|  آخر تحديث سبتمبر 29, 2016 , 4:45 ص

العقوق الاجتماعي


بقلم الكاتب: نبيل الكثيري - ( الإمارات )

العقوق الاجتماعي


العقوق الاجتماعي الذي يمارسه قلة من الشباب والشابات المواطنين والعرب ضد أهاليهم وعائلاتهم ومجتمعهم ليس له من مبرر ديني أو أخلاقي يستندون عليه، بل هو سلوك شاذ اجتماعيا، فما أن يتخرجوا من الجامعات أو الكليات ويجدون عملاً بمساعدة أهاليهم يدر لهم دخلاً جيداً حتى يشرعون في الانسلاخ تدريجياً عن من ربوهم وأوصلوهم لما هم عليه بدلا عن مساعدتهم وتعويضهم عن الحرمان الذي عانوا منه ليجعلوهم احسن الناس.

 

بعضهم دون خجل أو تأنيب ضمير يستأجرون شقة أو أستوديو خاص بهم وفي الغالب يكون بعيدا جدا عن سكن أسرهم مبررين ذلك ليكونوا قريبين من أماكن عملهم، ومن ثم تقل زياراتهم لأسرهم من يومية إلى شبه يومية إلى أسبوعية إلى نصف شهرية ومن ثم إلى زيارة واحدة في الشهر ومن ثم تكون الطامة الكبرى.

أن ينقطع البعض عن زيارة أهله لمدة تزيد عن الشهر فذلك هو ما أسميه بالطامة الكبرى وبالعقوق الاجتماعي، حيث يرفض أوليائك العاقين قبحهم الله أن تكون لهم صلة بماضيهم بخيره وشره لأنهم يخجلون لسبب أو أخر لانتمائهم لتلك الأسرة أو العائلة المتواضعة التي سحق رعاتها انفسهم من أجلهم، والمهين في الأمر أن البعض يقوم بتغيير مكان سكنه حتى لا يزوره أحداً من إخوانه أو أخواته أو والديه وكأنهم مرض معدي والعياذ بالله.

 

كلمني بالأمس أحد المعارف الطيبين، حيث أخبرني وهو يتأوه الما أن شقيقه الأكبر المهندس (س) لم يزرهم منذ 4 سنوات كاملة، وتحديدا منذ وفاة والده حيث حضر ليستقبل المعزيين وقدم لإخوانه مبلغاً وقدره لأجل مصاريف العزاء وخلافة، ومن ثم أختفى عنهم طيلة هذه السنوات الأربع كألعاب الأولمبياد.

هل يحاول ذلك المهندس أن يحطم أرقام قياسية في العقوق لم يستطع تحقيقها في مجال أخر لا نعرف عنه شيئاً، لا أعلم، وكل الذي أعلمه هو أن تصرفه يعد جريمة ضد الإنسانية بكل ما للكلمة من معنى لأن الضحية أم في الستين من عمرها زادت عليها الأمراض بسبب ابنها العاق الذي لم يرحم عجزها وضعفها.

 

أنا والله بكيت ولم استطع التوقف إلا بعد جهد جهيد، والدتك تبكي ليلاً نهاراً يا “مهندس”، أليس في قلبك شفقة عليها ولا رحمة وهي على فراش المرض وكل أملها أن تكحل عيناها برؤيتك، أرجو أن تعود إلى عقلك وتكون إيجابيا لمرة واحدة في حياتك السلبية الفاشلة اجتماعيا وإنسانيا برغم نجاحك المهني حتى لا تندم طيلة حياتك الباقية.

أصارحك وغيرك من العقوقيين أصحاب القلوب المعطوبة والعقول المسلوبة إذا لم يرق قلبك لوالدتك فأسمح لي أن أطلب منك أن تقوم بمراجعة أخصائي نفسي بل مستشفى بأكمله في أسرع وقت متاح قبل أن تسوء العاقبة لأن حالتك مستعصية ويجب وضع حداً لها، كما أرجوا من كل من يعرف الزفت أن ينصحه بالحسنى لزيارة والدته المريضة لعلها تسعد ولو قليلا مع إنني استبعد ذلك.

 

بقلم الكاتب: نبيل الكثيري – ( الإمارات )


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com