في دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة المشهورة بناطحات السحاب الشاهقة والأسواق المزدحمة، تشتهر إحدى أبرز عائلاتها – عائلة الساري – ومجموعتها التجارية، شركة الخليج للاستثمارات العامة (GGICO).

صعود وسقوط الإمبراطورية العائلية

وفي قلب هذا القصة يوجد محمد وماجد الساري، أبناء رجل الأعمال محمد الساري. كان يُنظر إلى عائلة الساري في السابق على أنها تجسيد لقصة نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة.

GGICO، إحدى ركائز ثروة عائلة الساري، والتي كانت تبلغ عائداتها السنوية 22.038 مليار درهم إماراتي (6 مليارات دولار أمريكي)، تجد نفسها الآن في واقع الإفلاس، مثقلة بديون تتجاوز 1.836 مليار درهم إماراتي (500 مليون دولار أمريكي). وصلت المشاكل المالية للشركة إلى ذروتها في عام 2022 عندما بدأ بنك دبي التجاري (CBD) وشركة ميادين للاستثمارات إجراءات إفلاس ضد GGICO وشركة الإمارات لزيوت التشحيم المحدودة، مما أفضى إلى دين مستحق يبلغ حوالي 35 مليون درهم إماراتي (11.4 مليون دولار أمريكي).

في فبراير 2024، أمرت المحكمة الابتدائية في دبي بإجراء تحقيق مع مجلس الإدارة والمساهمين. ظلت التقارير المالية الأخيرة لشركة GGICO صامتة بشأن هذه المسألة، مشيرة إلى احتمال الإضرار بوضعها القانوني.

تعود مشاكل GGICO إلى فبراير 2019، عندما تم تعليق أسهمها من أسواق دبي المالية (DFM) بعد نزاع مع شركة ميادين للاستثمارات الأردنية حول دين يبلغ حوالي 114 مليون درهم (31.1 مليون دولار أمريكي). استمرت خسائر الشركة في التزايد، حيث وصلت إلى 1.979 مليون درهم إماراتي (0.54 مليون دولار أمريكي) بحلول مايو 2023. وتم شطبها في نهاية المطاف من سوق دبي المالي في 23 يونيو 2023.يرسم التقرير السنوي للشركة صورة غير جيدة، معترفًا بأن بقاءها يعتمد على توليد التدفقات النقدية، والحفاظ على الربحية، وبيع الأصول لتسوية الدائنين. ويؤكد أيضًا فشل GGICO في الوفاء بالتزامات السداد وبدء الإجراءات القانونية من قبل العديد من الدائنين، مما يلقي بظلال من الشك على قدرتها على الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها.وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها شركة GGICO للاضطرابات المالية، حيث سعت إلى إعادة هيكلة ديون بقيمة 2.36 مليار درهم إماراتي (642.57 مليون دولار أمريكي) في نوفمبر 2016، بعد إعادة هيكلة سابقة بقيمة 2.8 مليار درهم إماراتي (762.29 مليون دولار أمريكي) في عام 2012. ويسلط طلب الإفلاس ضد شركة GGICO في عام 2022 الضوء على نمط أوسع من سوء الإدارة داخل الشركة، والذي بلغ ذروته في تعليقها وشطبها في نهاية المطاف من سوق دبي المالي في عام 2023.

تجريد الأصول واتفاقيات البيع

ولمواجهة واقع الشركة الجديد، انخرط الأخوان الساري في عمليات تجريد الأصول وفي اتفاقيات البيع بأسعار متدنية. وتزامن ذلك مع استحواذ محمد على أصول عائلية كبيرة.

التشابكات القانونية والبحث عن المساءلة

في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وجدت محكمة بريطانية أن عبد الله، رب الأسرة، وأبنائه محمد وماجد، مذنبون بتهمة ازدراء المحكمة فيما يتعلق بإدارتهم لشركة فال للنفط المحدودة. وأصدرت المحكمة حكماً مجمعاً بالسجن لما يقرب من 6 سنوات. على الساري وأبنائه بما يقرب من 440.73 مليون درهم إماراتي (120 مليون دولار أمريكي) من الديون المستحقة لبنك دبي التجاري. امتدت التشابكات القانونية لمحمد الساري أيضًا إلى القضاء الأمريكي والعديد من الدعاوى القضائية الأخرى، بما في ذلك دعوى في مركز دبي المالي العالمي (DIFC)، حيث سعت العائلة إلى ملاذ قانوني لتبرير بعض الاتفاقات. وفي المملكة المتحدة، كان ميل العائلة إلى تجاهل متطلبات الكشف عن الأصول واضحاً. كما جذبت الاستثمارات العقارية البارزة لعائلة الساري في لندن اهتمامًا كبيرًا. بعد بيع ممتلكاتهم في مايفير، استثمروا في مسكن فاخر ضمن مشروع “ذا بريدج” في باترسي بلندن، والذي تم تسهيله من خلال الشركات المسجلة في جزر فيرجن البريطانية. وهو الاستثمار الذي أُلزِم له تعيين حارس قضائي وبيع لاحق لأسهم في شركات جزر فيرجن البريطانية بقيمة إجمالية تبلغ 49.18 مليون درهم (13.4 مليون دولار أمريكي، أو 9 ملايين جنيه إسترليني) إلى شركة مرشحة من اتفاقية التنوع البيولوجي.

التطلع إلى المستقبل

يؤكد ما سبق على الحاجة إلى تحقيق التوازن بين بيئة مؤيدة للأعمال والمساءلة والتناغم مع روح دبي العالمية. باعتبارها مركز العالم الملهم في مجال المال والأعمال.