يمر اليوم (الأربعاء) عام على تولي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية، خلفاً لأخيه الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
فقد مر عام (حسب التوقيت الهجري) منذ أن انعقدت البيعة لخادم الحرمين الشريفين في الثالث من شهر ربيع الآخر لعام 1436هـ. عام مفعم بالإنجاز، والقرارات الشجاعة، والإجراءات التي أفاد منها المواطنون، والخطوات الحازمة والحاسمة في السياسة الخارجية السعودية التي انتقلت في عهد الملك سلمان إلى خانة الإجراء الفوري الذي لا يعرف تردداً، ولا يتهاون في مصلحة البلاد والأمتين العربية والإسلامية.
وشهد العام الذي انقضى منذ مبايعة خادم الحرمين الشريفين أحداثاً دولية جساماً، وتفاقمت خلاله أوضاع المنطقة، لكن الملك سلمان تحرك بحكمة وحزم، فأعلن “عاصفة الحزم” وتبعها بـ”إعادة الأمل” في اليمن، ثم إعلان التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب. كما واصل بهمة عضوية المملكة في مجموعة الـ20، وأضحت الرياض في عامه الأول في الحكم قبلة للاتصالات الدبلوماسية العربية والأجنبية.
وكان آخر قراراته قطع العلاقات مع إيران عقب اعتداءاتها على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، حتى غدت المملكة قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية.
أهم الإنجازات الداخلية
أما أهم الأحداث الداخلية خلال العام الأول من البيعة، فيأتي على رأسها الميزانية الجديدة التي ترافقت مع استراتيجية التحول الوطني، في خطوات غير مسبوقة لإنهاء اعتماد الدولة على النفط مصدراً وحيداً للدخل.
كما برزت رعايته بافتتاحه المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مدشناً خلال الحفل مشاريع الجامعة المنجزة التي شملت مباني تعليمية في كل من المدينة الجامعية بالرياض وفروعها ومعاهدها العلمية في مختلف مناطق المملكة، بقيمة إجمالية بلغت حوالي 3 مليارات و235 مليون ريال.
كما تفضل خادم الحرمين بوضع حجر الأساس لعدد من مشروعات الجامعة إلكترونياً، التعليمية والخدمية والتقنية في المدينة الجامعية بالرياض وفروع الجامعة ومعاهدها العلمية في مختلف مناطق المملكة بقيمة إجمالية بلغت 8 مليارات و590 مليون ريال.
كذلك دشن الملك سلمان متحف تاريخ العلوم والتقنية في الإسلام الذي أنشأته الجامعة بالتعاون مع معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية بجامعة فرانكفورت في ألمانيا.
كما رعى خادم الحرمين حفل افتتاح معرض وندوات تاريخ الملك فهد بن عبدالعزيز “الفهد .. روح القيادة” التي نظمها أبناء وأحفاد الملك فهد بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز، وذلك في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض.
وافتتح الملك سلمان مشروع تطوير حي البجيري في الدرعية، الذي أنهت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تنفيذه ضمن برنامج تطوير الدرعية التاريخية.
كما رعى خادم الحرمين حفل تأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بتدشين ووضع حجر الأساس للمقر الدائم للمركز الذي يقوم بتوحيد الأعمال الإنسانية والإغاثة التي تقدمها المملكة، معلناً تخصيص مليار ريال للأعمال الإغاثية والإنسانية لهذا المركز، إضافة إلى ما سبق أن وجّه به بتخصيص ما يتجاوز مليار ريال استجابة للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني الشقيق.
وشملت رعاية خادم الحرمين الشريفين افتتاح عدد من المشروعات الطبية في وزارة الحرس الوطني، شملت مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال، ومركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية والمختبر المركزي.
مشروعات توسعة الحرمين الشريفين
وقام الملك سلمان بزيارة للمسجد الحرام في مكة المكرمة، مؤدياً ركعتي السنة داخل الكعبة المشرفة، وتشرف بغسل جدارها، ثم تفقد المرحلة الثالثة لمشروع رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف، واطلع على مخططات ولوحات توضيحية تبين مراحل تنفيذ مشروع توسعة الحرم المكي وما تم إنجازه والعناصر المرتبطة به.
وفي شهر رمضان المبارك، رعى خادم الحرمين الشريفين في مكة المكرمة حفل وضع حجر الأساس لمشروع “خير مكة” الاستثماري الخيري العائد لجمعية الأطفال المعوقين، واطلع في مقر إقامته بالمدينة المنورة على العرض الخاص لمشروعات توسعة الحرم النبوي والمنطقة المركزية، وشاهد مجسمات ومخططات لمشروعات توسعة المسجد النبوي، ودرب السنة الذي يربط الحرم النبوي بمسجد قباء، وتوسعة مسجد قباء، إضافة إلى مشروع دار الهجرة، وما تشتمل عليه تلك المشروعات من شبكة للنقل وتفريغ الحشود.
وتضمنت جهود الملك سلمان بن عبدالعزيز في رعايته لمسيرة الوطن ومصالح المواطنين، افتتاحه مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي الجديد في المدينة المنورة، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 8 ملايين مسافر سنوياً في المرحلة الأولى، سترتفع إلى 18 مليون مسافر سنوياً في المرحلة الثانية، أما المرحلة الثالثة من المخطط الرئيس فستوفر أكثر من ضعف السعة الاستيعابية للمطار لتتجاوز 40 مليون راكب سنوياً.
كما دشن خادم الحرمين 5 مشروعات ضمن التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام في مكة المكرمة، تشمل مبنى التوسعة والساحات والأنفاق ومبنى الخدمات والطريق الدائري الأول، وتفضل خادم الحرمين الشريفين بضغط زر تدشين مشروع مبنى توسعة المسجد الحرام المكون من ثلاثة أدوار على مسطح بناء يبلغ 320،000 متر مربع يستوعب 300،000 مصل، إلى جانب تدشينه ساحات التوسعة التي تبلغ مسطحاتها 175،000 متر مربع، وتتسع لحوالي 330،000 مصل، وأنفاق المشاة التي تضم خمسة أنفاق للمشاة لنقل الحركة من الحرم إلى منطقة الحجون وجرول، وخصص أربعة منها لنقل ضيوف بيت الله الحرام، فيما خصص الخامس للطوارئ والمسارات الأمنية.
وشملت المشروعات أيضاً مشروع مجمع الخدمات المركزية، وتشمل محطات الكهرباء والمولدات الاحتياطية وتبريد المياه وتجميع النفايات والخزان ومضخات مياه مكافحة الحرائق، ومشروع الطريق الدائري الأول الذي يقع داخل المنطقة المركزية ويمتد بطول 4600 متر بثلاثة مسارات في كل اتجاه.
الشباب.. الثروة الحقيقية للمملكة
وخلال رعايته لحفل افتتاح مؤتمر مكة المكرمة السادس عشر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي، قال خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، إن الشباب هم الثروة الحقيقية في كل أمة، فهم الأغلبية عدداً، والطاقة الناشطة المتجددة دوماً، التي تمثل عصب التنمية وذخيرتها، في عالم يشتد وطيس التنافس بين الأمم لبناء حضارتها على اقتصاد المعرفة الذي أصبح لغة العصر بلا منازع، ومن يتخلف فقد حكم على نفسه بالقعود خلف مسيرة القافلة.
وفي التاسع من شهر ذي الحجة الماضي، وصل خادم الحرمين إلى منى للإشراف المباشر على راحة حجاج بيت الله الحرام، وما يقدم لهم من خدمات وتسهيلات ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان، وليطمئن على جميع مراحل الخطة العامة لتنقلات الحجاج في المشاعر المقدسة.
كما تفقد المسجد الحرام عقب سقوط إحدى الرافعات على جزء منه، ما نتج عنه سقوط عدد من الشهداء والمصابين، حيث ناقش مع المسؤولين مسببات الحادث وآثارها.
وتثبيتاً لما مضت عليه المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها أكد خادم الحرمين الشريفين أن هذه الدولة في خدمة البيتين الحرمين الشريفين، قائلاً: “يشرُف ملكها أنه خادم الحرمين الشريفين، وهذا منذ عهد الملك عبدالعزيز إلى اليوم والحمد لله مكة تهمنا قبل أي مكان في الدنيا، هي والمدينة المنورة”.
كما زار مستشفى النور التخصصي في مكة المكرمة، حيث اطمأن على صحة المصابين من عدة جنسيات، شملت الجنسية الإيرانية والتركية والأفغانية والمصرية والباكستانية، ومواسياً لهم ومستمعاً إلى حالاتهم الصحية والعلاجية.
وقد أعاد الابتسامة لترتسم على وجوه مصابي حادث سقوط الرافعة بعد أن وجه بتكفل الدولة نفقات أداء مناسكهم في المشاعر المقدسة، ذلك ما أعاد في قلوبهم الأمل في أداء فريضة انتظروها سنوات طوال.
رعاية المبتعثين
وخلال زيارته للولايات المتحدة الأميركية، فقد أمر خادم الحرمين بإلحاق الطلبة والطالبات الدارسين حالياً على حسابهم الخاص في الولايات المتحدة الأميركية بالبعثة التعليمية ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي ممن استوفى شروط وضوابط إلحاق الطلاب الدارسين على حسابهم في الخارج، وتحمل الدولة اعتبارا من تاريخه نفقات علاج المواطنين والمواطنات الذين يعالجون حاليا من أمراض مستعصية على نفقتهم الخاصة في الولايات المتحدة الأميركية.