بعد يوم من ترحيب زعماء الاتحاد الأوروبي بعرض تركيا، أن تأخذ مرة أخرى كل المهاجرين الذين يعبرون إلى أوروبا من أراضيها مقابل امتيازات مالية، قالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن الاتفاق يتعارض مع حقوق حماية المهاجرين بموجب القانونين الأوروبي والدولي. وسط تحفظ فرنسي بريطاني على خطة أنقرة.
وقال المدير الإقليمي للمفوضية في أوروبا فينسنت كوتشيتيل، إن التزام أوروبا بإعادة توطين 20 ألف لاجئ على مدى عامين على أساس اختياري، مازال منخفضاً جداً، وأردف قائلاً في بيان صحافي في جنيف: «الطرد الجماعي للأجانب محظور بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان»، وأضاف: «أي اتفاق يكون بمثابة عودة جماعية لبلد ثالث لا يتفق مع القانون الأوروبي ولا يتفق مع القانون الدولي».
وقال كوتشيتيل، إن أوروبا لم تف حتى باتفاقها في سبتمبر الماضي على إعادة توطين 66 ألف لاجئ من اليونان، وقامت حتى الآن بإعادة توزيع 600 فقط داخل الاتحاد.
وأضاف أن تركيا تؤوي نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري، وهو أكبر عدد في العالم، ولكن معدلات قبولها للاجئين من أفغانستان والعراق متدنية جداً، وتبلغ نحو ثلاثة في المئة. وأضاف: «أتمنى وضع عدد معين من الضمانات الإضافية خلال الأيام العشرة المقبلة حتى يتسنى النظر في طلبات (اللجوء) الخاصة بالأشخاص الذين تتم إعادتهم إلى تركيا».
من جهته، أوضح الناطق باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وليام سبندلر: «ستكون هناك حاجة لضمانات قانونية تحكم أي آلية يتم بموجبها نقل المسؤولية عن تقييم طلب لجوء».
من جهتها، أبدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قلقاً عميقاً بشأن الاتفاق، مشيراً إلى أن «تفاصيل كثيرة جداً مازالت غير واضحة. وقالت الناطقة باسم اليونيسف سارة كرو: «المبدأ الأساسي هو (عدم الإضرار بأحد) لا بد وأن يسري على كل خطوة».
وتابعت: «هذا يعني أولاً وقبل كل شيء ضرورة حماية حق الأطفال في طلب حماية دولية. يجب عدم إعادة الأطفال إذا كانوا يواجهون أخطاراً من بينها الاحتجاز أو التجنيد الإجباري أو الاتجار أو الاستغلال».
في المقابل، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح بالنسبة للجهود الأوروبية لحل أزمة المهاجرين فيها، وذلك بعد أن توصل زعماء الاتحاد الأوروبي إلى مسودة اتفاق مع تركيا بهدف وقف تدفق اللاجئين على أوروبا.
وأضافت أن الأمور يمكن أن تسير بوتيرة أسرع، لكن بشكل عام تسير الأمور في الاتجاه الصحيح، وتابعت أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يخصص حصصاً للاجئين العراقيين، إلى جانب حصص اللاجئين القادمين من سوريا.
يستحدث مشروع اتفاق للاتحاد الأوروبي مع تركيا، بهدف منع المهاجرين من الوصول إلى اليونان قدراً أكبر من الإكراه في التعامل معهم، في إطار استجابة الاتحاد الأوروبي لأزمة أحدثت شرخاً في صفوفه، وهي الاستجابة التي استهزأ بها المنتقدون ووصفوها بأنها ضعيفة حتى الآن.
ومع ذلك، فإن الخطة التي وصفها رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، بأنها ستغير قواعد اللعبة وتقضي بأن تقبل تركيا مرة أخرى لا المهاجرين بسبب عوامل اقتصادية فحسب، ممن يصلون إلى الجزر اليونانية بل واللاجئين من سوريا، هي أقوى ما اقترح من خطوات حتى الآن لتغيير حسابات أزمة الهجرة.
وإذا تم الاتفاق على الخطة وأفلحت فيما تهدف إليه، فلن يكون ركوب زورق من شاطئ تركي بمدخرات العمر – بل في رحلة ربما تكون مقابل الحياة نفسها – سبيلاً لحياة أفضل في ألمانيا بل مجرد نزهة سريعة ذهاباً وإياباً في تركيا.
وقال دبلوماسيون إن عدة حكومات أوروبية لديها تحفظات قوية على المقترحات التركية. فقد قال دبلوماسيون إن قبرص تخشى التخلي عن حقها في استخدام حق النقض (الفيتو) في ما يتعلق بجوانب من عملية الانضمام، ما دامت أنقرة ترفض الاعتراف بقبرص أو تتعامل معها. كذلك فإنها تخشى تعطيل المحادثات التي تهدف لإنهاء تقسيم الجزيرة المستمر منذ عشرات السنين.
وتعارض فرنسا التي تتشكك في إمكانية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، أي تخفيف سريع لشروط التأشيرة للأتراك. وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إنه سيتعين على تركيا الوفاء بعدد 72 معياراً من بينها تحديث وثائق الهوية التركية.
كذلك تخشى بريطانيا أيضاً، أن توحي عناوين الصحف بأن 75 مليون تركي قد يسافرون قريباً بسهولة أكبر في مختلف أنحاء أوروبا، وذلك رغم أن بريطانيا ليست عضواً في منطقة شينغن.
وأكدت النمسا تمسكها بسياستها الحالية تجاه اللاجئين بعد القمة الأوروبية التركية بشأنهم في بروكسل.
قالت وزيرة الداخلية النمساوية يوهانا ميكل لايتنر: «لن نتراجع مليمتراً واحداً عن موقفنا، أي أن مقدونيا ستظل مغلقة».