القادرين على توظيف معطيات العصر بصورة تخدم الرسالة الإعلامية، ومخاطبة الناس بخطاب مستنير يؤصّل فيهم القيم الأصيلة التي توارثها العرب عن أجدادهم، وترسّخ في المجتمع قيم الولاء للوطن والانتماء إلى ترابه، وتشيع في الناس روح التسامح والتلاحم والوئام لإرساء مجتمعات سوية متصالحة مع ذاتها واعية بمجريات التطور العالمي وقادرة على اللحاق بركابه، بل إحراز موقع متقدم فيه.
وأعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن تقديره للدور الكبير الذي يقوم به إعلامنا الوطني في مواكبة مسيرة التنمية الطموحة في دولتنا، وما يقدمه من دعم لكل ما يجري على أرضها الطيبة من جهود حثيثة ومخلصة، تهدف في المقام الأول إلى إسعاد شعب الإمارات وكل من يعيش على أرضها أو يقصدها ضيفاً مُكرماً، لما لهذا الدور من أثر في التعريف بهذه الجهود، وإرشاد المجتمع إلى سبل الاستفادة منها، وهو الهدف الأسمى الذي تسعى دولة الإمارات إلى تحقيقه بتوفير أرقى أشكال العناية والخدمة للناس، ضمن جميع القطاعات، وبما يضمن لهم استقرارهم الاجتماعي وراحتهم وسعادتهم.
وفي ما يتعلق بالأجيال الإعلامية الشابة، أهاب سموه بالمؤسسات الإعلامية والأكاديمية ضرورة الاهتمام بشباب الإعلاميين من أبناء وبنات دولة الإمارات، ومنحهم العناية اللازمة بتوفير مجالات التدريب والتأهيل على أعلى مستوى، وتصميم البرامج التي تكفل تبادل الخبرات مع دور ومؤسسات الإعلام العالمية الرائدة، بما يكفل نقل التجارب الناجحة، وتزويد الجيل الجديد من الإعلاميين بالأدوات العصرية التي تعينهم على القيام برسالتهم على الوجه الأكمل، كشركاء في صنع أمجاد بلدهم، وتسطير فصول جديدة من إنجازاتها المشرّفة في سجل الحضارة الإنسانية، كما طالب سموه شباب الإعلاميين بالعمل على التزوّد بالمعارف المهنية والثقافية المتنوعة التي تمدهم بسبل النجاح في عملهم، وتأخذهم إلى مصاف الرواد بعلم نافع ورسالة متوازنة وفكر مستنير يضع صلاح المجتمع في مقدمة أهدافه.
وتطرّق سموه في حديثه مع الإعلاميين إلى طيف واسع من الموضوعات التي تنوّعت ما بين السياسة والاقتصاد والرياضة، في أجواء سادتها الأريحية بعيداً عن الترتيبات البروتوكولية التقليدية، حيث ناقش سموه الحضور واستمع إلى آرائهم وأفكارهم، وأثنى على ما يقومون به من جهود تهدف إلى خدمة المجتمع، وترمي إلى تقديم إضافة نافعة للناس كل في مجال تخصصه.
وأشاد المشاركون في الأمسية بالمبادرات الخيرية والإنسانية التي لا يلبث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن يطلقها على مدى العام، والتي تبلغ أوجها في شهر رمضان المبارك، ومنها «مبادرة الإمارات لصلة الأيتام والقُصّر» التي أراد بها سموه أن تكون نموذجاً تقدمه دولة الإمارات للعالم للعناية بهذه الفئة التي شاءت الظروف أن تحرمها من عناية الأسرة، ولكن الله عوضهم خيراً بأناس ملئت قلوبهم رحمة ورأفة امتثالاً لتعاليم ديننا الحنيف الذي أوصانا بالأيتام خيراً، بينما عظم رسولنا الكريم من مكانة كل من يكفل يتيماً مبشراً إياه بالمكانة الرفيعة في الجنة، كما أشاد الإعلاميون الحضور بالتجاوب المجتمعي الكبير الذي شهدته المبادرة منذ إطلاقها في وقت سابق من الشهر الفضيل.
في الوقت نفسه، أثنى الإعلاميون العرب والأجانب خلال الأمسية على التوجه الذي تتبناه دولة الإمارات في مسيرتها التنموية، والذي يضع تحقيق سعادة الناس في مقدمة أولوياته، وقالوا إن هذا النهج يمنح الأداء الحكومي في دولة الإمارات حداً تنافسياً كبيراً مقارنة مع الأداء الحكومي في مختلف أنحاء العالم، حيث إن حرص القيادة الرشيدة على تضمين مسألة السعادة كهدف ومعيار لقياس رضا الناس عن الخدمات التي توفرها وما تنجزه من مشاريع ومبادرات، هو فكر فريد من نوعه، ويستحق أن يكون نموذجاً تتدارسه حكومات العالم للاستفادة منه وتطبيقه، علاوة على المشاريع الاستثنائية التي تتبناها الدولة لخدمة تلك الأهداف، مثل مشروع الحكومة الذكية الذي يعد قفزة نوعية غير مسبوقة في مضمار العمل الحكومي العربي على وجه العموم.
وفي ختام الأمسية، التقطت لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الصور التذكارية مع الإعلاميين الذين تمنوا لسموه موفور الصحة والعافية، ولدولة الإمارات وشعبها الكريم دوام التقدم والازدهار.