أكد معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد أن اقتصاد دولة الإمارات أثبت مرونته الكبيرة وقدرته العالية على مواصلة النمو الذي حققه على مدى السنوات الماضية، على الرغم من الضغوط الاقتصادية التي تشهدها المنطقة والعالم، وحافظ على مركزه المرموق كثاني أكبر اقتصاد عربي، وعزز مكانته بصفته أحد أهم المقاصد الإقليمية والعالمية للتجارة والاستثمار والأعمال الاقتصادية.
وقال: «لقد حافظت الإمارات على صدارتها الإقليمية وتقدمها عالمياً في العديد من المؤشرات، ومنها مؤشرات التنافسية والتنمية وريادة الأعمال والابتكار وسهولة ممارسة الأعمال وتمكين التجارة والسياحة والاستثمار والبنى التحتية والإلكترونية. وتستمر الجهود لتطوير القطاعات ذات الأولوية، مثل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والصناعة والنقل والطاقة المتجددة والسياحة والتعليم. ومن خلال استشراف المستقبل، يتركز الاهتمام خلال المرحلة الحالية على بناء مقومات التنمية القائمة على الابتكار والتكنولوجيا والبحث والتطوير وتطبيقات الذكاء الاصطناعي ومفاهيم الثورة الصناعية الرابعة، تماشياً مع الأسس التي حددتها مئوية الإمارات 2071، الأمر الذي يعكس قوة السياسات التنموية التي تتبناها الدولة».
جاء ذلك في تقرير الإنجازات الاقتصادية الذي أصدرته الوزارة أمس بمناسبة اليوم الوطني، حيث أكد التقرير أن الدولة نجحت خلال العام الجاري في تحقيق مزيد من الإنجازات والخطوات الفعالة لتعزيز مواطن القوة الاقتصادية للدولة وبناء اقتصاد المستقبل، في ضوء رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات.
وأوضح وزير الاقتصاد أن هذا التميز يأتي نتيجة لريادة النموذج الاقتصادي الذي تتبناه دولة الإمارات في ظل توجيهات قيادتها الرشيدة، والذي أظهر كفاءة عالية في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، بفضل مبادئه الرئيسية القائمة على الانفتاح والتنوع والاستدامة والإنتاجية العالية وإطلاق الطاقات الكامنة لرأس المال البشري المواطن وتحقيق التقدم القائم على أحدث الممارسات التنموية، وذلك انسجاماً مع محددات رؤية الإمارات 2021 ببناء اقتصاد تنافسي عالمي متنوع قائم على المعرفة والابتكار بقيادة كفاءات وطنية.
وتابع: «على الرغم من الآثار العميقة الناجمة عن المتغيرات الاقتصادية التي أرخت بظلالها على الاقتصاد العالمي عموماً، وفي ظل تباطؤ النمو الذي ما زال يخيم على العديد من الاقتصادات العالمية، والتحديات السياسية والاقتصادية واستمرار تقلب أسعار النفط، أظهر الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات أداءً جيداً ومتوازناً مواصلاً مساره الإيجابي، حيث مضت الدولة في سياسة تعدد مصادر الدخل وتنويع القاعدة الاقتصادية، وضبطت أوضاع المالية العامة لدعم القدرة على تحمل الضغوط والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، بالتوازي مع تعزيز أركان التنمية المستدامة».
وقال معالي سلطان المنصوري إن وزارة الاقتصاد عملت خلال العام الجاري بصورة دؤوبة وبمستوى متميز في الأداء لتحقيق الأهداف المنوطة بها وفق أفضل المعايير، وهي ماضية في أداء رسالتها المتمثلة بتحقيق تنمية وتنافسية الاقتصاد الوطني وتهيئة بيئة مشجعة لممارسة الأعمال الاقتصادية عبر سن وتحديث التشريعات الاقتصادية وسياسات التجارة الخارجية وتنمية الصناعات والصادرات الوطنية وتنمية السياحة عبر تطوير منتجاتها وتحسين جودتها وتشجيع الاستثمار وتنظيم المنافسة وقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة وحماية حقوق المستهلك والملكية الفكرية ودعم جهود الجمعيات التعاونية وتنويع الأنشطة الاقتصادية وتعميم التطبيقات الذكية المميزة بقيادة كفاءات وطنية وفقاً لمعايير الإبداع والابتكار والتميز العالمية واقتصادات المعرفة.
وأضاف إن الوزارة ركزت على تعميق جذور الابتكار في العمل المؤسسي، وتحقيق مزيد من التحول الذكي، وتطبيق أفضل الممارسات الحكومية القائمة على الكفاءة والتطوير، وتفعيل مفاهيم التكامل في العمل الحكومي واستشراف المستقبل، في إطار مؤشرات الأجندة الوطنية ومحددات رؤية الإمارات 2021 ومعايير منظومة التميز الحكومي، وهو ما أثمر حصول الوزارة على جائزة «الجهة الاتحادية الرائدة» لفئة الوزارات أقل من 500 موظف في جائزة محمد بن راشد للأداء الحكومي المتميز بدورتها الرابعة في يناير من العام الجاري.
وأوضح أن نتائج الإنجازات السنوية بمختلف قطاعات الوزارة والبرامج والإدارات التابعة لها، تعكس تضافر الجهود والعمل بروح الفريق والتعاون والالتزام لأداء المهام المطلوبة في إطار الخطة الاستراتيجية للحكومة، وتمكنت كافة قطاعات الوزارة من تحقيق مستهدفاتها للعام 2017 بكفاءة عالية وإتقان وفي الإطار الزمني المحدد، بما يضمن أفضل مساهمة في الجهود الوطنية لبناء مستقبل واعد ومشرق لدولة الإمارات.
وأوضح المنصوري أن النتائج والبيانات المرصودة في العديد من القطاعات الحيوية تعكس مزيداً من الرسوخ والتمكين في سياسة التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الدولة والمساعي الوطنية لبناء اقتصاد ما بعد النفط، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للدولة في عام 2016 أكثر من 1.391 تريليون درهم بالأسعار الثابتة (لعام 2010)، محققاً نسبة نمو وصلت إلى 3% مقارنة بعام 2015.
فيما وصل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لعام 2016 إلى نحو 1.281 تريليون درهم، منها نحو 1.067 تريليون درهم للقطاعات غير النفطية، أي بنسبة تزيد على 83% من الناتج بالأسعار الجارية، يقابلها أكثر من 70% بالأسعار الثابتة، وبمعدل نمو للقطاعات غير النفطية يبلغ 3.9% بالأسعار الجارية، و2.7% بالأسعار الثابتة، مقارنة بنتائج عام 2015. وبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لعام 2016 أكثر من 67700 درهم.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المتوقعة لعام 2017 تبلغ 1.3%، ليعاود الاقتصاد الوطني نموه بنسبة أعلى في عام 2018 تصل إلى 3.4%.
بينما يواصل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي نموه بحسب تقديرات مصرف الإمارات المركزي من 2.7% العام الماضي إلى 3.1% العام الجاري، و3.7% عام 2018 (بالأسعار الثابتة)؛ بالتوازي مع زيادة حجم الاستثمارات العامة وارتفاع حجم التجارة العالمية للدولة وانخفاض وتيرة ضبط أوضاع المالية العامة.
وأشار إلى أن تنويع القاعدة الاقتصادية للدولة يمثل محوراً ثابتاً ضمن الجهود الوطنية التي تقودها وزارة الاقتصاد للدفع قدماً بعجلة التنمية الاقتصادية، بالشراكة مع مختلف الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية ذات الصلة، وبالتعاون الوثيق مع القطاع الخاص، وفق منظومة أداء ذات معايير عالمية تتبنى قيم الشفافية والتميز والابتكار وتعزيز التنافسية والاستدامة وتكامل الأدوار والعمل بروح الفريق.
وأضاف إن تلك الجهود تعطي أولوية قصوى لتنمية القطاعات الحيوية غير النفطية، مثل الصناعة والسياحة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والقطاعات السبعة التي حددتها الاستراتيجية الوطنية للابتكار، وهي: التكنولوجيا والصحة والتعليم والنقل والطاقة المتجددة والمياه والفضاء، يضاف إليها مجموعة واسعة من القطاعات ذات القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، مثل البنية التحتية والتجارة والخدمات اللوجستية والقطاع المالي، وذلك في مسعى مستمر لتحقيق المستهدف الوطني المتمثل برفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 80% بحلول عام 2021.
وأوضح وزير الاقتصاد أن الاستثمارات الموجهة إلى دعم أسس اقتصاد المعرفة والتنمية المستدامة ما زالت تشهد توسعاً واهتماماً متزايداً، ولا سيما مشاريع البنى الأساسية واستثمارات معرض إكسبو دبي 2020، والمشاريع الخاصة بتطوير شبكات المترو والاتصالات والسكك الحديدية وتوسيع المطارات وتنمية قطاع النقل البري والبحري والجوي، فضلاً عن الاستثمارات في البنى والمرافق السياحية والتعليم والبحث العلمي والصحة والعقارات والطاقة والطاقة المتجددة والمدن الذكية، بالتوازي مع دعم دور القطاع الخاص وتعزيز مساهمته في مسيرة التنمية، ولا سيما مع مبادرات المسؤولية المجتمعية التي تم اعتمادها في إطار الاستراتيجية الوطنية لعام الخير، فضلاً عن مواصلة تنمية القطاعات الجديدة والواعدة مثل الاقتصاد الإسلامي.
وبلغ إجمالي الاستثمارات الوطنية خلال عام 2016 نحو 303 مليارات درهم، منها نحو 146.5 مليار درهم استثمارات حكومية، بارتفاع طفيف عن عام 2015 بلغت نسبته 0.4%، فيما وصلت استثمارات القطاع الخاص خلال العام نفسه إلى نحو 156.5 مليار درهم.
وعلق الوزير بأن تواصل ونمو الإنفاق الاستثماري على مشاريع التنمية والتنويع الاقتصادي يعكس جانباً مهماً من الاستراتيجية الحكومية، حيث لم تؤدِّ الضغوط الاقتصادية الناجمة عن تراجع وتقلب أسعار النفط، وتطبيق سياسات ترشيد الإنفاق الجاري وضبط أوضاع المالية العامة إلى توقف أو تراجع تلك المشاريع، فضلاً عن مواصلة الجهود لدعم التنوع والاستدامة والابتكار، وهو ما نلمسه في تكوين هيكل الاستثمار لعام 2016، حيث بلغ نصيب الاستثمارات غير النفطية ما نسبته 88% من إجمالي الاستثمارات الوطنية مقارنة بنحو 84% في عام 2015، واستحوذ قطاع النقل والتخزين والاتصالات، وهو من قطاعات الاستراتيجية الوطنية للابتكار، على أعلى حصة من إجمالي الاستثمارات بنسبة تزيد على 18%، يليه القطاع العقاري بنسبة 16.4%، فيما استحوذت الصناعات التحويلية على أكثر من 8.3%، وتجارة الجملة والتجزئة والصيانة على 7.4%.
وأكد المهندس سلطان بن سعيد المنصوري أن زيادة جاذبية الدولة للاستثمار الأجنبي المباشر تمثل مستهدفاً وطنياً استراتيجياً تشرف عليه وزارة الاقتصاد، نظراً لأهميته في تعزيز التنوع ورفد الاقتصاد بالسيولة المالية وتنشيط حركة التجارة وتحسين المناخ الاقتصادي للدولة، فضلاً عن دفع التقدم القائم على الابتكار عبر التركيز على الاستثمارات النوعية المرتبطة بالمعرفة والتكنولوجيا والبحث والتطوير.
وأضاف إن الوزارة، بالتعاون مع مختلف الشركاء من القطاعين الحكومي والخاص، تواصل جهودها لتطوير منظومة اقتصادية تحفز الاستثمار الأجنبي المباشر وتشجعه على التوجه نحو القطاعات الحيوية التي تساهم في خلق فرص العمل ورفع الإنتاجية وتعزيز الاستدامة ونقل التكنولوجيا وتوطين المعرفة وتبادل الخبرات والمهارات، مستفيدة من الحوافز العديدة والمزايا الجاذبة التي تتمتع بها، مثل البنى التحتية والإلكترونية والذكية المتطورة، والأطر التشريعية والتنظيمية الصديقة للأعمال، والسياسات الضريبية المحفزة والإجراءات الجمركية والإدارية الميسرة، والخدمات الحكومية ذات الكفاءة العالية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي وحالة الاستقرار وغيرها.
وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى دولة الإمارات عام 2016 نحو 9 مليارات دولار (33 مليار درهم)، مرتفعاً من 8.8 مليارات دولار في عام 2015، بنسبة نمو بلغت نحو 2.3%، على الرغم من التراجع الطفيف الذي شهدته التدفقات العالمية خلال العام نفسه على المستوى العالمي، حيث انخفضت بنسبة 1.6%، فيما بلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية في الخارج في عام 2016 نحو 15.7 مليار دولار، وجاءت دولة الإمارات بذلك في المرتبة الأولى عربياً من حيث حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الصادرة والواردة، وهو ما يعكس التنافسية الاستثمارية المتزايدة لقطاع الأعمال والاستثمار في دولة الإمارات.
أما رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر التراكمي في الدولة فبلغ حتى عام 2016 نحو 117.9 مليار دولار، مرتفعاً من 108.9 مليارات دولار في 2015، وبنسبة نمو بلغت نحو 8.3%، وهو يمثل ما نسبته 16.9% من رصيد التدفقات الواردة إلى منطقة غرب آسيا، و26.5% من الرصيد الإجمالي على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. وبلغ معدل نمو الرصيد التراكمي للاستثمار الأجنبي المباشر في الدولة خلال الأعوام الخمسة الماضية 2011-2016 نحو 10.7%.
وأكد المنصوري أن هذه الريادة الاستثمارية وجدت صداها في تبوؤ دولة الإمارات المرتبة الأولى عربياً و12 عالمياً بين قائمة الاقتصادات الواعدة للاستثمار خلال الفترة 2017 – 2019، وفقاً لتقارير الأونكتاد، مشيراً إلى أن تنوع الاقتصاد الوطني كان أحد العوامل الرئيسية للجاذبية الاستثمارية، حيث مثلت الصناعات التحويلية والصناعات الثقيلة كالألمنيوم والبتروكيميائيات، فضلاً عن قطاعات السياحة والطيران والعقارات وخدمات الأعمال والخدمات المالية والتأمين وتجارة الجملة والتجزئة، المحددات الرئيسية لهيكل الاستثمار الأجنبي في الدولة.
وذكر أن المرحلة المقبلة مرشحة لاستقبال مزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في ظل المشاريع التنموية والاستثمارات الموجهة إلى قطاعات الابتكار، واستضافة إكسبو 2020، والجهود المتواصلة لتعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية للدولة، ولا سيما على صعيد التشريعات، حيث يجري العمل لسن قانون اتحادي حديث ومتطور للاستثمار الأجنبي، وسيوفر مزيداً من الحماية والتشجيع للاستثمارات الأجنبية المباشرة.