البحرين.. في مؤتمر دولي عقدته الجامعة الأهلية ..

صادق السويدي – البحرين

ناقشت جلسات المؤتمر الدولي حول “الإلهام واتجاهات التصميم المبتكر” الذي تنظمه الجامعة الأهلية، في ويندهام هوتل بخليج البحرين، قضايا الهوية والدين وارتباطاتها بالتصاميم المعمارية.

وقالت الدكتورة مي الصفار، رئيسة قسم التصميم الداخلي بالجامعة الأهلية بمملكة البحرين، إن هذه الأبحاث مهمة جدًا لتأكيد الارتباط الوثيق للفن والعمارة والتصميم بالهوية والأرض والتاريخ، مؤكدة في الوقت نفسه أهمية تعزيز التصميم المستدام والاستفادة من التكنولوجيا.

ودعت الدكتورة مي الباحثين والمصممين إلى الاستفادة من الجلسات وورش العمل المرافقة، مشددة على أهمية تبادل الأفكار والخبرات.

واستعرضت أستاذة العمارة بجامعة البحرين، البروفيسورة نجلاء علاني، أهمية الحوار بين التقاليد الإسلامية والمسيحية في تشكيل العمارة عبر التاريخ، حيث أوضحت أن العمارة المقدسة (الدينية) ليست مجرد أشكال فنية، بل هي انعكاس للقيم الروحية والمجتمعية التي تتجاوز الزمن. لافتةً إلى أن المساجد، على سبيل المثال، تحمل رموزًا شكلية مثل القباب والمآذن والأقواس التي أصبحت جزءًا من اللاوعي الجمعي، لكنها غالبًا ما يُعاد تصميمها دون التعمق في المعاني التاريخية والابتكارات التي ميزتها عبر العصور.

وأشارت علاني إلى أن الحضارة الإسلامية عُرفت بانفتاحها وتفاعلها مع الثقافات الأخرى، مستشهدةً بمثال جامع قرطبة الكبير وجامع دمشق الأموي، اللذين تأثرا بالهياكل المسيحية السابقة، مما يعكس اندماجًا فريدًا بين التقاليد المعمارية. كما تناولت أمثلة من العمارة الحديثة، مثل بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي، والتي تمثل تعاونًا بين الأديان في تقديم تصميمات مبتكرة تعزز الحوار والتفاهم.

كما تحدثت البروفيسورة نجلاء عن تجربتها الشخصية التي نشأت في مدينة القيروان، أول مدينة إسلامية في المغرب العربي والمعروفة بمدينة “الثلاثمائة مسجد”. وقالت: “شكلت القباب البيضاء والضوء والظل في المساجد المحيطة بي أول دروسي في العمارة المقدسة، حيث تعلمت أن العمارة ليست فقط في الشكل، بل في المعاني التي تجسدها”.

وأوضحت أن أهمية فهم الجوانب المشتركة بين العمارة الإسلامية والمسيحية لا تقتصر على الماضي، بل تمتد إلى الحاضر، حيث يمكن لهذه التأثيرات أن تلهم المصممين المعاصرين لخلق مساحات تعكس القيم الروحية مع اعتماد التقنيات الحديثة. ودعت إلى تبني نهج أكثر شمولية في دراسة العمارة الدينية.

– ضمن جلسات مؤتمر
الإلهام والتصميم في “الأهلية”.. رئيسة العمارة بجامعة الإمارات:
– ليس المطلوب تقليد الماضي، وإنما فهمه وإعادة ابتكاره !!

ضمن جلسات مؤتمر الإلهام والتصميم في “الأهلية”، أكدت البروفيسورة خيرة أنيسة ثابت، رئيسة قسم الهندسة المعمارية بجامعة الإمارات العربية المتحدة، على أهمية العلاقة الوثيقة بين الثقافة والهوية والسلوك والبيئة كركيزة أساسية تؤثر بشكل كبير على التصميم المعماري.

وأوضحت أن التحديات الحديثة تتطلب إعادة تفسير الهوية الثقافية بطرق مبتكرة ومستدامة، مشددة على ضرورة التوازن بين التقاليد والمستقبل. وأشارت إلى أن الهوية الثقافية، باعتبارها العمود الفقري للتصميم، لا تعني تقليد الماضي بشكل حرفي، بل فهمه ومن ثم إعادة ابتكاره.

وأضافت: “يمكن استخدام عناصر معمارية تقليدية مثل الأبراج الهوائية والفناءات المركزية كوظائف أساسية يتم تطويرها بأدوات وتقنيات حديثة لتحقيق أداء أفضل يتماشى مع المتطلبات المناخية والاجتماعية المعاصرة”. كما تطرقت إلى التأثير الواضح للتصميم المعماري على السلوك الإنساني، مشيرة إلى أهمية تصميم أماكن تجمع ومساحات خضراء تعزز الترابط الاجتماعي والشعور بالانتماء.

في سياق التكنولوجيا، أكدت البروفيسورة ثابت على توفر الأدوات المتقدمة التي تساعد المصممين على تحسين الأداء البيئي للتصاميم قبل تنفيذها. وأوضحت أنه بفضل المواد المتقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن إجراء محاكاة ذكية وتحليل البيانات لتطوير التصاميم من خلال اقتراح الحلول التي تحقق التوازن بين الكفاءة والاستدامة.

واختتمت حديثها بالتأكيد على أن المستقبل يتطلب رؤية طموحة تدمج بين الإرث الثقافي والتقنيات الحديثة، بهدف خلق مدن ذكية ومرنة تراعي المناخ والاحتياجات الاجتماعية. وأشارت إلى أهمية تعزيز التعاون بين المعماريين والأساتذة والممارسين والمؤسسات والحكومات، مع تسليط الضوء على دور الطلاب كجزء أساسي من هذه الجهود.