|  آخر تحديث يوليو 19, 2017 , 23:22 م

#رنا_مروان | تكتب: يُرجى عدم الإقتراب ( الجزء الأول )


#رنا_مروان | تكتب: يُرجى عدم الإقتراب ( الجزء الأول )



استيقظتُ هذا الصباح وأكتافي مـرهقة وكأنمّا كنت ُ في حربٍ أقاتل فيها هذا وذاك، بعيداً عن كوني كنتُ نائماً على السرير في حالة هدوءٍ وسكون ٍ ناعمة، الشمس كانت قد اختلست كعادتها من بين طيّات ستائر غرفتي المطليّة بطلاء ٍ ذي بريق ٍطفيف مما أحدث في الغرفة حالة توهجٍّ ذي لمعان ٍ أخّاذ، لطالما أحببتُ هذا التصميم في غرفتي؛ فقد كانَ دافعاً لي لأبتسم إبتسامة ً جميلة تتناسق ببريقها مع لمعان الغرفة الساحر، كل شيءٍ كان يبدو على ما يُرام، إلا أنني لم أبتسم هذا الصباح لبريق غرفتي ولألأتهِـا ولم أُخاطب دميتي الصغيرة الملقاة إلى السرير جانبي قائلاً لها: كيف حالك ِ يا صغيرتي؟ هل نمت ِ جيّداً؟ كان الأمر يدّب الريبة في قلبي، ما الذي أصاب عاتقي بالوهن هكذا! نظرت ُ إلى الساعة وإذ بها تشير إلى وقت ٍ لم أكن لأستيقظ فيه ِ عادةً فعزوتُ سبب خمولي القلبي إلى أنّ ساعتي البيلوجية ما كانت لتسمح لي بالإبتسامة إلا في تمام الساعة الثامنة فعاودت النوم إلى أن رنَّ هاتفي منبّهاً بقدومها، أخذت ُ وضعية الجلوس على السرير ورحت ُ أعانق حبي للصباح كما المعتاد، أهملتُ لمعان الغرفة وبيلوفاري ( لعبتي الصغيرة ) الملقاة إلى جانبي واكتفيت بتقبيلها لأني ما كنت أقوى على الكلام معها كما المعتاد أبدا، أسرعتُ إلى المرآة خاصتي لعلّي أكتشف من خلالها ما الذي ألّمَّ بي هذا الصباح على حين غفلة، ارتديت ُ سترتي ورفعتُ خصلات شعري المتناثرة بودٍّ على ملامح وجهي ولبست ُ حذائي ومضيتُ إلى المرآه، كانت أشبه برحلة ٍ لإكتشاف المجهول الذي يقبع في جوفي!

 

 

أخذتُ نفساً عميقاً وغسلتُ وجهي، تناولتُ منشفة ً ذي لون قرمزي ومسحته لإزالة آثار النعاس المتبقيّة عليه إلا أنها لم تزُل! ورحت أحدّق في نفسي المنعكسة على المرآه، لم يكن ذلك الوجه الذي رأيتهُ يُشبهني ولم تكن تلك الملامح عائدة ً لي دون أدنى شك! لم أكن أنا التي اعتدتها فعلياً، أخذت ُ بالتدقيق أكثر فأكثر، اقتربتُ من حوّاف المرآة حتّى لأني كنت على وشك الإرتطام ِ بها، وكأنني أحاول البحث عن دبّوس صغير سقط في جوف شقٍّ ضيّق إلى جانب خزانتي، صُعقت من أثر الذهول؛ فقد اكتشفت الآن السبب الحقيقي وراء هواني القلبي هذا، لقد رأيته! حتماً إنّه هو! نعم، إنه هو أراه بأم عيني يناظرني هو بأم عينيه الهادلتين بنظرة ٍ ثابتة من أدنى جفنه الأسفل! يا إلهي، ما الذي جاء به ِ إلى هنا هذا الصباح، ألم يعرف له طريقاً يسلكها إلا عتبات منزلي وقلبي، لا حول ولا قوة إلا بالله أرجوا أن يختفي من هنا بأسرع ما يُمكن؛ فأنا على وشك الإختناق في حضرته، كان ذلك ( شبح الإكتئاب المنزليّ الغامض ) متربّعاً فوق رأسي محيطاً إيّايَّ بهالة ٍ ضبابية ٍ بائِسة، كان يبتسم إبتسامة ً خبيثة ً بين الوهلة والأخرى وتزداد خُبثاً على وجهه كلمّا استسلمت ُ له أكثر! سألته ما الذي جاء بك إلى هُنا؟ لماذا أنت فوق رأسي، فُكَّ قيودك عن قلبي فلدي يوم ٌ حافل ٌ بالنشاطات أيّها الجنيُّ الغامض البائس، ابتسم َ بثقة ٍ مُرخياً حاجبية اللذين كان قد عقدهما أثناء تحدّثي إليه، وخاطبني بصوت ٍ مبحوح ٍ خال ٍ من أي نبرة ٍ حياتية يُشبه صوتي إلى حدٍّ ما؛ فمن المؤكد أنه قد قام بإحتجاز نوتات صوتي المفعمة بالحياة لديه خوفاً من أن أقوم بالقضاء عليه بها، وتحدث المشؤوم قائلاً: لا ذنب لي يا صغيرة أنت ِ من تركت ِ بابك ِ مفتوحاً وقد كان من السهل عليَّ إختراقك ِ دون أدنى جهد بعد أن كان عليَّ إختراق باب أحد ٍ غيرك فعلياً! يقطن إلى الدور الرابع من هذه البناية إلا أن أبوابه كانت مؤصدة بشدّة، فسهلت ِ بإهمالك عليَّ مهمتي، وفي الواقع شكراً جزيلاً لك؛ فقد نلتُ على ترقية نتيجة إختراقي لك ِ هذا الشهر ثلاث مرّات متواطئة، سقطت من عيني دمعة ورحت ُ أتذكّر بالفعل تلك المرّات المشؤومة التي اخترقني بها، لقد كانت أيامي حينها أسوأ من ليال ٍ سوداء حالكة، ثمَّ أكمل قائلاً: انظري إلى الرعب ِ كيف يتناثر في جسدك، أكاد ُ أشعر ُ بالحرقة التي تجتاح قلبك هذه اللحظة، كم أنت ِ ضعيفة أيتها الصغيرة!!

 

 

رحتُ أصرخ محاولاً إخفاء حجرجة صوتي المكلل بالدموع وكأنني سحابة ٌ مثقلة بالمطر تحاول عدم إمطار ما في جوفها لعدم إظهار ضعفها وهوانها وقلت ُ له: أيُّ باب ٍ أيّها الغبي تركته غير مؤصدٍ في وجهك؟ أجبني! لقد أقفلت ُ كل الأبواب قبل أن أخلد إلى النوم، متى وأين وكيف وجدت هذا الباب أنا لا أفهم!! تنهدَّ هوَ تنهيدة ً بائسة وكأنه يُحاول إخباري فيها بكم أنني غبيّة وأخبرني وجه النحس هذا أن أتذكر جيّداً ما فعلته قبل أن أباشر في الصراخ في وجهه، فإنه أمرٌ يزعجه رغم أنّه من أهم أعراضه التي يُسببها وهي الرغبة في الصراخ اللامتناهي على حافة ِ جبل ٍ ذي فضاء ٍ واسع ٍ فوقه وحواليه، فأخبرته غاضباً: بأن لم ولن أتذكر هيّا اغرب عن وجهي أنا لا أريدك في منزلي إطلاقاً، نظرت ُ إليه وكأنما كنت أخاطب الفضاء وراح يغط في سبات ٍ عميق متاجهلاً تجهمّي وكلامي المفرط بالغضب إليه!

 

 

 

بقلم: رنا مروان – ( الأردن )


1 التعليقات

    1. 1
      Ali Abdul Azeez

      ممتع جداً
      تجسيم الاكتاب بما تعكس المرآة من نفسكِ المرهقة زادني وشدني للقراءة اكثر فأكثر ..
      ننظر المزيد منكِ ..

      (0) (0) الرد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com