اعتبر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن الهدنة في سوريا هي الفرصة الأخيرة لبقاء سوريا موحّدة، في تحذير واضح من تقسيم سوريا في حال انهارت هذه الفرصة، فيما جدّدت موسكو مطالبتها لواشنطن بفصل المعارضة السورية المعتدلة عن جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً)، وسجلت 60 خرقاً للهدنة نسبتها لحركة أحرار الشام، ورغم ذلك، ترى جميع الأطراف أن الهدنة لا تزال متماسكة، فيما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن وزير خارجيتها جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف اتفقا على تمديد وقف الاقتتال في سوريا 48 ساعة إضافية.
وحاول كيري تفنيد انتقادات للاتفاق بين بلاده وروسيا على هدنة في سوريا، قائلاً إن بدونه كان العنف سيزيد بدرجة كبيرة، وكان كثير من السوريين سيذبحون أو يضطرون للفرار. وقال في مقابلة مع برنامج (مورنينغ إيديشن) في الإذاعة الوطنية العامة «إنها فرصة أخيرة للإبقاء على سوريا موحدة»، مضيفاً «إذا فشلنا في الإيقاف الآن، ولم نتمكن من الجلوس إلى الطاولة، سيزيد القتال بدرجة كبيرة».
وأضاف «ما هو البديل؟، هل البديل هو السماح لنا بالانتقال من 450 ألف شخص قتلوا إلى ألوف كثيرة أخرى (من القتلى)؟، أن يتم اكتساح حلب بالكامل؟ أن يوجه الروس والأسد ببساطة قصفاً عشوائياً لأيام مقبلة، وأن نجلس هناك ولا نفعل شيئاً».
وقال كيري إن الاتفاق يحظى بتأييد أوباما، الذي اجتمع معه الثلاثاء. وقال «حسناً.. رئيس الولايات المتحدة جاهز، وأعتقد أن الجيش سيكون جاهزاً بالتالي». وأضاف «لا أحد يطلب من الناس أن تتخلى عن مبادئنا، لكنه شيء مهم بالنسبة لنا أن نفي بتعهداتنا في هذا الأمر».
وقال كيري إن المعارضة المعتدلة التي تدعمها الولايات المتحدة وحلفاؤها، كانت في الجانب الخاسر أمام القوات الحكومية التي تتلقى المساندة من روسيا. وقال «معادلة أن الأسد يسحقهم، وأن روسيا تسحقهم، كانت ستلقي بهم في أيدي (جبهة) النصرة وداعش». وأضاف «وستكون عندك درجة أكبر من التطرف بكثافة متزايدة».
وقالت الخارجية الروسية إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، طالب خلال اتصال هاتفي مع كيري، بفصل المعارضة المعتدلة عن جبهة النصرة. وتابعت الوزارة القول، إن لافروف وكيري بحثا أيضاً مقاتلة جبهة فتح الشام وتنظيم داعش بصورة مشتركة.
وقال الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إنه لا بد من فصل المعارضة المعتدلة في سوريا عن «الجماعات الإرهابية»، من أجل تعزيز الهدنة الهشة هناك.
وأكدت الخارجية الأميركية، أن الهدنة لا تزال متماسكة، برغم «وقوع أحداث عنف متفرقة» في البلاد. وقال الناطق باسم الخارجية، مارك تونر: «شاهدنا… بعض التقارير التي تحدثت عن أعمال عنف متفرقة، (لكن) الترتيبات (وقف إطلاق النار) بشكل عام، تبدو متماسكة، أما العنف، أقل مقارنة بالأيام والأسابيع الماضية».
وتابع تونر: «حالما نصل إلى تلك المرحلة (توقف العنف داخل سوريا لمدة 7 أيام متتالية)، عندها نبدأ بتنسيق الضربات الجوية مع روسيا ضد جبهة النصرة، بطريقة استراتيجية ومحسوبة جداً».
وأكد على ضرورة امتناع نظام الأسد، خلال هذه الفترة، عن تحليق طائراته ضمن مناطق معينة، يتم الاتفاق عليها بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث توجد فصائل المعارضة السورية. وأوضح أن بلاده ستحتفظ «بحق الانصراف وإعلان الاتفاقية لاغية وباطلة»، إذا ما ظل العنف مستمراً في البلاد.
في الأثناء، قال المسؤول العسكري الروسي، فيكتور بوزنيخير، لوكالات أنباء روسية، إن رئيس مركز مراقبة وقف إطلاق النار التابع لروسيا في سوريا، سيبحث مع نظيره في منشأة أميركية في الأردن، تمديد وقف إطلاق النار، وذلك قبل أن تعلن الخارجية الأميركية أن وزير خارجيتها جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف اتفقا على تمديد وقف الاقتتال في سوريا 48 ساعة إضافية.
وقال الجنرال الروسي، إن وقف إطلاق النار في سوريا جرى انتهاكه 60 مرة على مدى الساعات الثماني والأربعين التي أعقبت بدء سريانه، وإن معظم الانتهاكات ارتكبتها جماعة أحرار الشام المسلّحة.
وصرح بوزنيخير، أن المعارك ضد تنظيم داعش مستمرة. وقال «بالأمس، قصف الطيران الروسي المنطقة الواقعة في شمالي تدمر، حيث كان مقاتلو التنظيم يحتشدون لمهاجمة المدينة»، حسبما نقلت عنه وكالة «إنترفاكس». وقال إن الجيش السوري مستعد لانسحاب مرحلي متزامن مع انسحاب المعارضة من طريق الكاستلو قرب حلب، اعتباراً من التاسعة من صباح اليوم.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، إن مساعدات المنظمة الدولية يجب أن تكون متاحة قريباً، بما في ذلك في شرقي حلب.
وتنتظر قافلتان من المساعدات عبرتا الحدود التركية متجهتين إلى سوريا في المنطقة الفاصلة بين حدود البلدين، للحصول على تصريح بالتحرك صوب حلب اليوم الأربعاء. يأتي ذلك، بينما أدت الخلافات بين الطرفين المتحاربين، إلى تأخير تسليم المعونات لليوم الثالث من تطبيق وقف إطلاق النار.
وقال الناطق باسم مكتب تنسيق شؤون المساعدات الإنسانية، ديفيد سوانسون، لرويترز «الأمور تستغرق وقتاً أطول مما كنا نرجوه». وأضاف أن شاحنات الأمم المتحدة العشرين الموجودة على الحدود «مستعدة للتحرك». وقال إن الخلافات بين الطرفين المتحاربين، تعوق إيصال المساعدات إلى شرقي حلب. وأضاف «بعض الجماعات تسعى للحصول على مكاسب سياسية.. وهذا شيء نريد استبعاده».
وقال المسؤول في المعارضة السورية، جورج صبرا، إنه لا يثق كثيراً في أن الهدنة ستصمد لفترة أطول من هدنة سابقة حدت من القتال في سوريا مؤقتاً هذا العام. وحمل دمشق المسؤولية، قائلاً إن إصرار الحكومة على السيطرة على المساعدات، يعرقل تسليمها إلى حلب بمقتضى الاتفاق. وأضاف «العقبات أن النظام ما زال يصر على أن تدخل هذه المساعدات عن طريقه، وبالتنسيق والتشاور معه. هذا أمر غير مقبول… نحن نطالب بأن يكون هذا الدور للأمم المتحدة».