هيَ اللقاءاتُ الأولى التي تُعنى بالإهتمام والجمال، وما شيء دونها فهوَ ماضٍ دوما في سبيل البُهتانِ والزوال!! ثق بي؛ فهذه هيَ الحقيقة الوحيدة المؤلمة التي من الممكن إتيانها بحق جميع العلاقات القائمة على وجه هذه الكرة الأرضية مهما كانت روعتها!! إنّها الدُنيا وقد كُتب علينا فيها الفناء فلمَ الكذب بشأن حقيقتنا الوحيدة فيها؟! مهما كانت حقيقة مؤلمِة، ومهما كان هضمها عسِراً لا بأسْ!! سنُشفى من آلامها يوماً ما، يوم إيماننا بأنَّ من شأن حقيقة زوالنا الإتيان بنا إلى مواضع أجمل وأرقى مما نحن عليه الآن بحسنٍ تقديرنا للأمور ربمّا أو حتّى تغيير جميع الأمور كُلياً والبدء بغيرها من جديد، لمَ لا؟! يومَ الإيمان بأنّ من شأن الزوال أن يكون سبباً للإلتقاء، وأن البعض من كلِّ شيءٍ في حياتنا قادرٌ على خلق كلِّ شيء في دواخلنا!! يوم الإيمان بأنّ الدنيا برمتِها بضعٌ، وهنٌ ولا شيء بحق، فلمَ تحجيم الأمور فيها وإعطائها أهمية تفوقُ دنياها برمّتها، فكيف بحيواتِنا البسيطة إمكانية إحتوائها؟!
هيَ اللقاءات الأولى التي تبقى عالقة ليس في فكرنا وحسب!! وإنما في سجلِّ العلاقات فينا ككل، حتّى حينَ إتياننا على نسيانها، ننسى، نتوه ونفقد أنفسنا، تضيعُ التفاصيل ويطوي عليها الزمان صفحاته وينثر عليها التاريخ من رفات غُبارهِ وتُرفعُ حدّ الرفِّ الأعلى في حياتنا، أمّا اللقاءات الأولى ثق بأنها تبقى حبيسة إطارٍ رثٍّ متهالك أمام عينيك وإن كنت تتحاشى النظر إليها يومياً!!
إنّها اللقاءات الأولى أعزّائي، إنها نقاط البداية، إنها حروف بداية السطور، إنها شارة البداية لقصص ومواقف عديدة، إنها القطرة الأولى لعواصف أمطار أكيدة، إنها الخطوة الأولى التي تجري خلفها كُل الخطوات، إنها كل شيء لا يفنى، إنها الشيء الباقي من كل شيء فان!! نحنُ بذواتنا بدايةٌ لنهايةٍ لا يعلمها إلا الله!! نعم إنها اللقاءات الأولى في حياتنا التي تُعنى بالجمال والإهتمام، الحُبِّ ربما أو الهيام، وما شيء دونها يا رفاق فهو ماضٍ وسيمضي دوماً في سبيل الهوان والزوال، كمثلنا تماماً!! فإن كنّا ماضون حقّاً فلنهتمّ بالأثر؛ لعلّه الجوهر الذي سيغلّف بداياتنا ذات يومٍ بعد زوالنا، لعلّه الشيء الذي سيؤتى الإتيانُ عليه من بعدنا ليبرر بداياتنا، لقاءاتنا الأولى ربمّا أو حتّى نهاياتنا!!
بقلم: رنا مروان – الأردن
الصورة: تسنيم الوعل ( عمّان – الأردن )