|  آخر تحديث أكتوبر 29, 2022 , 22:39 م

التضحية والاختيار


التضحية والاختيار



 

تسمعُ شهقاتِ عظامكَ تصرخُ بالزفير الأخير، ربما هي تنذرك بعصيانٍ سيدوم طويلاً لما فعلته بها على مدار السنين من عدمِ الرحمةِ والاكتراث التي هلكتَ بها جسدكَ ليكون جسراً آمناً لعبور الآخرين.

دائماً تتحمل المرض لكي يبقى وجهك مبتسماً فلا تشعرهم بعبوسٍ حامضٍ يلوي رقابهم بالتذمر، وفي كلَّ الأوقات كنتَ متوافقاً مع مطالبهم وتقول نعم أنا موافق كما تريد وكما تحب،وتسعى بأقصى جهدٍ منك وبأقسى أنواع الكبت على ربيعِ روحك التي كانت تنادي يكفي أكادُ أذوب كدمٍ ضاع في بحرٍ هائج فلم يبقى له أثر،وهذا فقط لكي لا يغيرون أسلوبهم الطبيعي معك.

في كلِّ الساعات تسعى لراحتهم وتقدم حكايا شهرزادية وتخترعَ أسلوباً مضحكاً ومسلياً وكثيراً ماتتحول لأديباً وشاعراً وشخصاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ونفسياً ورومنسياً وربما همجياً في بعضِ الأوقات لكي تمشي على هواهم وعلى مزاجهم وحزنهم وانحرافهم وبشاعتهم ،فتتناسب معهم وتنسى طينتك الأساسية وشخصيتك التي من المحتمل أن تعجب الآلاف، ثمَّ أنت تزيدُ من حطبكَ وتعود بكلَّ غباء وتسأل ماذا تهوى اليوم وأيُّ الأفكار والقوانين تريد أنْ تفرضها وتعدلها في دستورك ،فيهز برأسه كأنَّما شعر بالانتصار وكأنَّه فتح الأندلس من كلمةٍ غبيةٍ أشّعرتهُ برجولةٍ مزيفة راحَ يتكلم فيها ويتفاخر أمام أشباهه المندثرين، ثم تكتشف بأنَّك كنتَ ضحيةً يرقصون من ورائها حكاية انتصاراتٍ تحكي مجدَ مستقبلهم اللعين الذي يمتلئ بمئاتِ الفرائس التي تحولت لأرقامٍ في دفاترهم المتسخة بصفقات الجشع.

_ثمَّ يذهبون ويتركونك تصارع لوحدك عند أتفه موقفٍ قلت فيه لا

وتقاتل عقارب الساعة التي جعلتك تنسى سنين عمرك عندما أوقفتها على شخصٍ سببَ لكَ شعلةَ احتراقٍ من بدايةِ اصبعك حتَّى مقدمة رأسك فذبت كقطراتٍ عديدة على طول ِالطريق،عندها أضعتَ الحياة وأنت تقفُ في محطةٍ واحدة لا تحركُ ساكناً،يحالفك الندم مماتبقى ويخالطك الأسف حتَّى عندما استيقظتَ وشاهدتَ النور لكن :مرَّ المركب ولم يعد ..

لقدْ عبر كلّ شئٍ كأوراقِ خريفٍ صفراء بعثت في الجوفِ هشاشةً مع كلِّ موقفٍ لم تعترض فيه على أسلوبٍ لا يليقُ بك،
لكن لو عادت بك الدنيا للوراء من المؤكد أنَّك سوف تعطيهم درساً في الشجاعة ،وتكون سيد المقال وسيد التعبير عن طموحك وأحلامك وعلمك الذي لم تكمله وتعمل به ..
إلى من لم يقع في الحبل والقفل والشباك انطلق واصرخ هناك جنةً مليئةً بثراءِ الحريّة، اهرب من فكي المقص وكن مؤمناً أنّكَ ستحصل على جناحين ممتدين إلى أبعد من الأرض وأفردهم إلى كواكب الفضاء لتشعر بنشوة الحريَّة ،وافعل ماتحبه نفسك لا مايمليه الأخرين،لأنَّ الألوان في نظر الظلام كلها عادية لا تعني له شيئًا سوى السواد ..
ومن حول فرحك لليلٍ لا يستحق حتى قطراتٍ من شعرك المبلل.

 

 

بقلم: سلام القواريط


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com