ذكرت مجلة فورين بوليسي في تقرير لها إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هو أحد القيادات العالمية صاحبة الأفكار الفذة، عندما تحدث قبل عام أن على الإمارات أن تتعلم العيش من دون النفط، وقد قلصت الدولة بالفعل النفط المنتج كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 30 %، وتهدف إلى الوصول بهذه النسبة إلى 20 % بحلول 2020.
وأكدت المجلة أن هذا التزام أساسي بالتنوع الاقتصادي يظهر رؤية المغفور له الشيخ زايد الثاقبة التي تجلت عندما أنشأ أول صندوق ثروة سيادي في العالم قبل اكتشاف النفط بسنوات.
وقالت إن فكرة استحداث وزارة للتسامح كانت أقدم من الوزارة نفسها، فقد أسست الدولة وفق رؤية مؤسسها الأول المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واضعاً مبادئ التسامح نصب عينيه.
وفي مقاله بالمجلة كتب ديفيد روثكوبف تحت عنوان «دولة واحدة أصبحت رائدة في ابتكار أفكار جديدة حول مستقبل الحكم وسط فوضى الشرق الأوسط»: لا يمكن لأحد زيارة دولة الإمارات دون أن تصيبه الدهشة مما تم إنجازه في فترة قصيرة للغاية من الزمن، ودون أن يشعر بحاجة حكومات عدة بما في ذلك الحكومة الأميركية أن تحذو حذوها على صعيد الابتكار، ناهيك عن التسامح والسعادة.
وركز الكاتب على تشكيل الحكومة الإماراتية الجديدة وتعيين وزيرة لشؤون الشباب التي وصفها بالخطوة الجريئة يتعين على سائر الدول محاكاتها.
وأشار الكاتب إلى أن دولة الإمارات وصلت إلى المستوى الراهن من التقدم والازدهار بعد 44 عاماً فقط من إنشائها، في حين أنه بعد الفترة نفسها من توقيع وثيقة إعلان الاستقلال الأمريكي، ولم تحصل النساء على الحق في التصويت فيها إلا بعد 90 عاماً أخرى.
واليوم، بعد 240 عاماً من إعلان الاستقلال، ما تزال الولايات المتحدة تعاني من انعدام المساواة بينما تأتي في طليعة الدول التي تراقب سكانها، وأنه على النقيض من ذلك، اشتملت الإصلاحات الأخيرة في دولة الإمارات على تعيين ثماني سيدات في مجلس الوزراء، الذي يضم وزيرة الشباب شمة المزروعي الحاصلة على درجات علمية من جامعة أكسفورد وجامعة نيويورك ـ أبوظبي.
وقال الكاتب إن تعيين وزيرة لشؤون الشباب تستطيع فهم أحوالهم ومشكلاتهم في عالم يتمثل أحد أبرز تحدياته في انعدام ثقة الشباب في مؤسسات الدولة يعد خطوة جريئة يتعين على سائر الدول محاكاتها.
وتطرق الكاتب إلى لقاء أجراه مع معالي محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل من داخل مكتبه بالطابق الحادي والخمسين من أبراج الإمارات في دبي.
وقال إن التصميم المعماري البديع لهذه الأبراج الشاهقة يمنح شعوراً بأنها تنتمي إلى المستقبل بطريقة من المستحيل إيجادها في أي من مدن «العالم الغربي»، وإن مدينة دبي بأسرها تبعث على الأمل والإقدام والابتكار بحيويتها وإشراقها، لافتاً إلى أن القرقاوي يعد مثالاً على الكوادر المبدعة والمتميزة العاملة بالحكومة والتي تجعل الإمارات تنفرد عن غيرها من دول الشرق الأوسط، وتضعها على قمة الحكومات الأكثر ابتكاراً ونجاحاً في العالم.
وأضاف: أشار القرقاوي من مكتبه إلى طريق سريع من ستة مسارب، يمتلئ بسيارات من أحدث الطرازات في مدينة تضم الآن أكثر المطارات ازدحاماً على مستوى العالم والعديد من أشهر الشركات ونسيجاً اجتماعياً متنوعاً بشكل ملحوظ.
ولفت الكاتب إلى التشكيل الوزاري الأخير، والتي قال إنها حظيت باهتمام كبير في وسائل الإعلام، وتضمنت إنشاء وزارة جديدة للتسامح وأخرى للسعادة، وتعيين وزيرة لشؤون الشباب لا يتجاوز عمرها 22 عاماً.
ويرى الكاتب أنه من الغريب ألا ينظر البعض إلى هذه التعديلات الأخيرة وسلسلة الابتكارات الطويلة التي قدمها الإماراتيون بوصفها تجارب هامة ترمي للوصول إلى دولة ناجحة في منطقة تملك سجلاً مؤسفاً للغاية على صعيد الحكم.
وأوضح أنه كان في زيارة إلى دولة الإمارات من أجل العمل على مشروع لعبة السلام، الذي تستضيفه المجلة بدعم من الحكومة الإماراتية، ورأى الحاجة إلى تسليط الضوء على قصة إبداع القادة الإماراتيين بحيادية.
وقال إنه في بلد لم تضم خلال فترة تأسيسها سوى القليل من السكان الحاصلين على شهادة جامعية، أصبح التعليم أولوية هامة للغاية لدرجة أن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعتي السوربون ونيويورك افتتحت جميعها فروعاً في الإمارات وهذا من منطلق إيمانها بجودة التعليم وضرورة تدريب السكان الذين تعتمد عليهم.
وتابع: إن الإمارات اليوم تتفوق على سائر بلدان الشرق الأوسط من ناحية التحصيل العلمي للطلاب، وتحتل المرتبة 45 في العالم وهذا النجاح والتقدم يمتد إلى مجالات أخرى أيضاً إذ تأتي الإمارات في المركز الثلاثين على مستوى العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لبيانات البنك الدولي، وتحتل المرتبة 17 في مؤشر التنافس العالمي لعام 2015-2016، ويضعها المنتدى الاقتصادي العالمي في المركز الرابع من حيث البنية التحتية، والثاني من حيث النقل الجوي، والأول من حيث الطرق.
وتبين تقديرات مؤسسة ميرسر لمستوى المعيشة لعام 2016 أن دبي وأبوظبي لا تتفوقان على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فحسب، ولكن أيضاً جميع مدن أمريكا اللاتينية وجنوب العالم.
وأوضح الكاتب أن فكرة تركيز الحكومة على السعادة ليست بجديدة؛ إذ إنها وردت في وثيقة إعلان الاستقلال الأميركي بوصفها أحد أهداف تأسيس الدولة وقادت الأمم المتحدة مؤخراً مسعى للبحث عن أفضل المقاييس التي يمكن من خلالها تقييم مدى نجاح الحكومات في تلبية الاحتياجات الإنسانية بعيدة المنال لشعوبها.
ولا يعد ذلك أمراً جديداً أيضاً بالنسبة لدولة الإمارات، حيث كان قياس السعادة هدفاً للحكومة منذ سنوات. كما كانت الإمارات هي أول حكومة في العالم تقيم أداء الوزراء بموجب مقاييس رئيسية تضعها كل عام، ومن ناحية التسامح، أسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الدولة برؤية تضع في الاعتبار مبادئ التسامح، وكان أول دليل على ذلك هو تعليم المرأة والتعامل معها بصورة أكثر إنصافاً من أي بلد آخر في المنطقة.
ويعزى تبني الإمارات لقيمة التسامح إلى دورها التاريخي كمركز تجاري، وهو الدور الذي يجعل دبي حتى اليوم وجهة دائمة للإيرانيين رغم التوتر القائم بين البلدين.. والروس والصينيين، وسكان جميع دول العالم.
وأكد الكاتب في المجلة ديفيد روثكوبف إن النهج الحالي للإمارات، من حيث تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين عبر التطبيقات الإلكترونية وتقبل الفشل كجزء من عملية الابتكار، لا يختلف كثيراً عن النهج المتبع في وادي السليكون، وفي الوقت نفسه، تبحث الإمارات عن أفضل أساليب الارتقاء بالأداء الحكومي التي يمكن أن تتبناها عن طريق عقد أهم مؤتمر في العالم يجتمع فيه كبار القادة لمناقشة أبرز القضايا الحيوية التي تواجه الحكومات.
المجلة:
ــ أسس الشيخ زايد الدولة برؤية تضع في الاعتبار مبادئ التسامح
ــ الكوادر الحكومية المبدعة وراء تفرد الإمارات على مستوى المنطقة
ــ استحداث وزارتي التسامح والسعادة وتعيين 8 سيدات
ــ الإمارات رائدة في ابتكار أفكار جديدة بشأن مستقبل الحكومات
ــ الإمارات تعاملت مع المرأة بصورة أكثر إنصافاً من أي بلد آخر بالمنطقة
ــ تعيين وزيرة لشؤون الشباب خطوة جريئة على الدول محاكاتها
ــ دبي تبعث على الأمل والإقدام والابتكار بحيويتها وإشراقها
ــ تصميم الأبراج الشاهقة يمنح شعوراً بأن الإمارة تنتمي إلى المستقبل
ــ تقديم الخدمات للمواطنين عبر التطبيقات الإلكترونية جزء من الابتكار
ــ الإمارات تجمع قادة العالم في مؤتمر لمناقشة القضايا التي تواجه الحكومات