ويسأل اين تُعقد (ليلةالقدر) هذا العام، تُعقد فيها أقدار هذا العام.؟!
الهلالُ مختلفٌ تماماً هذا العام يارمضان.!
إذ هللتَ علينا بإمساكياتِ صيامٍ مختلفة، ومدافع إفطارٍ مختلفة .!
فانت مختلفٌ تماماً عن كلّ عام يارمضان!
وعليه، قررتُ هذه المرّة أن اصوم صوماً مختلفاً عن كل عام.!
يارمضانُ،..!
برؤية هلالك هذا العام دخلتُ زنزانة الأسد، لأصوم معه إن كان صائماً، أنام معه إن كان نائماً، أجوع معه إن كان جائعاً .. دخلتها وكلّي أملٌ ورجاء، أن الأسد لن يأكلني وإن كان جائعاً، ولن يفطر بي وإن كان صائما، إن كنتُ دخلتُ زنزانته بحسن النية (نظرية غاندي.!)
مقولة غاندي: “إن لم أضمر الشرّ لأضرّ غيري، فلن يضرّني الغير” .. كان يقولها ثم يمضي بين الوحوش المفترسة الضارية بمفرده .. كان يقطع غابات الأسود والنمور والسباع وهو عاري الصدر، مؤمناً أن لامخلوق يهاجمه إن لم ينو هو مهاجمة ذلك المخلوق، كائناً من كان: سيّافاً على الحصان .. عِفريتاً فوق الشجرة .. حوتاً في البحر .. عُقاباً بالهواء .. أو أسداً في الغابة.!”
دخلتُ اليوم زنزانة الأسد صائماً عن لحم الحيوان، معتقداً انه هو الآخر صائمٌ عن لحم الإنسان، بحكم أن صيامَ الإنسان “فريضة” وصيامَ الحيوان “غريزة” .. والفريضة إن كانت بقراءاتها الكتابية الفكرية، والغريزة بعضلاتها العضوية الجسدية، فالصوم بينهما سمة مشتركة، لن يلهمها بعضهما البعض.!
الصوم فرضته السماء بالآية الكريمة (يا أيها الذين آمنوا، كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلّكم تتقون/البقرة 183) ..
والصوم طبّقه إنسان الأرض بالبادية من بيئة صحراوية بوصفة طبّية: (صوموا تصحّوا) ..
والصوم فهمه لاحقا إنسان العلم والفضاء والطب والتكنولوجيا بالعقل والفكر:
· بأن الصيام يجدد الخلايا والأنسجة، ويعزّز القدرة على الإنجاب.!
· وأن الصيام يخلص الجسم من السموم والخلايا التالفة.!
· وأن الصيام يسمو بالروح ويعزّز الذاكرة وقدرات العقل.!
وأعتقد أن غاندي كان يقتحم الوحوش والسباع عارياً صائماً بنيّة أن لا يأكل لحم غيره .. إذن سأدخل اليوم زنزانة الأسد، صائماً وبحسن النية.! ..
ترى هل سيستقبلني ملك الغابة بلغة (الأبدان) صائماً، إن دخلتُ عليه بلغة (الأديان) صائماً.؟
وترى، هل سيؤمن ملك الغابة ذوالجسدالعملاق، على ما يؤمن به نزيله بالجسم الهزيل؟ .. وكلاهما (كما أسلفنا) إمّا بفريضة أو بغريزة.!
فهل ياترى الأسد يمارس غريزته التي أودعها الله فيه، يتركني أمارس بجواره فريضتي التي شرّعها الله علىّ..؟!
رمضان هذا العام من أوله الى آخره أريده من نوع آخر وبصومٍ من نوع آخر.! .. إن كنا نحتفل بعيد الفطر بالنهاية، فلنحتفل هذه المرة بعيد الصوم في البداية، أمضيه محبوساً يوما كاملا في زنزانة الأسد، صائماً عن النوم والطعام والكلام، افكر في الذين يصومون 24 ساعة من النهار، وسبعة أيام من الأسبوع، وثلاثين يوم من الشهر و12 شهر بالسنة.! .. إنهم أناسٌ لايُصلّون ليلة القدر ولايحتفلون بعيد الفطر الا على أكياس القمامة وبراميل النفايات، يرون فيها حلويات صباح العيد وبريق الملابس والحلىّ والحُلل، ليلة قدرهم تتحقق بفجر العيد على تلك الفُضلات والمخلّفات إن وجدت فيها ما يفطّرصيامهم ويُسقي فطامهم.!
أريد أن اصوم هذا اليوم جوعاناً عطشاناً ضمآناً، متضامنا مع القتلى والجرحى من امة محمد اينما هم صائمون نائمون بجوار الأسود والسباع، أصومه من أرض (إمارات الخير والعطاء) حيث يصوم فيها الأسد القوي المتواضع ليفطر مع الضعيف الهزيل، ويقوم فيها الكبير للصغير، ويعانق فيها الأمير الفقير..!
(الإمارات) تُفرش في ساحاتها أطول سفرة للصائمين، وتُنصب في واحاتها أضخم خيمة للّاجئين .. الإمارات لا توزع خيراتها على من يفترش ارضها ويكتسي سمائها فحسب .. بل وإمارات (زايد الخير وراشد الحكمة) بأنجالهما وأحفادهما كانت ولازالت وستبقى (إنشاءالله) الخيمة المضيافة المتّسعة من الخليج الى المحيط.
الكلّ يعرف ان المائدة الإفطارية الإماراتية تبدأ من الإمارات السبع، وتمتدّ الى 57 دولة في منظمة التعاون الإسلامي الموزّعة على 26 دولة إسلامية بقارة أفريقيا و 27 دول إسلامية بقارة آسيا.! ..
بل وتمتدّ إلى المسلمين بقارة أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية واللاتينية، إلى أينما رُفعت الأذان وسُمعت دوىُّ الإفطار على إمتداد 32,000,000 مليون كيلومتر من مساحات العالم الإسلامي.!
الخيمة الرمضانية الإماراتية فيها “ليلة القدر” تقول للمحتاج “لست وحدك” .. لإشعار المحتاجين (أينما كانوا) أنكم لستم لوحدكم .. وأن هناك منديلاً لكم بالإمارات ليمسح الدموع مهما إبتعدتم عنها جغرافياً .. وأنّ هذا المنديل من أناسٍ لاتعرفونهم وقد لا أعرفهم، إنهم الآباء (الإماراتيون) زرعوا يوماً نبة “لست وحدك” ولازال الأبناء بحصاد “لست وحدك”..!
الإمارات لك بكلّ شيئ مهما كنت وأينما كنت، من قطعةِ أرضٍ لك (مواطناً) وأنت من تراب الوطن، إلى سترة نجاة لك (سائحاً) من صراع الأمواج إلى قمم الجبال، وبقشّة تتعلّق بها وانت تائهٌ في البروالبحر، او بعود ثقابٍ تشعله في ظلام دنياك وانت في مخيّم اللّاجئين والمنبوذين أينما نصبت .. لأنها دولةٌ قامت بعناق الحب وروح التعاون والتضامن.
· بالإمارات يتلذّذ المواطن والمقيم والسائح والزائر في مساعدة الآخر، هنا الشبعان يُطعم الجائع، القوىُّ يُسند الضعيف، والقائم يمسك بيد القعيد.
· أتمنّى الدنيا تقتدي بإمارات “لست وحدك”.. الإمارات قنديل الإضاءات لمن يعيش فيها بحب، ويزورها عن حب، ويقتربُ منها بحب.
· قناديل “لست وحدك” نتمنّاها لكل الدول الصديقة والعواصم الشقيقة، لأننا نعلم ان الدنيا بخير، ومليئة بالقادرين المقتدرين .. والمستحقين.!
· رمضان كريم من الإمارات
بقلم الكاتب: أحمد إبراهيم – (الإمارات)
رئيس مجلس إدارة مجموعة يوني بكس العالمية