طالب علي بن حاج، القيادي الإسلامي الأبرز في الجزائر من سلطات البلاد الترخيص من جديد لحزبه “الجبهة الإسلامية للإنقاذ”، بعد قرابة 24 سنة من حلها بقرار قضائي، وبعد 25 سنة من اكتساحها أول انتخابات برلمانية تعددية نظمتها البلاد.
وظهر بن حاج في شريط فيديو، بمناسبة زفاف حفيد محمد بوسليماني، قيادي إسلامي شهير قتلته “الجماعة الإسلامية المسلحة” عام 1994، وتحدث مطولا عن “جبهة الإنقاذ” التي يعد الرقم الثاني فيها، وعن “سمعتها في الأوساط الشعبية”. ومن بين ما جاء في كلامه: “قالوا للأخ قمازي (قيادي في نفس الحزب) إن الجبهة تلاشت وأصبحت أثرا بعد عين. نحن نقول لكم لا ندعي أننا نملك قبولا لدى الناس، فلو صرحنا بذلك قد نبالغ ولكن نقول لكم أعطونا الاعتماد وسنعيدها (الجبهة) سيرتها الأولى”.
وأضاف، في حال العودة إلى النشاط من جديد: “حتى لو خسرنا (في الانتخابات) سنبقى في الساحة، أما أن تمنعونا حقنا (من النشاط السياسي) فهذا لا يمكن أن نقبله. وحتى عندما نموت، فسيأتي أولادنا من بعدنا لطرح هذا المطلب من جديد”.
وعبر بن حاج عن سخطه من منعه من الصلاة في المسجد كل يوم جمعة، منذ ثلاثة أشهر، للحؤول دون لقائه بأنصاره تفاديا لخروجهم في مظاهرة ضد الحكومة.
ولوحظ في صور الفيديو، الذي نشره متعاطفون مع بن حاج، مسؤول “صحوة المساجد الحرَة” (تنظيم غير معتمد) حمداش زيراوي وكمال قمازي، وبن يوسف ملوك الذي اشتهر بتفجير ما يعرف محليا بـ”مل فالمجاهدين المزيفين”، وهم قضاة يملكون وثائق تثبت مشاركتهم في ثورة الاستقلال، ولكنها مزورة بحسب ملوك الذي كان إطارا بوزارة العدل، وتم فصله بسبب هذه القضية.
ولا يعرف بالضبط إن كانت “الإنقاذ” لا تزال تملك ذلك الوهج، الذي قادها عام 1990 إلى فوز عريض في أول انتخابات بلدية. فقطاع من الجزائريين متعاطفون معها خاصة بالأحياء والمدن الفقيرة، لكن قطاعا آخر يحملها مسؤولية الدماء التي سالت خلال فترة الحرب الأهلية التي خلفت 150 ألف قتيل.
وفي صيف 1991 زجت السلطات برئيس الحزب عباسي مدني (مقيم بقطر حاليا مع أبنائه)، وبن حاج في السجن، بحجة أنهما حرضا على العنف في مسيرات مشهورة. وفي أواخر نفس العام، اكتسحت “الجبهة” الدور الأول من الانتخابات التشريعية، وكانت متجهة لتحقيق فوز كبير في الدور الثاني، غير أن قادة الجيش أجبروا رئيس الجمهورية الشاذلي بن جديد على الاستقالة وألغوا نتائج الانتخابات، فكان رد فعل أنصار “الإنقاذ” عنيفا، وتشكلت أولى الجماعات المسلحة. وفي مايو من عام 1992 حلت السلطات “الجبهة” بقرار قضائي.