شهد اليوم الثالث والأخير من الكونغرس العالمي للإعلام العديد من الجلسات النقاشية التي تمحورت حول العديد من الموضوعات دور الاعلام في تعزيز الهوية الوطنية و”التنوع والشمولية في العصر الرقمي، والجانب النفسي للمستهلكين، وسد فجوة المهارات لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة وما بعدها.
وبدأت فعاليات اليوم الثالث بجلسة شارك فيها سعادة سعيد العطر مدير المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات في جلسة حوارية تناولت دور الإعلام في تعزيز الهوية الوطنية في ظل تداعيات العولمة الثقافية، حاوره خلالها عبدالله عبدالكريم المدير التنفيذي لقطاع المحتوى الإخباري بالإنابة في وكالة أنباء الإمارات “وام”.
وتوجه سعادة سعيد العطر في بداية الجلسة بالشكر والتقدير إلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة على رعاية سموه الكريمة للكونغرس العالمي للإعلام الذي تنظمه مجموعة أدنيك بالشراكة مع وكالة أنباء الإمارات “وام”.
وأكد سعادته أن الكونغرس العالمي للإعلام جمع المواهب الإعلامية من شرق العالم وغربه لمناقشة التحديات التي تواجه القطاع والعمل على بلورة رؤية استشرافية لمستقبله، متوجها بالشكر إلى وكالة أنباء الإمارات “وام” ومجموعة “أدنيك” على تنظيم هذا الحدث العالمي المميز.
وبدأت الجلسة الحوارية بسؤال حول أهمية دور الإعلام اليوم أكثر من أي وقت مضى في ترسيخ الهوية الوطنية، حيث قال سعادة سعيد العطر، إن العالم اليوم تغير، ونعيش عولمة اقتصادية وأيضا عولمة ثقافية، ووفقا للإحصاءات العالمية يبلغ المتوسط الذي يقضيه الشخص على مواقع الإنترنت 7 ساعات يوميا وبحسب تلك الإحصاءات قضى الأشخاص نحو 12 تريليون ساعة على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت خلال العام الماضي.
وأشار إلى أن هناك عولمة ثقافية تنتشر بشكل كبير، حيث يوجد أكثر من 200 منصة ترفيهية حول العالم يشترك فيها نحو مليار و400 مليون شخص، مشيرا إلى أن الدول القوية تمتلك هوية وطنية قوية تفخر بها بل وتسعى إلى تصديرها إلى العالم، ودولة الإمارات تعد من النماذج الرائدة على مستوى العالم التي تعتز بهويتها الوطنية.
وأوضح أن العولمة الثقافية لابد من التعامل معها، والإعلام هو رأس الحربة في الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيزها لافتا إلى أن دور الإعلام تضاعف اليوم في تعزيز الهوية الوطنية، ومع أهمية دور التعليم وإسهاماته في هذا الصدد، يجب أن يكون هناك محتوى ثقافي وطني يسهم في بناء شخصية الطلبة ويعزز انتمائهم الوطني.
وقال سعادة سعيد العطر، إن ترسيخ الهوية الوطنية ليس مسؤولية الحكومة وحسب وإنما مسؤولية مجتمعية تشمل المجتمع والأسرة وأولياء الأمور. وأشار إلى أن دراسة عالمية أظهرت أن الطفل الإماراتي من أسرع الأطفال حصولا على الآيباد ويقضي نحو 7 ساعات عليه يوميا كما أن 20 في المائة منهم لا يخضعون لأي إشراف أسري وهو من التحديات التي يجب التعامل معها.
ولفت في هذا الصدد إلى أن الإمارات قامت بمبادرات عديدة وبرامج رائدة لتعزيز الهوية الوطنية مثل “عام زايد” و”عام التسامح” بهدف ترسيخ هذه القيم لدى الأجيال الناشئة.
وأكد سعادته أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ” طيب الله ثراه” هو من رسخ مبادئ الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرا إلى أهمية التركيز على تدريس هذه القيم والمبادئ للأجيال الجديدة.
ولفت إلى أن اللغة هي وعاء الثقافة والرابط الذي يعزز من الهوية الوطنية ويسهم في ترسيخها لدى الأجيال القادمة.
وأكد سعادة العطر أن دولة الإمارات تعد نموذجا رائدا عالميا في مختلف المجالات، كما أنها وفق مؤشرات عالمية من أكثر الدول التي تعتز بهويتها الوطنية والثقة بين الحكومة والشعب من ضمن المعدلات الأعلى عالميا.
وأشار سعادته إلى أهمية المبادرات والبرامج التي تم إطلاقها لتعزيز الارتباط باللغة العربية ومنها برنامج شاعر المليون وبرنامج أمير الشعراء إلى جانب مهرجانات التراث التي تعقد في مختلف أنحاء الدولة فضلا عن معارض الكتب إضافة إلى العديد من المبادرات المعنية ببرامج الأمومة والطفولة والتي تسهم في ترسيخ الهوية الوطنية لدى الأجيال الناشئة.
وأكد أن تحدي القراءة العربي هو مبادرة استثنائية من قائد استثنائي، حيث أسهمت توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” بإطلاق هذا التحدي في تعزيز الاهتمام باللغة العربية التي تعد أهم رابط يربطنا بهويتنا الوطنية.
كما سلطت الجلسة الحوارية تحت عنوان “التنوع والشمولية في العصر الرقمي المرأة في الاعلام” الضوء عن دور المرأة الفعال في قطاع الإعلام حيث ناقش المتحدثون مسيرة تواجد المرأة في المحيط الاعلامي والصعوبات التي واجهتها لدخول هذا المجال لتخطو خطى ثابتة.
وشارك في الجلسة كل من أميليا هويكس، المستشارة الاستراتيجية والشريكة التنفيذية للهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة، مكتب الاتفاق العالمي للأمم المتحدة، من هولندا، والدكتورة يميسي أكينبوبولا، صحفية وأكاديمية حائزة على جوائز ومستشارة ومؤسسة مشاركة لمؤسسة المرأة الأفريقية في وسائل الإعلام، من نيجيريا.
واستعرض المتحدثون إحصائيات السنوات الماضية التي شهدت اقبال أكبر للنساء في هذا المجال واللواتي حققن العديد من النجاحات في المحيط الإعلامي وذلك بسبب اختلاف النظرة المجتمعية لها فالمرأة أصبح لها ظهور أكبر على الشاشة، كما أشار المتحدثون إلى التحديات التي لا تزال تواجه المرأة من بينها عدم التكافؤ في التوظيف والتمييز العنصري في الأعراق في بعض من المجتمعات.
وأكد المتحدثون بأن قنوات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً مهماً خلال جائحة كوفيد-19 في تشجيع النساء للانضمام للمحيط الإعلامي ليصبحن مؤثرات وملهمات في هذا المجال لكونها وسيله متاحة وقليلة التكلفة وذات وصول أسرع وأكبر للجمهور، وأنه من المهم تنفيذ دورات وورش عمل تدريبية للنساء اللواتي يرغبن الانضمام لهذا المجال لكون المرأة عنصر أساسي ومؤثر في المجتمع.
وفي جلسة حوارية بعنوان “تسليط الضوء على وسائل الإعلام الإقليمية: أمريكا الجنوبية، ناقش المشاركون أهمية قيام وسائل الإعلام بكافة أشكالها وانواعها أهيم التصدي للأخبار الكاذبة والمغلوطة، وخاصة تلك التي تتعلق بالسياسات والشؤون الصحية، والعمل على تعزيز مهارات الصحفيين والإعلاميين وتزويدهم بالمعارف اللازمة لتمكينهم من التفريق بين الأخبار الصحيحة والكاذبة. كما أشار المشاركون إلى الدور الهام للتكنولوجيات الحديثة في التصدي لمثل هذه الأخبار مثل استخدام رمز الاستجابة السريع في إرشاد القراء وتحويلهم إلى المواقع الصحيحة لمصادر الأخبار.
وحول التحديات التي تواجه العاملين في المجال الإعلامي في أمريكا اللاتينية، أكد المشاركون على أن الاغتيالات وعمليات القتل تأتي على رأس التحديات، إضافة إلى غياب حرية الكلمة، ما يضع وسائل الإعلام أمام مسؤولية توفير الحماية اللازمة لهم قدر الإمكان وبأفضل السبل لتمكينهم من الاستمرار في القيام بمهامهم تجنباً للتعتيم الإعلامي.
وفي سؤال حول ما إذا كانت التقنيات التكنولوجيا قد تصبح بديلاً للعنصر البشري في المجال الإعلامي، أكد المشاركون على أن التكنولوجيا الحديثة هي فرصة لتسهيل وتسريع العمل الصحفي، وليست تهديداً باعتبار أن العنصر البشري هو الأساس في إنجاح عملية لإيصال المعلومة الصحيحة إلى الجمهور المستهدف.
وخلال جلسة حوارية بعنوان “الاستقالة الكبرى في قطاع الإعلام”، تطرق المتحدثون إلى التغييرات الحاصلة في النموذج المتبع في الصحافة والإعلام مع انتشار التكنولوجيات، ودورها في تغيير نظرة المجتمع ككل للعالم من حولنا، ولكن يبقى الموضوع الأهم هو كيفية استخدام هذه التقنيات بالشكل الأنسب والصحيح. إن الحقية الجديدة للإعلام تتطلب تنوعاً في المهارات وقدرة على القيام بعدة مهام في وقت واحد دون إغفال جودة المحتوى والتركيز على الرسالة الموجهة للجمهور، وخاصة فئة الشباب باعتبارهم الفئة الأكثر استخداماً لهذه التقنيات.
كما تناولت جلسة حوارية حول “التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كأداة لتحسين التواصل الإعلامي” دور تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في تطوير منظومة العمل الإعلامي.
وشارك فيها كل الأستاذ الدكتور سيد دوريش، أستاذ بكلية علوم الاتصال والإعلام، جامعة زايد، من الإمارات، وستيفانودي اليساندري الرئيس التنفيذي لوكالة أنباء آنسا الإيطالية، الأستاذ الدكتور نزار زكي، مدير مركز تحليلات البيانات الضخمة ورئيس قسم علوم الحاسوب وهندسة البرمجيات بكلية تقنية المعلومات بجامعة الإمارات، من الإمارات، والأستاذ محمد العاطف، المدير الإقليمي الأول لحلول الاتصالات اللاسلكية في هواوي بالإضافة إلى
وأشار الأستاذ الدكتور السيد درويش، أستاذ بكلية علوم الاتصال والإعلام، جامعة زايد، من الإمارات، إلى مراحل تطور الثورة الصناعية حتى وصولها إلى الثورة الصناعية الرابعة، بما فيها من بيانات ضخمة وتقنيات بلوك تشين وذكاء اصطناعي.
وقال قد تحدث عن التأثيرات الإيجابية لتقنيات الذكاء الاصطناعي والتي بدأت المؤسسات الإعلامية باعتمادها منذ بداية 2010، والتي تضمنت معايير الجودة، وقدرة الروبوتات على تقديم البرامج والنشرات الإخبارية، إذ إن هناك غرف صحفية مجهزة بالكامل بمعدات الذكاء الاصطناعي إلى جانب تحويل النصوص إلى صور وبالعكس وإنتاج وثائق متعددة، ورصد الأداء الإعلامي الرقمي وتلبية تفضيلات العملاء حسب رغباتهم واحتياجاتهم بالإضافة إلى التواصل مع المصادر والتحقق من مصداقيتها بسهولة وفاعلية بما يعود بالنفع على الأرباح والإيرادات
وذكر الدكتور درويش أنه أصبح اليوم لكل شخص ومستخدم هوية رقمية، والأمر نفسه ينطبق على المؤسسات الإعلامية، وأن هذا المزيج في الهويات هو ما يخلق الثورة الصناعية.
وأشار إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات سيتضاعف إلى حد كبير حسب التوقعات مشيراً سلبيات تترتب على استخدام مثل هذه التقنيات وتتمثل في عدم دقة وموثوقية جميع المعلومات والمحتوى الذي يتم تقديمه، ووجود التحيز والافتقار إلى الموضوعية، وغياب المنظومة الأخلاقية
واختتم حديثه قائلاً بأن الصراع بين الذكاء الاصطناعي والبشر لا أساس له، فالأمر يستدعي تحقيق التكامل والانسجام.
من جانبه، تحدث ستيفانودي اليساندري، الرئيس التنفيذي لوكالة أنباء آنسا الإيطالية ” آنسا” عن الدور الذي لعبه الذكاء الاصطناعي في تعزيز نمو الأعمال الوكالة بالرغم من المخاوف التي كانت لدى الموظفين والصحفيين من تأثيراتها، وقد أعطى مثالاً واقعياً عن آلية تعامل الموقع الإلكتروني الخاص بالوكالة مع نشر الأخبار بالاعتماد على تقنية البلوك تشين في فترة الأزمة الصحية العالمية، فضلاً عن طريقة توظيف الذكاء الاصطناعي في كتابة المقالات على سبيل المثال قبل مراجعتها من قبل الصحفيين والمحررين، بما يعود بالفائدة الكبيرة على العمل.
وقال الأستاذ الدكتور نزار زكي، مدير مركز تحليلات البيانات الضخمة ورئيس قسم علوم الحاسوب وهندسة البرمجيات بكلية تقنية المعلومات بجامعة الإمارات، من الإمارات
أشار إلى أهمية البيانات كمصدر رئيسي لجميع القطاعات، فالصحفيون والإعلاميون يستخدمون البيانات لتوصيل رسائلهم وفهم الجمهور.
كما نوه إلى أهمية أن يجد مجالا تحليل البيانات والإعلام طريقاً مشتركاً، فعلى سبيل المثال يمكن لمحللي البيانات فهم السياق والمحتوى ويمكن تأهيل الإعلاميين على كيفية التعامل مع البيانات بما يعزز فهم وتفاعل الجمهور وتخصيص المحتوى. وقد أشار إلى أن العديد من الجامعات تطلق برامج تركز على هذا الشأن.
وتحدث عن بعض التحديات التي ترافق تحليلات البيانات مثل الخصوصية وحقوق الملكية الخاصة بالبيانات، واكد على أهمية أن يجتمع صناع القرار والباحثين وأصحاب القرار للتعاون معاً لوضع قوانين وقواعد تحكم طريقة إنتاج واستخدام البيانات.
أشار المشاركون إلى مشاركة التقنيات في ابتكار المحتوى وتفسير البيانات وتأثير التكنولوجيا من مختلف النواحي من ناحية كل الذكاء الاصطناعي والميتافيرس والواقع الافتراضي وغيرها من التكنولوجيا. وركزوا على التحديات التي ترافق الذكاء الاصطناعي وهي: المحاسبة والشفافية المرتبطة بتعلم الآلة بشكل خاص، وخصوصية البيانات الشخصية ومدى الاستفادة منها فضلاً عن الأمن والسلامة وحفظ البيانات والتعاون الدولي والحكومة العالمية، ونوه على أهمية حشد الجهود من جميع الجهات لرسم ملامح سياسة الذكاء الاصطناعي.
وقال الأستاذ محمد العاطف، المدير الإقليمي الأول لحلول الاتصالات اللاسلكية في هواوي إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام مهم جداً، وأن دور الجميع هو ترسيخ وزيادة فعالية التكنولوجيا، وتحدث عن أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في دعم الإعلام من خلال تقديم محتوى متسق، وحل مشكلة حاجز اللغة من خلال حلول الترجمة المبتكرة، على سبيل المثال.
وأشار إلى أن حجم البيانات الكبير جداً وسهولة الوصول إليها، يستوجب إدارة الدقة والجودة بشكل جيد والتحكم بها لبناء الثقة والموضوعية.