زار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، معرض الحكومات الخلاقة الذي تستضيفه القمة العالمية للحكومات في دورتها الخامسة، وينظمه مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي.
وتجول سموه في المعرض الذي يضم 13 ابتكاراً حكومياً من 12 دولة.
وتهدف القمة العالمية للحكومات من خلال المعرض إلى إلقاء الضوء على أهم التجارب الحكومية العالمية غير التقليدية في مواكبة التطور العلمي والتقني، وتسخير مخرجات العلوم لخدمة شعوب العالم والارتقاء بمستوى الأداء الحكومي في تقديم كافة الخدمات.
وقال سموه: “لقد تحولت القمة العالمية للحكومات وكجزء أصيل من عملها إلى منصة عالمية للابتكار، تحتضن المواهب وتستعرض النتائج وتلهم حكومات العالم لتسخير العلوم والتقنيات الحديثة لما فيه خبر الإنسانية جمعاء”. وأضاف سموه: “الابتكار في الحكومات ليس ترفاً فكرياً، أو تحسيناً إدارياً، أو شيئاً دعائياً؛ الابتكار في الحكومات هو سر بقائها وتجددها، وهو سر نهضة الشعوب وتقدم الدول”.
وأضاف : “إن المعرض يقدم اليوم نموذجاً عن توظيف العلم والابتكار والإبداع في خدمة الشعوب، وأمثلة عما يمكن أن تقوم به الإرادة عندما تجتمع مع العلم والعمل والالتزام بمصالح المواطنين”. وأشاد سموه بجهود القائمين على المعرض ومنظميه، الذي، حسب تعبير سموه، يعزز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمرجعية معرفية وعلمية عالمية، وحاضنة للابتكارات والابداع في مختلف مجالات العمل الحكومي.
وقال سموه: “عندما تكون الحكومات مبتكرة فإن بيئة الدولة تكون كلها مبتكرة، وعندما تشجع البيئة على الإبداع والابتكار تنطلق طاقات الناس نحو آفاق جديدة، وتتفق مواهبهم، ويصبح تحقيق أحلامهم وطموحاتهم ممكناً، وهذا أحد أسرار نجاح الدول التي تشجع شعوبها على الابتكار”.
وأكد سموه بأن النهج الذي تسير عليه حكومة دولة الإمارات العربية يكمن في التوازن الدقيق في عملية تنمية البنية التحتية المرئية للدولة من طرق ووسائل نقل واتصالات، وتنمية البنية التحتية غير المرئية كتطوير الأنظمة الحكومية والتعليم والمهارات وصناعة التطبيقات التكنولوجية وإجراء الأبحاث والدراسات ودعم الابتكارات.
وأشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم إلى نمط العمل الحكومي المتقدم في دولة الإمارات موضحاً بأن السبب الرئيس لتفوق الأداء الحكومي يكمن في إدارة مؤسسات الدولة بأسلوب مبتكر طيلة السنوات العشر الماضية كمؤسسات خاصة تنافس القطاع الخاص، وتعمل بعقليته نفسها، وتتبنى أفضل ممارساته، وتقاس أعمالها وخدماتها بمعاييره نفسها.
وأوضح سموه أن نمط إدارة الحكومة على المستوى الوطني ارتقى إلى أبعاد جديدة من الرقي من خلال قياس سعادة المتعاملين وتصنيف مراكز الخدمات وفق أنظمة النجوم الفندقية المتعارف عليها عالمياً.
وأكد سموه أن دولة الإمارات تؤمن بأهمية استقطاب المعارف وتوطينها، منوهاً بأن عوامل تفوق وقوة الأمم تتغير، وأن التفوق في عصرنا الراهن يقاس بحجم التقدم العلمي والانتاج المعرفي التي تمكن الحكومات من أداء واجباتها في تحقيق رفاهية وسعادة شعوبها وتوظيف كافة إمكانيتها وطاقاتها من أجل تلك الغاية النبيلة، ومشدداً على ضرورة استمرار الحكومات بتبني نهج الابتكار في كافة مفاصل عملها وأن تعمل على ضمان استمرارية منظومة الابتكار من خلال إعداد جيل قادر على قيادة دفة المستقبل.
وأكد سموه أن سر تجدد الحياة وتطور الحضارة وتقدم البشرية يمكن في كلمة واحدة هي الابتكار، منوهاً بأن الحضارة الإنسانية ارتقت من مراحلها البدائية إلى مراحل النهضة التي نعيشها اليوم من خلال الابتكار والتسخير الأمثل للموارد والعقول. وشدد سموه على أن الحكومات ولضمان استمراريتها في أداء مهامها ومواجهة تحديات العصر الراهن ومتطلبات المستقبل تحتاج إلى عقول وكفاءات شابة متسلحة بالعلم تواكب التطورات التكنلوجية وتتميز بالتجدد والإبداع.
وقال سموه: “في العالم الذي نعيش فيه اليوم، أصبحت حركة العقول والمواهب والمعلومات مفتوحة كما لم يحدث في تاريخ البشرية من قبل، أصبحت مدن العالم المختلفة تتنافس لتوفير البيئة الأذكى والأكثر إبداعاً لاستقطاب هذه المواهب والاستفادة منها لبناء قوتها وتميّزها وزيادة تنافسيتها”.
وأضاف سموه: “الحكومات المبتكرة هي حكومات جاذبة للمواهب، فعّالة في الأداء، متجددة في الأنظمة والسياسات والخدمات، وهي القاطرة الأساسية لنهضة الشعوب وتقدّم الدول وارتفاع شأنها، الحكومات المبتكرة تطلق طاقات الشعوب، وترفع من قيمة عقل الإنسان”
وتابع سموه: “نتطلع في دولة الإمارات إلى المستقبل في كل ما نقوم به من أعمال وما نحققه من منجزات، وهدفنا إسعاد شعبنا والمقيمين على أرضنا وكافة شعوب العالم، والعمل على استعادة مكانة الحضارة العربية من خلال إعادتها إلى واجهة العالم كساحةً للإبداع والابتكار والحراك الثقافي والمعرفي كما كانت على مر التاريخ كمنبع ورافد للحضارات والثقافات الأخرى”.
رافق سموه خلال الزيارة معالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل ورئيس القمة العالمية للحكومات وسعادة خليفة سعيد سليمان، مدير عام دائرة التشريفات والضيافة بدبي .
ويستضيف المعرض هذه السنة عدداً من التجارب الحكومية المميزة، والتي تم استلهام معظمها من التقرير الذي قام بتطويره مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، عن “الاتجاهات العالمية في الابتكار الحكومي”.
ويقدم المعرض لجمهوره هذه السنة، مشروع “أولمبيوم” الذي طوره ائتلاف علم ا”لميتاجينوميكس” ، وهو ائتلاف يضم 70 مدينة من جميع أنحاء العالم ، ويركز المشروع على تحليل مجموعة الميكروبات المتعايشة مع الإنسان أو أي من الأحياء الأخرى، قبل وأثناء وبعد دورة الألعاب الأولمبية، بالإضافة إلى استعراض تجربة البلديات المحلية في دولة اليابان التي قامت بتطوير برنامج “تاكانوم” الذي استخدم أحدث التقنيات لتحديد أصغر أنواع المخلفات كأعقاب السجائر، مما ساهم في جمع النفايات بفعالية أكبر وساعد العديد من المدن اليابانية على التمتع ببيئة خالية من المخلفات.
ويستضيف المعرض أيضاً، تجربة دولة “البرتغال” المبتكرة في تنظيم فعالية وطنية لوضع ميزانية تشاركية هي الأولى من نوعها على مستوى العالم بهدف تعزيز الثقة بين الأفراد والحكومة الاتحادية، وإشراك كافة الفئات الاجتماعية والمدن والأرياف في وضع التصور الأمثل للميزانية العامة للدولة، ومشروع صرف الميزانيات قبل وقوع الكوارث الطبيعية والذي ابتكرته وزارة البيئة في توغو بالتعاون مع بعض الشركاء الدوليين، وتجربة المركز الوطني لابتكارات القطاع الحكومي في الدنمارك في تعزيز ثقافة الابتكار من خلال «دليل نشر ثقافة الابتكار» الذي صممه المركز باللغة الإنجليزية لتستفيد منه مختلف دول العالم.
ويشهد المعرض هذه السنة، تجربة وزارة البيئة بجمهورية بيرو في الاستعانة بالنسور لتحديد مواقع مكبات النفايات غير القانونية، وتجربة “رابطة الحلاقين في ليون” التي ابتكرت برنامجاً يسمى ” باربر توك” للحد من حالات انتحار الرجال، وتجربة “وكلاء الحكومة المفتوحة” وهي مبادرة فريدة من نوعها ابتكرتها حكومة البرازيل من أجل الاستفادة من خبرات أفراد المجتمع لتعزيز أداء موظفيها، وسيتعرف زوار معرض الحكومات الخلاقة لهذه السنة على حملة “لا تدفع” التي ابتكرها طالب في جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة الأميركية وهي عبارة عن “أول محامي روبوت مجاني في العالم”.
وستعرض مدينة بروكلين أول تجربة عملية للتبادل التجاري للطاقة بين الأفراد على قاعدة بيانات إنترنت التعاملات الرقمية “البلوك تشين”. أما فنلندا فستقدم لزوار المعرض تجربة إنشاء المنصة الإلكترونية “بليس تو إكسبريمنت- Place to experiment – ” التي تعمل على تمويل التجارب البسيطة التي يجريها الأفراد، وتمكن المستخدمين من الحصول على البيانات والمعلومات والأدلة حول السبل العملية لإطلاق المبادرات بما يضمن نجاحها بشكل فعال. وتقدم بلدية وارسو تجربتها المبتكرة في تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، حيث أطلقت المدينة تطبيق «مدينة وارسو الافتراضية”، الذي يحولها إلى مدينة ذكية افتراضية تستند إلى تكنولوجيا إنترنت الأشياء لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية.
وسيقدم المعرض لزواره هذه السنة نموذج عن دار «لانترن» لرعاية المسنين في الولايات المتحدة الأمريكية التي تم تصميمها لتكون نسخة عن البيئة المنزلية التي يألفها الإنسان ويبني فيها ذكرياته، وذلك بناء على نتائج إحصاءات العام 2016 التي كشفت أن مرضى الزهايمر يشعرون بارتباط شديد بذكرياتهم القديمة أكثر من الذكريات الحديثة.
وتشكل القمة العالمية للحكومات منصةً دولية رائدة لاستشراف وصناعة المستقبل، وتستقطب في دورتها الخامسة 150 متحدثاً في 114 جلسة، ويشارك في أعمالها أكثر من 4 آلاف شخصية وطنية وإقليمية وعالمية ضمن وفود من 139 دولة.