افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الفخري للهيئة العربية للمسرح، أمس، مقر الهيئة، في منطقة الحيرة بمدينة الشارقة.
وتفضل سموه عند وصوله، بإزاحة الستار عن اللوح التذكاري، معلناً عن افتتاح المقر، وصافح سموه بعدها الحضور الكبير من الفنانين المسرحيين من الدول العربية كافة، مرحباً بهم في الشارقة ومباركاً لهم افتتاح مقر الهيئة.
وألقى صاحب السمو حاكم الشارقة كلمة بهذه المناسبة، حيا فيها المسرح وأهله، معلناً سموه عن تخصيص وديعة مالية لصالح أعمال الهيئة، مشيراً سموه إلى أهمية المسرح كركن أصيل من أركان الثقافة في تطوير المجتمع وترقيته، وأن جهود سموه لن تنقطع عن دعم المسرح وأهله في كل البلدان العربية حتى يعود المسرح كما كان في السابق.
وتناول صاحب السمو حاكم الشارقة في كلمته، أسباب اهتمامه وحبه للمسرح الذي شغف به منذ الصغر وعاصر فيه الكثير من كبار المسرحيين والكتاب، وعندما أصاب المسرح الإهمال برز دعم سموه له فأسس وكتب ووجه ليعود المسرح العربي كما كان مليئاً بالمواهب، ولذلك كان الدعم الأكبر للهيئة العربية للمسرح، والمهرجانات المختلفة في كافة أقطار الوطن العربي جنباً إلى جنب في الشارقة. وأعلن سموه عن وديعة مالية للصرف المادي على كافة أنشطة وأعمال الهيئة العربية للمسرح لكي تستمر ولا تتوقف، قائلاً سموه: «نربي من أبنائنا لهذا المسرح ومن يتوجهون له لأنه جانب من النشاط الفكري العظيم للمجتمع، ولذلك لابد أن تكون له دعامة مادية».
وأوضح سموه أهمية دور الإدارة في تسيير أعمال المسرح، مشيراً سموه إلى أنه من المهم أن يكون كافة المسؤولين في إدارة المسرح وأنشطته وأعماله من أهل المسرح لخبرتهم الكبيرة في ذلك ومسؤوليتهم المباشرة عنه بالفهم والعلم والمعرفة لما يحتاجه العمل المسرحي، قائلاً سموه: «نقول إن المسرح بخير، وإلى جانب العمل المسرحي نحن نحفّز الشباب والكُتاب ونطلب منهم ألاّ يكونوا بخلاء في الكتابة، بل على العكس نطلب منهم الكتابة باستمرار لأن الكتابة هي ثقافة وعندما يكتب الكاتب فإنه يضع ثقافة على الورق، سواء خرجت في ثوب مسرحية أم لم تخرج ولذلك خصصنا لهم مكتبة للبحث والكتابة». وبعث صاحب السمو حاكم الشارقة، رسالة أبوية إلى كل من يعمل في المسرح بأن يبتعد عن كل ما يشوه صورة أهل المسرح من العادات المنبوذة في المجتمعات، داعياً سموه المسرحيين إلى التعاون ومساعدة بعضهم البعض.
وتحدث سموه عن أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية التي تم اختيار طاقمها الإداري بدقة، لافتاً سموه إلى أنها أنشئت لكافة الشباب الموهوب في الوطن العربي وليست الشارقة فقط، حيث إنها وبما تضمه من إمكانيات كبيرة وما هي عليه من الحركة والنشاط كخلية نحل دائمة، تعمل على تخريج الشباب المؤهلين والمتميزين أكاديمياً والمتمكنين من تخصصاتهم في الفنون الأدائية والذين ستزداد أعدادهم كل عام ويعتبرون مكسباً لكل بلدان الوطن العربي.
وعن الاهتمام بدعم المسارح في الأقطار العربية، أشار سموه إلى أن المهرجانات التي تنظمها الهيئة العربية للمسرح في البلدان العربية أحيت المسرح وكذلك الإلفة بين المسرحيين العرب، وأن الدعم الأكبر يذهب إلى المسارح المتعثرة للنهوض بها وإعادتها إلى عهدها السابق، لأن المسرح فرجة جادة تحمل هموم المجتمع.
واختتم صاحب السمو حاكم الشارقة حديثه، مطالباً أهل المسرح بمواصلة التعلم والاطلاع، قائلاً سموه: «نتمنى من أهل المسرح أن يعتنوا بالقراءة لأنهم جزء من أهل الثقافة، وأن يواصلوا تعلمهم دائماً لأن التعلم لا يتوقف ونتمنى أن نرتقي بالمسرح ونعيده إلى مستواه لأن المسرح إحدى الأدوات التي ترتقي بالمجتمع».
وتجول صاحب السمو حاكم الشارقة في مقر الهيئة، الذي يضم مبنيين متجاورين وهما اثنان من البيوت التراثية التقليدية اللذين أعيد بناؤهما ضمن إحياء بلدة الحيرة القديمة، حيث اطلع سموه على ما يضمانه من مرافق متنوعة تشمل الأقسام المتعددة الإدارية والفنية المتخصصة، إلى جانب المكتبة، وإدارات النشر، والتدريب والتأهيل، والمسرح المدرسي، والمكتبة الرقمية، والمركز العربي للتوثيق والدراسات المسرحية.
وصمم المقر وفقاً لطراز العمارة الإماراتية التقليدية، مع توفر كافة الاحتياجات والمرافق الحديثة. ويتضمن التصميم عناصر رئيسية مثل النقوش الخشبية المتقنة والزخارف الجصية، وهي سمات معمارية تقليدية تميزت بها المنطقة، كما تم توفير مختلف الاحتياجات والخدمات والبنية التحتية في المبنى وبجانبه لتسهيل حركة الزوار للهيئة.
وألقى إسماعيل عبدالله، الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، كلمة أعرب فيها عن سعادة أهل المسرح بافتتاح مقر الهيئة، مثمناً دعم ووقفات صاحب السمو حاكم الشارقة الدائمة للعناية بالمسرح والارتقاء به وبأهله، مشيراً إلى أن هذا المقر الجديد للمسرحيين العرب كافة سيمنحهم المزيد من الهمة للمضي بالمسرح إلى الأمام. وقال: «أيها التاريخ ثبّت وتمعّن يا كاتبه ودوّن، هذا هو المسرح والشارقة عاصمته وقلوب المسرحيين عنوانه، هذا هو الشرف التام وكماله، هذا هو المسرح وجماله، أردت يا صاحب السمو حاكم الشارقة الهيئة بيتاً للمسرحيين العرب، ومنحت البيت نوره ومعناه من لحظة الولادة». وأشار الأمين العام للهيئة، إلى أن الدعم للمسرح العربي يعني مزيداً من المسؤولية في رسالة المسرح وجهود المسرحيين، حيث إن الهيئة العربية للمسرح تعمل على تطوير المسرح في كل مدينة عربية وترتقي بكل مسرحي عربي.
بدورهم، حيا الفنانون العرب من مختلف الدول العربية، صاحب السمو حاكم الشارقة، معربين عن سعادتهم وفخرهم بالدعم اللامحدود من سموه، وافتتاح مقر الهيئة ليكون بيتاً مفتوحاً للمسرحيين العرب.
حضر حفل افتتاح المقر بجانب صاحب السمو حاكم الشارقة كل من: عبدالله بن محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة، والدكتور صلاح بطي المهيري، رئيس هيئة تنفيذ المبادرات «مبادرة»، ومحمد عبيد الزعابي، رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وعدد كبير من المسرحيين من مختلف الدول العربية.
زيارة واطلاع
إلى ذلك، زار صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أمس، مجلس الحيرة الأدبي التابع لدائرة الثقافة بمنطقة الحيرة.
واطلع سموه على أنشطة وبرامج المجلس الذي يعد منصة ثقافية شعرية فاعلة تسهم في دعم الشعراء، من خلال إقامة الأمسيات والمهرجانات الشعرية وإنتاج الدواوين والكتب والإصدارات، والحفاظ على الموروث الشعري بإعادة إحيائه وتداوله وتدارس فنونه وتفاصيله الشعرية واللغوية والثقافية والقصص التي يوثقها في أبياته.
وتبادل سموه مع ضيوف المجلس من الشعراء والفنانين، الأحاديث الثقافية والشعرية التي تؤكد أهمية الموروث الشعري ودوره في الثقافة العربية، ومساهمته في نقل الأحداث وتوثيقها بأساليب شعرية وفنية تلامس الذائقة الشعرية الأدبية.