تدني الرواتب والبدلات والحوافز التشجيعية، عوامل عدة، أدت لعزوف الأكاديميين المواطنين عن العمل في قطاع التعليم العالي، حيث تبلغ نسبتهم 9 % فقط، ما دفع المجلس الوطني الاتحادي للمطالبة بإعادة النظر في رواتب التعليم العالي.
وبدورهم، أكد ممثلو وزارة التربية والتعليم – شؤون التعليم العالي والبحث العلمي، أن مؤسسات التعليم العالي الحكومية لها استقلاليتها، ودور الوزارة تنسيقي ورسم السياسات العامة للمؤسسات التعليمية، وأفاد ممثلو الجامعات والكليات الحكومية، أنه تم إعداد دراسة حول مشروع رفع رواتب هيئة التدريس بشكل عام وللمواطنين بشكل خاص، وتم تقديمها للمجلس التنسيقي في وزارة التربية والتعليم – شؤون التعليم العالي والبحث العلمي، ومن ثم إلى مجلس الوزراء لاعتمادها، وفي حال اعتمادها، ستكون هناك زيادة حوالي 30 % إلى 40 % في رواتب أعضاء هيئة التدريس المواطنين.
لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والأعلام في المجلس الوطني الاتحادي، أوضحت أن استقطاب الكوادر الأجنبية للعمل في هيئة التدريس، وضعف الدور الرقابي لوزارة التربية والتعليم، وعدم وجود خطة معتمدة للتوطين، أدى إلى تدني نسب التوطين في الجامعات والكليات الحكومية وتدني نسب التوطين في الجامعات الخاصة والمناطق الحرة.
وأوصت بإعادة النظر في الرواتب والبدلات والحوافز لأعضاء هيئة التدريس والعاملين في قطاع التعليم العالي، وتعديل نظام الترقيات الأكاديمية والمالية، بما يضمن استقطاب المزيد من الكوادر الأكاديمية المواطنة.
وقالت اللجنة إنه بالرغم من أن عملية استقطاب وتقييم أداء أعضاء هيئة التدريس في جميع الجامعات والكليات، تعتمد على تقييم كل الأداء التدريسي والأداء البحثي وأنشطة خدمة المجتمع، إلا أنه لوحظ صعوبة قيام أعضاء الهيئة التدريسية بالإشراف على المشاريع البحثية، وذلك نظراً لارتفاع نصاب التدريس، سواء في المساقات التدريسية، أو في عدد الساعات المخصصة لكل عضو في جامعات الدولة بمعدل من 9 إلى 12 ساعة معتمدة في الأسبوع، خلافاً لمتوسط النصاب في الجامعات العالمية، والتي تقدر بـ 6 ساعات فقط، وكذلك صعوبة حصول أعضاء الهيئة التدريسية على الترقيات، خاصة أن إعداد البحوث العلمية يتطلب نظام تحكيم الأبحاث بلغة أجنبية، ونشرها في المجلات العلمية الدولية المعتمدة، لتحقق اللازم من سلامة العمل الأكاديمي وجودته.
وأشارت اللجنة إلى انخفاض عدد الملتحقين ببرنامج المعيدين في جامعة الإمارات منذ عام 1990، بسبب انخفاض الرواتب، والحوافز التشجيعية، واستقطاب الكوادر الأجنبية للعمل في هيئة التدريس.
وأكدت أن قضية التوطين في الجامعات والكليات الحكومية قضية حتمية بالمفهوم الشامل. وبدورهم، رد ممثلو وزارة التربية والتعليم – شؤون التعليم العالي والبحث العلمي على ملاحظات اللجنة، في شأن تدني نسب التوطين في مؤسسات التعليم العالي، حيث أكدوا أن مؤسسات التعليم العالي الحكومية لها استقلاليتها، ودور الوزارة تنسيقي، ورسم السياسات العامة للمؤسسات التعليمية.
فيما أفاد ممثلو الجامعات والكليات الحكومية، بأنه تم إعداد دراسة حول مشروع رفع رواتب هيئة التدريس بشكل عام وللمواطنين بشكل خاص، وتم تقديمها للمجلس التنسيقي في وزارة التربية والتعليم – شؤون التعليم العالي والبحث العلمي، ومن ثم إلى مجلس الوزراء لاعتمادها، وفي حال اعتمادها، ستكون هناك زيادة حوالي 30 % إلى 40 % في رواتب أعضاء هيئة التدريس المواطنين.
وأكد ممثلو جامعة الإمارات، في شأن استقطاب أعضاء الهيئة التدريسية من المواطنين كمعيدين في الجامعة، بانخفاض نسبة الالتحاق ببرنامج المعيدين في الجامعة، وذلك بسبب انخفاض الرواتب، وعدم تقبل المكانة الاجتماعية لمهنة التدريس في الجامعة. وحددت وزارة المالية 70 وظيفة للمعيد، وتم استنفاد جميع الوظائف، كما تم تحديد سقف الرواتب لتغطية جميع الاحتياجات التدريبية، وبالتالي، قررت الجامعة تخفيض السنة التأسيسية إلى سنة واحدة للطلبة لزيادة نسبة المعيدين في الجامعة.
وتعمل الجامعة بشكل دؤوب على استقطاب الهيئة التدريسية من المواطنين لعام 2016، وذلك عن طريق البحث في الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة على المواطنين والمواطنات الحاصلين على درجة الماجستير، لتعيينهم محاضرين ومن ثم إعدادهم للحصول على درجة الدكتوراه. وتشجيع العاملين لدى الجامعة للانخراط في برامج الماجستير، وتغطية المصاريف الدراسية، وإعطاء إجازات تفرغ دراسية للمواطنين للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه.
ومن جانبه، حذّر الدكتور محمد عبد الله البيلي نائب مدير جامعة الإمارات، من هجرة الكفاءات التدريسية والعقول العلمية، نتيجة ضعف الرواتب الممنوحة لهم، في ظل حالة التنافس والاستقطاب التي تشهدها الجامعات محلياً وعالمياً، وقال إن الجامعات غير قادرة على الحفاظ على الكفاءات الجامعية أو استقطاب آخرين بسبب ضعف الرواتب والحوافز، معتبراً أن تطرق المجلس الوطني الاتحادي لهذه المسألة ضروري وملح.
وأشار الدكتور عتيق جكة مدير مركز جامعة الإمارات للسياسة العامة والقيادة، عضو هيئة التدريس في قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات، إلى أن التوجه بإعادة النظر في رواتب العاملين في قطاع التعليم العالي، سيسهم في استقرار أعضاء هيئة التدريس، والحد من عمليات التسرب إلى أماكن عمل أخرى، تمنح امتيازات أفضل.
وأوضح أن جامعة الإمارات حققت نجاحات في توطين كوادرها من أعضاء هيئة التدريس، وتشجيع طلاب الدراسات العليا والمعيدين، ما ساهم في تحقيق الرؤية الوطنية والاستراتيجية لاستشراف المستقبل.مخرجات
وبين الدكتور جمال النعيمي وكيل كلية التربية في جامعة الإمارات، أن مطالبة أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بضرورة إعادة النظر في سلم الرواتب والترقيات لأعضاء هيئة التدريس في مؤسسات التعليم العالي، جاء في إطار الجهود المبذولة من حكومتنا الرشيدة الهادفة إلى تشجيع أعضاء التدريس وتوفير والكوادر الوطنية، للانخراط في هذه المهنة، والمشاركة في الارتقاء بدور ومخرجات مؤسسات التعليم العالي.
وأكد الدكتور أحمد مراد عميد كلية العلوم في جامعة الإمارات، أن أعضاء هيئات التدريس في مؤسسات التعليم العالي، يبذلون جهوداً كبيرة لإعداد الكفاءات الوطنية من كافة التخصصات الأكاديمية التي تطلبها مشاريع التنمية الوطنية، وبين أن توفير الاستقرار المادي والارتقاء بمكانة عضو هيئة التدريس، وتعزيز مكانته الأكاديمية والمجتمعة، من شأنه أن يشجع على الإبداع والابتكار.
وقال ممثلو كليات التقنية العليا، إن كليات التقنية منذ عام 2013 عملت على تطبيق مبادرات لزيادة نسبة توطين أعضاء هيئة التدريس في الكليات، كان أهمها مبادرة برنامج «هادف»، والذي يهدف إلى استقطاب أعضاء هيئة التدريس المواطنين، وتدريبهم وتطوير مهاراتهم التدريسية، عن طريق تقديم حوافز مشجعة، كتحمل نفقات حصولهم على درجات الماجستير التي تؤهلهم للتدريس في البرامج الأكاديمية للكليات، بالإضافة إلى تدريبهم على أحدث الطرق التدريسية.
وأكد الدكتور عبد اللطيف الشامسي مدير مجمع كليات التقنية العليا، أن العنصر المواطن في العملية التعليمية أساسي، لأن التعليم هو الركيزة في بناء الاقتصاد المعرفي، ومن الضروري أن تكون الكوادر الوطنية، هي من تقود هذه المنظومة لتحقيق الطموحات الوطنية.
ومن ناحيته، قال الدكتور رياض المهيدب مدير جامعة زايد، أن توصيات المجلس الوطني تأتي ضمن الدعم الكبير الذي تحظى به مؤسسات التعليم العالي في الدولة، وفي ضوء الدور المستقبلي الذي يتطلع له الوطن لهذا القطاع، وبين أنه بالنسبة لإنشاء هيئة للبحث العلمي، فهنالك قبول كبير لها في الأوساط العلمية، حيث إن الأجندة الوطنية 2021 تدعو إلى مضاعفة الإنفاق على البحث العلمي كنسبة من الدخل الوطني، كما قامت الدولة بإعداد استراتيجية الابتكار وتحديد المجالات ذات الأولوية.
الامتيازات تحد من هجرة الكفاءات نحو الجامعات الخاصة
طالبت نخب أكاديمية أن يكون هناك امتيازات تجعل من المناخات بيئة عمل جاذبة، وتحد من هجرة الكفاءات نحو الجامعات الخاصة، وأكد الأستاذ الدكتور حميد مجول النعيمي مدير جامعة الشارقة، ضرورة توفير كل الوسائل والأدوات لاستقطاب الأكاديميين المواطنين، من خلال توفير كل الصيغ اللازمة لاستقطابهم من نظم ولوائح وقوانين وامتيازات وأدوات عمل سهلة ميسرة، تجعل من هذه المناخات بيئة عمل جاذبة. وبين أن جامعة الشارقة قامت بإعداد لائحة لتنظيم إيفاد ومتابعة مساعدي التدريس خلال مدة دراستهم من أجل الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه أو كليهما في التخصص المطلوب، حيث يتم تعيين المبتعث كعضو هيئة تدريس بالجامعة، عند حصوله على الشهادة المطلوبة، وهناك لجنة تم تشكيلها بالجامعة لهذا الغرض تحت اسم «اللجنة العامة للبعثات»، وضعت السياسة العامة للبعثات وفق احتياجات الجامعة، وهي معنية أيضاً في البت في ترشيح المتقدمين لشغل وظيفة مساعد تدريس للابتعاث، في ضوء توصيات لجان البعثات بالكليات الأكاديمية، ومراجعة وإقرار الخطة العامة السنوية لبعثات الجامعة ومتابعة تنفيذها، بالإضافة إلى المعايير العامة والمتطلبات المعتمدة للجامعات التي يدرس بها الطالب المبتعث.
وأوضح مدير الجامعة أن من بين هذه الشروط للحصول على هذه الفرصة من المواطنين، أن يكون طالب البعثة حاصلاً على معدل لا يقل عن 3.3 من 4 نقاط، وأن يقبل طالب البعثة أن يعمل معيداً في كليته لمدة سنة كاملة، قبل أن يتم ابتعاثه للخارج، وأن يكون حاصلاً على علامة TOFEL أو IELTS، تتفق مع شروط الجامعة المبتعث إليها، أو تلك التي سيقبل فيها، ويمكن للطالب الحصول على هذه العلامة خلال عمله لمدة سنة كمعيد في الجامعة، مشيراً إلى أن مدة الابتعاث 4 سنوات، وأن يقبل الطالب بتعيينه بجامعة الشارقة، بعد حصوله على درجة الدكتوراه كعضو هيئة تدريس حسب المعايير والإجراءات المتبعة لديها في ما يتعلق بتعيين أعضاء هيئة التدريس، علماً بأنه للطالب المبتعث راتب شهري يمكنه من العيش براحة واكتفاء في الدولة التي يبتعث إليها.
وأشار الدكتور محمد أحمد عبد الرحمن مدير كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي، إلى أن توصيات المجلس الوطني الاتحادي، تعتبر خطوة نوعية لدعم وتطوير مسيرة التربية والتعليم، التي تعتبر حاضنة لأكبر شريحة من أبناء الدولة والمجتمع، وعماد مستقبل الوطن.
وأضاف أن هذه التوصية سيكون لها الأثر الإيجابي الكبير من خلال استقطاب الكفاءات المواطنة، وتشجيعهم للانخراط في هذا القطاع الهام والحيوي، وجعل البيئة محفزاً.
وذكر أن الكلية رسمت خطتها منذ 30 عاماً على نهج وسياسة الدولة التعليمية والتربوية، من خلال ما تقدمه من مخرجات أكاديمية وتخصصات تنفرد بها، كان لها بصمة راسخة في سوق العمل الإماراتي والخليجي، فضلاً عن دورها في تعزيز البحث العلمي من خلال برامج الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه للإناث، الذي يتم فيه التركيز على تقديم أبحاث ودراسات تخدم المجتمع.