يُحكى أَنْ مساءاً مر من هنا ، ومعه وردة جميلة ، يهديها للأحبة ، يرويها من ذاته ، يسقيها من حبه ، يعطيها من حنانه ، يهديها لأحبته …
ذات يوم ، مر المساء كعادته ، ولكن لاحظ الجميع أنه مع ذاته ، فأندهش من حوله ، وتسآلوا بصمت ، ونظرات كلها إستفهام ، أين وردته ؟!!!
فهم المساء ما بجعبت الجميع ، من نظرات عطف وإستفهام ترسمها ملامح وجوههم ….
تشجع أحدهم وأقترب منه وأمسك بيده ، ما بالك اليوم وحيداً ؟! أين الورد الجميل التي عهدناها منك ؟!!!
أين وردتك يا مسائي ؟!!! فهي حياتك ، كيف لك أن تأتي بدونها ؟ كيف لك أن تتركها ؟!!!
هنا ؛ وفي هذه اللحظة ، سقطت دمعة ساخنة من عين المساء ، ووجه مطأطأ الى الأرض ، وعبارة قد خنقت لم تستطع الانطلاق والتعبير …
أندهش الجميع ، فإذا بهم وبصوت واحد ، يسألون وبصوت عالٍ : ما بالك يا مساءنا اليوم ؟ أين إبتسامتك التي عهدناها منك ؟ أين البشاشة ؟ أين الحب وأين الورد ؟!!! وهم لا يعلمون أين ذهب الورد ؟!!!
ذبل الورد ، جملة رددها المساء بصوت مخنوق وحزين .
وأمام ذهول الجميع ، اذا بسؤال آخر يرن بمسامع المساء ، كيف هذا ؟! ولماذا ؟!!!
آلا يعلمون أن الورد يحتاج إلى رعاية وإهتمام ؟!!
ألا يعلمون أن الورد يحتاج إلى إحتواء ؟!!
من قال لهم أن الورد لا يسمع ولا يفهم ؟!!
ألا يعلمون أن الورد لغة المشاعر والأحاسيس ؟!
نعم ؛ هو كذلك ، ولكنهم تجاهلوه ، كان المساء يأتي لهم بالورد كل ليلة ، ولم يشعروه يوماً أنه شيئ جميل ؟!
لم يتكلموا معه ؟ ولم يهمسوا له بجملة أو حرف ؟!
كان بينهم ؟ وها هو اليوم بعيداً عنهم …
حزن الورد ، وذبل ولم تعد به حياة ، بينما في السابق ، كان مفعماً بالحياة ، وكانت رائحته تتطاير من بعيد .
أما الآن ، أصبح المساء وحيداً ، بل مجروحاً …
فجأة ، وبدون سابق إنذار ، وكالعادة ، لم يسمح المساء للهزيمة أن تتسلل الى حياته ، وقف صامداً شامخاً ، أنتشل نفسه في الوقت المناسب ، أخذ جرعة كبيرة من حب الذات ، لأنه في هذا الوقت هذا ما يحتاجه …
ذهب لأجمل البساتين ، وجلب منها أجمل مافيها من باقات ، أخذ ينثر الورد هنا وهناك ، أنطلق إلى عالم الحب والعطاء والعظماء …
نعم أحبتي ؛ إنه المساء ، هذا ما عهدنا منه ، وهذا ما ننتطر منه ، هكذا هو حتى وإن عصفت به الرياح .
ربما ينحنى ويستسلم ، ولكن ؛ سرعان ما ينهض ويبتسم …
لنرفع قبعة التحية لهذا المساء ، فأنا ممتنه له ولمواقفه النبيلة معي ، ومن دروسه الجميلة التي أتعلمها منه يوماً بعد يوم …
لنكن هكذا ، كهذا المساء ، لا يأس مع الحياة ، ولا حياة مع اليأس ، تلك هي حكاية مساء .
بقلم: خولة الطنيجي – الإمارات