نفذت طائرات المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل حوالي 241 طلعة جوية لتلقيح السحب والاستمطار الاصطناعي شملت أغلب مناطق الدولة، وذلك مع تزايد السحب الركامية على المناطق الشرقية والجبلية خلال 133 حالة جوية ممطرة خلال عام 2019.
وبحسب المركز الوطني للأرصاد توزعت الحالات الجوية والحالات الممطرة خلال أشهر العام الجاري إلى حالتين في شهر يناير، و16 حالة ممطرة في فبراير و16 حالة مطر في مارس و17 حالة في أبريل و7 حالات جوية ممطرة في مايو و8 حالات في يونيو و4 في يوليو و15 في أغسطس و5 في سبتمبر و14 في أكتوبر و15 في نوفمبر و15 حالة مطر حتى 14 ديسمبر، فيما تميز شهر أكتوبر 2018 بأنه الأكثر من حيث الحالات الممطرة بمعدل 20 حالة ممطرة.
وخلال الأشهر الماضية شهدت الدولة حالات من عدم الاستقرار الجوي نتيجة لتأثرها بالمنخفضات الجوية العابرة في طبقات الجو العليا مصاحبة لتشكيلات من السحب نتج عنها سقوط أمطار متفرقة ومختلفة الشدة، وعلى سبيل المثال شهدت مناطق الدولة هطول أمطار غزيرة مطلع أكتوبر الماضي أدت إلى تجمع المياه في عدد من السدود وبلغت كمية المياه المحتجزة خلال يومين حوالي 6.7 ملايين متر مكعب.
وتولي دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية متزايدة لتوفير الموارد المائية من خلال تشجيع البحث والابتكار في التقنيات الجديدة، خاصة أنها تصنف بين الدول الأكثر جفافاً على مستوى العالم، إذ يبلغ معدل هطول الأمطار السنوي نحو 100 ملم سنوياً، وتهدف عمليات الاستمطار إلى زيادة الحصاد السنوي من مياه الأمطار ودعم الوضع المائي للدولة وزيادة معدلات الجريان السطحي للأودية، وكذلك دعم المخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية.
وبحسب تقرير لوزارة الاقتصاد يبلغ العدد الإجمالي للسدود والحواجز في الدولة 130 سداً وحاجزاً تقدر سعتها التصميمية بنحو 120 مليون متر مكعب، أسهمت في تعزيز وتحسين وتنمية الموارد المائية، وحصدت السدود والحواجز كميات كبيرة من المياه في بحيراتها تقدر بأكثر من 600 مليون متر مكعب.
وأشار تقرير وزارة الاقتصاد إلى أنه في مواجهة ذلك اهتمت الدولة بإنشاء السدود والحواجز المائية لزيادة واستدامة كفاءة حصاد مياه الأمطار بهدف زيادة وتنمية المخزون المائي والاستفادة من تلك المياه في تغذية المياه الجوفية بدلاً من ضياعها أو عدم الاستفادة منها ودرء مخاطر السيول والفيضانات وحماية المجتمعات.
وتنقسم الموارد المائية في الدولة إلى نوعين، موارد تقليدية وأخرى غير تقليدية، ونظراً لوقوع دولة الإمارات العربية المتحدة في نطاق المناطق المدارية فهي تتصف بدورة مطرية ذات سنوات جافة عادة وعدد محدود من السنين المطيرة، حيث دلت الدراسات التي أجريت على العديد من الأودية في الدولة أن معدل التدفق السنوي فيها قد يصل إلى ملايين الأمتار المكعبة تبعاً لشدة هطول الأمطار، ولكنها تتوزع في مناطق لا يستفاد منها أو يتم تصريفها إلى البحر أو نتيجة معدلات التبخر المرتفعة.
وتعد الإمارات من أوائل الدول في منطقة الخليج العربي التي قامت باستخدام تقنية تلقيح السحب التي تعتمد على أحدث الإمكانات المتوفرة على المستوى العالمي، والتي تعتمد على شبكة رادارات جوية متطورة تقوم برصد أجواء الدولة على مدار الساعة ومراقبة بدء تكون السحب، بالإضافة إلى استخدام طائرات خاصة مزودة بشعلات ملحية، تم تصنيعها خصيصاً لتتلاءم مع طبيعة السحب من الناحيتين الفيزيائية والكيميائية، والتي تم دراستها خلال السنوات الماضية قبل البدء بتنفيذ عمليات الاستمطار.
وتتم عملية الاستمطار من خلال إطلاق طائرات صغيرة محملة بعشرات الشعلات التي تحتوي على جزيئات صغيرة من كلوريد البوتاسيوم وكلوريد الصوديوم لتلقيح السحب، وتشمل عملية الاستمطار سلسلة معقدة من الإجراءات يقوم بتنفيذها خبراء المركز الوطني للأرصاد الجوية بكفاءة واقتدار، كما أن معدل حرق الشعلات يتوقف على الطبيعة الديناميكية والفيزيائية للسحاب المستهدف، وتتم عملية حقن السحب بالشعلات التي يتم تصنيعها محلياً خلال من 2 إلى 4 دقائق وتستغرق عملية الحقن 2-3 دقائق لكل حقنة، ولكن عدد الحقن يعتمد على الطبيعة الفيزيائية للسحاب المستهدف، بالإضافة لاستمرارية وجود الهواء الصاعد في داخل السحاب، وتستغرق عملية تفاعل السحاب مع هذه المواد حوالي 15 إلى 20 دقيقة.
وتختلف مناطق الاستمطار باختلاف تكون السحب، ففي فصل الشتاء تتكون السحب القابلة للاستمطار في المناطق الشمالية والساحلية، وفي فصل الصيف تتراكم السحب في المناطق الجبلية الجنوبية والشرقية لوجود السلاسل الجبلية التي تعمل على دفع الهواء إلى الأعلى مؤدياً بالنهاية إلى تشكل السحب الركامية في تلك المناطق.
وتزداد فرصة تكون السحب القابلة للاستمطار في فصل الصيف لسيطرة امتداد المنخفض الموسمي على الدولة الذي يدفع رياحاً جنوبية شرقية رطبة باتجاه السلاسل الجبلية الشرقية بوجه خاص.