حلّقت الفنانة والشاعرة اللبنانية جاهدة وهبه، برفقة فرقتها الموسيقية، في فضاء اللحن والكلمة العذبة، خلال مشاركتها في أمسية في الدورة الـ 36 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، قدمت خلاله باقة متنوعة من القصائد والأغنيات التي تعكس هويتها الفنية المتفردة، وقدرتها على تحول النص الشعري النثري إلى غنائية جمالية على خشبة المسرح.
وعبرّت وهبه في بداية الحفل عن سعادتها بالتواجد في إمارة الشارقة التي وصفتها بالمشعل الثقافيّ المهم في الشرق، مطلقة تحية لهذا الصرح الشامخ العريق الذي يقود الجهود الثقافية عربياً.
وافتتحت وهبه حفلها بأغنية الفنانة الكبيرة فيروز “أعطني الناي” كلمات الشاعر جبران خليل جبران، تبعتها بقصيدة لمحي الدين ابن عربي، لتواصل بعدها إيقاع الدهشة من خلال أغنية “سبحان من جمّلك”، تبعتها بقصيدة للشاعر السوري أدونيس قالت فيها ” أجمل ما تكونُ أن تخلخلَ المدى، والآخرون – بعضهم يظنّك النّداء، بعضهم يظنّك الصّدى.
وتنقّلت وهبه ما بين شغف القصيدة وضياء الأغنيات لتداعب إحساس الجمهور بغنائها لجزء من قصيدة أبو فراس الحمداني الشهيرة ” أما لجميلٍ عندكم ثواب” والتي قالت فيها:” فليتكَ تحلو والحياة مريرةٌ وليتكَ ترضى والأنامُ غِضابُ” كما قدّمت رائعة “كنتُ سأنجبُ منك قبيلة” للمؤلفة الجزائرية أحلام مستغانمي، التي أثبتت فيها جمالية من نوع آخر ألهبت المسرح بختام الأغنية عندما انسابت الكلمات منها نحو آفاق من الحنين والمشاعر.
وكان الجمهور على موعد مع قصائد للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، حيث قدّمت وهبه قصيدة “يطير الحمام يحطّ الحمام” بشكل مغاير وغير متوقع، حيث ترافقت دقّات آلة “البزق” مع بحّة صوتها لتتمم هذه الرائعة جوقة الموسيقى خلفها بقيادة المايسترو ايلي معلوف، الذي قاد الموسيقيين لصياغة ألحان نقلت جمهور المعرض إلى مساحات الطرب والخيال الموسيقي، لتقدم واحدة من أبهى اللوحات الغنائية.
وتغنّت وهبه بالشاعرة العراقية نازك الملائكة، حيث قدّمت لها قصيدة “الزائر الذي لم يجيء”، وختمت الفنانة حفلها بأغنية “لا تلتفت إلى الوراء”، من كلمات الشاعر الألماني غونتر غراس، قالت فيها: “لاتمضي إلى الغابة، ففي الغابة غابة، ومن يمضي إلى الغابة بحثاً عن الأشجار، لن يُبحث عنه ُ بعدها في الغابة، دع الخوف، الخوف يعبقُ بخوف، ومن يعبق بخوفٍ…يُشم … أبطالٌ من يعبقون برائحة الأبطالِ”.
تعتبر جاهدة وهبه واحدة من أكثرالأصوات العربية في الساحة الفنية تألقاً، فهي معروفة بكونها، “شاعرة الصوت ومثقّفتُه” تحمل شهادة في علم النفس من الجامعة اللبنانية، وفي الغناء الشرقي من المعهد الوطني العالي للموسيقى حيث تابعت دراستها في العزف على العود وفي الغناء الأوبرالي باللغة العربية، والإنشاد السرياني والبيزنطي والتجويد القرآني.
من أهم ألبوماتها ” كتبتَني ” و”أيها النسيان هبني قُبلتك”، كما أصدرت مؤخراً ألبوماً بعنوان “شذرات في الوجد”، ضمّنته شذرات بصوتها من “رباعيات الخيّام”، وغنّت لشعراء كبار أمثال بابلو نيرودا، ومحمود درويش، وفرّوغ فرخزاد، وأدونيس، وولّادة بنت المستكفي، وأنسي الحاج، وطلال حيدر وغيرهم.