|  آخر تحديث يوليو 24, 2017 , 14:07 م

#محمد_عبدالمجيد | يكتب #الأقصي_ينادي


#محمد_عبدالمجيد | يكتب #الأقصي_ينادي



بقلم: محمد عبدالمجيد علي

 

 

عُد يا صلاحُ الدين فإلهنا واحد، وترابنا واحد، ولساننا واحد، ومُناخُنا وتاريخُنا وأصلُنا ولونُنا وهمُنا ومصيرُنا واحد، عُد يا صلاحُ الدين فنبينا أصبح مستباحا، ولا صوتَ الآن يعلُو فوق النباح، عُد يا صلاحُ الدين لتقودَ العربَ إلى حطين القرن الحادي والعشرين، عُد يا رمزُ العزة لتنقذ الأقصى، عُد يا رمزُ الإباء لتحرر كربلاء..

عُد يا صلاحُ الدين فإنا عائدون، وعلى تفريطنا نادمون، وعلى الثأر عازمون، وبالعروة الوثقى مستمسكون، عُد يا صلاحُ الدين فإنا عائدون، ألا ترى الدمعَ وقد تحجرَ في العيون، والقلبَ يحرِقُه المنُون، عد يا صلاحُ الدين فالأطفال في بلادي من اللعب محرومُون، وفي الشوارع مشردُون، وفي لبنانَ يفتَنُون، وفي فلسطينَ وسوريا والجولان يقتلون، وفي كل الدول العربية لا يغاثون..

أطفال العرب يا صلاحُ الدين لا يموتون، بل هم أحياءٌ عند ربهم لؤلؤ مكنون يلعبُون ويمرحُون، ولكنهم يا صلاحُ الدين مازالوا يتساءلون بأي ذنب يقتلُون ويذبحُون ويصلبُون ويحرقُون، عُد يا صلاحُ الدين فإن المسجد الأقصى يناديك فحقٌ عليك أن تلبي النداء!!

 

 

يشبه وضع الأقصى اليوم وضع شخص أسير منذ زمن طويل، مشبوح في زنزانة سيئة لا تراها الشمس، ويمر كل لحظة بكل ما يمر به السجين، من فقدان الحرية العزيزة، إلى ذل السجن وإهانات السجانين. ومع ذلك، يظل جماعته وأهله ساكتين إلى أن يأتي حارس سجن فيلكزه مثلاً، أو يمنع أهله من الزيارة.
واقع نسيان احتلال الأقصى وفلسطين، وتذكُّرهما فقط عند المساس بالأقصى، يغوي بشعور غير طبيعي: أن يرغب المرء في أن يفعل الاحتلال شيئاً يخص الأقصى بالتحديد، لأن ذلك كفيل بإعادة مأساة فلسطين إلى الواجهة، ويُذكّر الجميع بأن هناك احتلالاً هو الذي يتحكم بالناس والمقدسات، بغض النظر عن أي توصيفات أو تسميات بقصد تعزية الذات فحسب.
والحقيقة أنه لا كرامة لأسير. ولو وضعتَ عصفوراً في قفص من القش أو الحديد أو الذهب، فإن ذلك لا يغير شعوره ولا واقع حاله. وإذا كان أحدٌ يريدُ أن يغضب للأقصى وما يمثله ويرمز إليه حقاً، فإن حالة الغضب ينبغي أن تكون دائمة وليست موسمية، إلى أن يتحرر.
الهدوء الذي فرض على الفلسطينيين أقنع مواطني كيان الاحتلال أيضاً بأنهم يعيشون في وضع مريح ليس هناك ما يستوجب تغييره. ولذلك، لم يضغطوا على حكوماتهم من أجل السلام وإنهاء الاحتلال. كما واصلوا انتخاب حكومات يمينية عدوانية على أساس برامج الاستيطان والضم، لأن انتخابهم هذه الحكومات لم يرتب عليهم أي كلفة. وبالإضافة إلى ذلك، أصبح العرب الرسميون يدّعون أن الفلسطينيين “على ما يرام”، باعتبار أنهم يفاوضون، وأصبحت أحداث قتل الفلسطينيين واعتقالهم وهدم بيوتهم ومصادرة أراضيهم تمر يومياً من دون إثارة الكثير من الانتباه، بل وأصبحت جزءاً من الطبيعي.
النتيجة الآن، هي ما كانت عليه منذ عقود: ما تزال فلسطين محتلة. والمسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنائس المهد والقيامة والمسجد الإبراهيمي وكل شيء آخر تحت الاحتلال. وفي الحقيقة، لا يستطيع معظم الفلسطينيين، وكل العرب والمسلمين، أن يصلُّوا في الأقصى، سواء قبل هذه الأزمة أو بعدها. وحتى القلائل الذين يستطيعون الصلاة فيه، إنما يصلون في مسجد أسير، ويكونون مسجونين في داخله كما هم خارجه.

 

كلنا يعلم أن صلاح الدين الأيوبي قد مات، والموتى لا يعودون، ولكننا لن نعدم الأمل في ميلاد “صلاح الدين” جديد.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com