|  آخر تحديث يناير 18, 2016 , 22:22 م

واشنطن تبحث عن فرصة أخيرة في عملية السلام


واشنطن تبحث عن فرصة أخيرة في عملية السلام



تدخل ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما عامها الأخير، على وقع اقتناع عدد من المراقبين الاختصاصيين بالشرق الأوسط في بداية العام 2016 بأن الإدارة الأميركية الحالية قد تخلت عن عملية السلام الإسرائيلي الفلسطيني.

ولا يصعب التوصل إلى مثل تلك النتيجة، في ظل اتساع الهوة وتعمق الثغرات حول المسائل الأساسية وانعدام الثقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتناياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. ومن المؤكد أن أوباما ووزير خارجيته جون كيري لن يكونا مهتمين بملاحقة قضية من هذا النوع.

لكن على الرغم من غياب أية فرصةٍ حقيقية للتقدم الجدي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لا بد من الاعتراف بأنه لا يسع الإدارة الأميركية الحالية إلا أن تفعل شيئاً حيال ما تبقى من عملية السلام بين الطرفين.

إنها دعوة تعترض سبيلها أسباب عدة تحول دون إمكانية المضي قدماً، كارتفاع احتمالات الفشل، والعلاقة المتوترة مع نتانياهو، ومختلف المشكلات الشرق أوسطية، بدءاً بوضع حدٍّ لـ «داعش»، وإعادة توحيد سوريا، وتصعيد العمليات العسكرية لاستعادة الموصل، وسواها. إلا أن رغبة أوباما بترك بصمته على القضية الفلسطينية تمثل الإغراء الأخير في أجندة السياسة الخارجية.

قد لا تركز الجهود على مفاوضات حقيقية، أو تحقيق إنجاز فعلي بين الطرفين، لكنها ستتمحور بالحدّ الأدنى حول مساعٍ للتوصل إلى إطار عملٍ أميركي أو دولي يرسي مجموعة معايير، تسطر رؤية الإدارة الأميركية لحلّ قد يتبلور مع نهاية العام.

أما من حيث الأسباب التي تدفع بهذا الاتجاه، فنرى أنها تتلخص أولاً بمسألة الأعمال غير المنتهية، حيث عيّن أوباما بعد يومين من انتخابه عام 2009 مبعوثه الخاص لعملية السلام، جورج ميتشل. وأدلى في مناسبات لاحقة عديدة بتعليقات وملاحظات ووعود بالتوصل إلى اتفاق إسرائيلي فلسطيني في غضون عامين، وتعهد بالتزامات توازي الوعود تسرعا،ً وتنص على تجميد بناء المستوطنات بشكل شامل. لم تتحقق أي من تلك الوعود، طبعاً، على أرض الواقع، ولم يوفر نتانياهو مناسبةً لمهاجمة أوباما دبلوماسياً وتقويض مصداقيته.

وفي حين أظهر الاتفاق النووي مع إيران استعداد أوباما لمواجهة نتانياهو والتغلب عليه في أمر يؤمن به، فمن المرجح أن يقوم بما يؤكد استمرار تأثيره في مسار عملية السلام، حتى لو اضطره الأمر إلى أن يتخذ قرارات أحادية.

ثانياً، سيكون كيري إلى جانبه لتشجيعه، سيما أنه يكاد يتعذر وجود دبلوماسي رفيع مثله يهتم بهذه القضية، ويؤمن بقدراته على تحقيق أمور جيدة.

وأخيراً، ومع بدء العدّ العكسي الرئاسي التنازلي، تزداد أعراض متلازمة «ضرورة القيام بشيء ما»، بغض النظر عن احتمالات النجاح، سيما أنه حتى الساعة لا يبرز إنجاز وحيد على هذا الصعيد يمكن توريثه للإدارة المقبلة.

بناءً على ذلك كيف يبدو الإغراء الأخير للتحرك على خط عملية السلام؟

 

هناك عدد من الاحتمالات المطروحة، يتجسد أحدها بإمكانية السير في عملية سلام حقيقية تنطوي الاستراتيجية الأفضل المتعلقة بها، أقله على الورق، على صعوبات كثيرة كونها تعوّل أساساً على نتانياهو وعباس، وضرورة اعترافهما بأهمية إدارة الصراع لا حلّه. لكن في ظل انعدام الثقة والمصلحة والعمل السياسي من جانب الطرفين، فإنه يصعب تصور التزام الفلسطينيين والإسرائيليين بالنهج المطروح.

قد يرغب أوباما وكيري، بغياب عملية سلام حقيقية، بترك إرث من نوع آخر يتسم بطابع أكثر افتراضية، يتمحور جوهره حول وضع تعابير مرجعية لتسوية الدولتين، كالقدس والحدود والأمن والأرض واللاجئين، وذلك بغض النظر عن قبول الطرفين بها من عدمه.

لكن بغض النظر عن ذلك، لا يزال الرهان قائماً على أن شعلة عملية السلام لم تنطفئ في أوساط الإدارة الأميركية، وأنه بطريقة ما سيعود أوباما وكيري للعمل على القضية خلال العام الجاري. إضافةً إلى التعويل على حصول ذلك، يؤكد كثيرون أن الإشكالية الإسرائيلية- الفلسطينية، على غرار العديد من قضايا الشرق الأوسط المتفتت، الغاضب والمعطل، ستقض مضجع الرئيس الأميركي المقبل، أياً كان.

 

يبرز مسار تحرك جدير بالبحث، ويقضي بالاستثمار في مصلحة العرب والإسرائيليين المشتركة بمكافحة إرهاب «داعش» للعمل على انعقاد مؤتمر إقليمي، يلتقي بخطوطه العريضة مع قمة شرم الشيخ التي عقدت عام 1996 بين إسرائيل وأكثر من 20 دولة عربية.

كان الزمان مختلفاً ، ولا بدّ لأي مقاربة إقليمية اليوم أن تبني بطريقة ما على مبادرة السلام العربية عام 2002، التي أقرت باعتراف الدول العربية بإسرائيل، مقابل إنشاء دولة فلسطينية.

إلا أن التحدي الأكبر اليوم يتمثل بتحديد مجموعة من المبادئ المشتركة التي يمكن لكل من إسرائيل والدول العربية التوافق بشأنها، وهي ليست بالعملية السهلة أبداً.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com