نختلط في حياتنا اليومية بالعشرات من الناس على اختلاف شخصياتهم وخلفياتهم، الثقافية والاجتماعية والسلوكية في العمل، وفي الاجتماعات الأسرية بين الأهل والأقارب والأصدقاء وزملاء العمل. تخيل أنك يومياً تحتك بهؤلاء الأشخاص، وتحدث بينكم الكثير من التعاملات والمواقف، وعلى الرغم من ذلك تجد أنك غير مقبول عند البعض، وقد تتفاجأ بأنك شخص غير محبوب، وتسأل نفسك السؤال، الذي قد يستثير عواطفك، ويثير الكثير من علامات الاستفهام في دواخلك، لماذا لا يحبني الناس؟
دعونا نكون صريحين مع أنفسنا، لن يتقبلنا الجميع بالمستوى نفسه، الذي نرغب به، على مستوى الأسرة تجد أيضاً أن الوالدين محبتهم ليست بالمستوى نفسه لأطفالهم، أحياناً نشعر بأننا مرفوضون، ولا ننال الرضا والمحبة نفسها، التي ينالها البعض في محيطنا، ورغم أننا قد نتعب في العمل، ونؤدي مهامنا ووظائفنا على أكمل وجه، وبين أسرنا نؤدي مهامنا الأسرية، ولا نقصر في حق أهلنا وأسرتنا وأطفالنا، ولكن لا نجد المحبة والاحترام نفسه، الذي نرغب به، بل إن هناك فئة معينة قد تأخذ الاهتمام من المديرين أو الزملاء من حولنا، فلا نستطيع فهم مثل هذه التصرفات، لهذا إذا أردنا فعلاً كسب القلوب من حولنا نحتاج أولاً إلى التوقف عن طرح هذه الأسئلة، وعدم التفكير في محبة الناس لنا، وتركها للظروف والوقت، كما نحتاج إلى أن نركز على كيفية كسب حب الناس، وألا نكون في عزلة اجتماعية عن الآخرين، بل ربما نحتاج إلى أن نكون قريبين من الآخرين، وأن نعرف كيف ندخل قلوبهم، ونكسبهم بالحب والاحترام والعطاء.
وإذا لم يحبك الناس فذلك لا يعني أنك شخص سيئ أو العيب فيك، ليس بالضرورة أن يحبك الجميع، وأن يرضى عنك الجميع، فهناك الكثير من الاختلافات بينك وبين الآخرين، في التطلعات والأحلام، وفي طريقة تعاملك مع الأمور في العمل والحياة، وما تراه أنت مفيداً وجميلاً قد يراه الآخرون من زاوية أخرى، ولكن يجب عليك أن تخرج من عزلتك الاجتماعية، وربما من سلوكك أو طريقتك في التعامل معهم خصوصاً إذا شعرت بأن معظم الناس لا يحبونك، ولا يتقبلونك ربما هناك بعض السلوكيات، التي ظهرت منك، ولكن لا تضيع الوقت في البحث عن الإجابات حول سبب عدم محبة الناس لك.
يقول سي جويبون الباحث في علم النفس: «الحياة أقصر من إضاعة الوقت في التفكير عن رأي الآخرين بك. أظن، في المقام الأول، أن فراغهم هو مشكلتهم! فلو أنهم يملكون ما هو أفضل من الحديث عنك أو رأيهم بك لفعلوه!».
لذلك ركز على نفسك وطورها، لا تحتاج إلى رأي الآخرين فيك، تلك الأسئلة من الطبيعي أنها تدور في أروقة الأماكن، التي نعمل بها، ونسمعها بشكل يومي، ونتأثر فيها، لذلك حاول ألا تكون أكثر حساسية للسلوكيات، التي تبدر من الغير، وتقبل آراء الآخرين عنك ومصارحتهم، بما يدور في أنفسهم، في النهاية؛ لا تقع في فخ التخمينات، ولا تحاول ربط حديثهم أو كلامهم وترجمته لسلوكيات وتربطها بالماضي، بل ركز على نفسك وذاتك، وطور من علاقاتك الاجتماعية، ووسع من دائرة محيطك، لأنك قد تحتاج إليها في علاقاتك اليومية، حاول ألا ترتكب فعلاً ينفر الناس منك، أو يغير من نمط شخصيتك، حاول أن تكون خريطة تعاملك مع غير الواضحة حتى تستطيع التعامل معهم على اختلاف آرائهم وسلوكياتهم؛ فالبشر في طبيعتهم لا يقبلون الجميع، أغلب الظن حتى أنت لا تستطيع أن تتقبل الجميع!
بقلم: فاطمة المزروعي