مشاهد نخلة جميرا وشارع الشيخ زايد في فيلم «سويتش» للمخرج جاي صن د شكلت فاتحة لاهتمام سينمائيي بكين النوعي بالتصوير في دار الحي والإمارات.
نحو مدينة تشينعداو الساحلية في الصين، بدأت عيون صناع السينما العالمية ترنو أخيراً، بعد احتضانها لـ«مدينة سينما» ضخمة، تزيد في مساحتها عن مساحة 500 ملعب كرة قدم، وقدرت تكاليف بنائها بنحو 8 مليارات دولار، حيث تعد المدينة موئلاً لأكثر من 30 استوديو، من بينها واحد تمتد مساحته لأكثر من 10 آلاف متر مربع، ويأتي تدشين هذه المدينة في وقت يتوقع فيه أن يتربع «التنين» الصيني على عرش صناعة السينما العالمية، وشباك التذاكر العالمي على حد سواء، وفق ما تشير إليه تقارير جمعية الأفلام السينمائية الأميركية (MPAA)، التي أكدت أن مبيعات التذاكر في الصين خلال العام الماضي، وصلت إلى 7.9 مليارات دولار، متوقعةً أن تكون سوق الأفلام الصينية وخلال وقت قصير، أكبر سوق للأفلام، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه يتم في الصين بناء نحو 25 شاشة يومياً.
وفي الوقت الذي تسعى فيه شركات الإنتاج الأميركية للاستئثار بحصة جيدة من عروض الأفلام في دور العرض الصينية، بدأت شركات الإنتاج الصينية تتطلع إلى دبي، لتكون مقراً لتصوير أفلامها، فلقطات نخلة جميرا وشارع الشيخ زايد، التي افتتحت مشاهد الفيلم الصيني «سويتش» للمخرج جاي صن، وبطولة إندي لي وتونغ داوي، لم تمر مرور الكرام، إبان عرضها على شاشات دور السينما الصينية في 2013، فقد شكلت آنذاك مفتاحاً لتعميق الصلات الثقافية والفنية بين الإمارات والصين، لتتحول دبي، من بعد فيلم «سويتش»، إلى مسرح لأحداث فيلم «كونغ فو يوغا»، حيث عاش الممثل جاكي شان خلال أعمال تصويره في دبي، تجربة شائقة، امتدت 30 يوماً، وفاضت بالمغامرات والأمسيات الجميلة.
مواقع «دار الحي»، التي أغرت عيون صناع فيلم «مهمة مستحيلة: بروتوكول الشبح»، وعلى رأسهم بطل السلسلة الأميركي توم كروز، وأفلام أميركية وهندية كثيرة، استطاعت أن تفتح عيون صناع السينما الصينية على آخرها، لتتحول دبي بين غمضة وأخرى، إلى وجهة مثالية لمعظمهم، لا سيما أن فيلم «سويتش» استطاع في 2013 الاستحواذ على 35% من دور العرض الصينية، محققاً آنذاك في أسبوعه الأول نحو 47 مليون دولار، فيما شاهده في أسبوعة الأول أكثر من 10 ملايين شخص في الصين، وفق ما أفادت به تقارير هوليوود ريبورتر الأميركية.
نجاح تجربة «سويتش» في دبي مهّد لتمكين «دار الحي» من استقطاب أفلام صينية أخرى للاستفادة مما تقدمه من تسهيلات في أعمال التصوير، ليكون على رأس القائمة فيلم «كونغ فو يوغا» من بطولة جاكي شان، حيث استطاع هذا الفيلم اعتلاء سدة شباك التذاكر في الإمارات والصين على حد سواء، حيث جمع خلال أول 3 أيام من عرضه في صالات الدولة نحو 2.5 مليون درهم، في وقت جمع فيه أكثر من 140 مليون دولار على شباك التذاكر الصيني خلال أول 3 أيام من عرضه هناك.
كما تمكنت دبي من منح المخرج ستانلي تونغ المعروف عنه تقديم أفلام الأكشن، تجربة «عظيمة»، أثناء عمله على فيلم «كونغ فو يوغا»، وفق ما أكده في حوار سابق أجراه مع «البيان»، حيث قال فيه إنه سعى إلى تقديم دبي الساحرة من وجهة نظره، قائلاً: «خلال زيارتي الثانية لدبي، بهدف معاينة مواقع التصوير، تبين لي أن هناك أشياء كثيرة لم تتح لي الفرصة قبلاً لرؤيتها والتأمل فيها، مثل التصميم المعماري للمدينة بشكل عام، والتصاميم الجميلة، التي تتمتع بها فنادق دبي، وسياراتها الفخمة، ومن بينها سيارات شرطة دبي التي تجوب كل شوارع المدينة».
«ووجدت أن دبي تمتلك أشياء كثيرة قادرة على إثارة الدهشة، وهو ما جعلني أضع ذلك في قصة واحدة، وقررت تصويرها في دبي، بحيث أتمكن من تقديم المدينة لجمهور السينما من خلال رؤيتي ووجهة نظري»، مضيفاً: «خلال فترة عملنا على فيلم «كونغ فو يوغا» صورنا في أماكن عدة بدبي، مثل محيط دبي مول ومنطقة دبي مارينا وكذلك وسط مدينة دبي، وداخل الفنادق، ونخلة جميرا، وجميعها بدت مواقع جميلة، وبلا شك فإن تجربة التصوير في مدينة دبي للاستوديوهات لم تقل شغفاً عن بقية المناطق، خاصة أن المدينة تمتلك خدمات كبيرة يمكن لصناع الأفلام الاستفادة منها بشكل أو بآخر خلال التصوير. وبالطبع، ذلك كله أشعرني بالسعادة الحقيقية خلال عملي في الفيلم.
وأعتقد أن صناعة الأفلام في دبي تسير في خطها الصحيح، وتنمو بشكل لافت، وذلك لكون دبي قادرة على توفير كل ما يحتاج إليه صناع الأفلام من خدمات، وفي الحقيقية إنني سعيد جداً لأن أبناء الصين يمكنهم دخول دبي بسهولة ومن دون تعقيدات، وهذا يحفزني بلا شك إلى القدوم وزيارة المدينة مجدداً».
تبين الوثائق أن الصين عرفت السينما في وقت مبكراً، فقد شهدت العروض السينمائية الأولى عام 1896 أي بعد ظهور الاختراع الجديد في باريس على أيدي الأخوين لوميير مباشرة، أما أول فيلم سينمائي أنتج في الصين ففي عام 1905، وكان فيلماً تسجيلياً.
وأول فيلم روائي درامي صيني ظهر في عام 1912، ومنذ ظهورها مرت السينما الصينية بالكثير من التقلبات، وعاشت عصرها الذهبي خلال سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، إثر ظهور حركة السينما الصينية الجديدة على أيدي مخرجي «الجيل الخامس» من خريجي معهد بكين السينمائي عام 1982، وأصبحت تفرض نفسها على كل مهرجانات السينما في العالم منذ ذلك الحين، وتمكنت من اعتلاء العديد من منصات الفوز.