أكد مجلس الجامعة العربية تأييده للمملكة العربية السعودية إزاء الاعتداءات الإيرانية على سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، وندد المجلس في اجتماعه الطارئ على المستوى الوزاري أمس، برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، بالتدخّلات الإيرانية في الشؤون الداخلية العربية.
وجاء قرار المجلس بالإجماع، فيما تحفّظ لبنان بسبب ذكر كلمة “حزب الله”، لأن هذا الحزب موجود في الحكومة.ودان مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه الطارئ على المستوى الوزاري أمس، استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، والتأكيد المطلق على سيادة دولة الإمارات الكاملة عليها، وتأييد كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإمارات لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة.
وحمل المجلس إيران مسؤولية الانتهاكات الإيرانية لحرمة السفارة السعودية في طهران وقنصليتها العامة في مشهد.
واستنكر المجلس التصريحات الإيرانية العدائية والتحريضية ضد السعودية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من الإرهابيين، معتبراً ذلك تدخلاً سافرا في أحكام القضاء السعودي والشؤون الداخلية للمملكة. وأكد المجلس التضامن الكامل مع السعودية في مواجهة الأعمال العدائية والاستفزازات الإيرانية ودعم جهودها في مكافحة الإرهاب.
كما أدان المجلس حكومة إيران بتدخلها المستمر في الشؤون الداخلية للدول العربية، معتبراً أن هذا النهج يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي.
الجزر الثلاث
كما دان استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، وأكد على سيادة دولة الإمارات الكاملة عليها، وتأييد كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإمارات لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة طبقا للقانون الدولي. ودان استمرار تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، ودعمها للجماعات التي تشكل تهديداً خطيراً لأمنها واستقرارها. وندد بالتدخل الإيراني في الأزمة السورية وفي الشأن اليمني.
وحث المجلس حكومة إيران على البعد عن السياسات التي من شأنها تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجج هذه النزاعات في دول الخليج العربي، ودعاها إلى وقف دعم الميلشيات والأحزاب المسلّحة داخل الدول العربية، واعتبر ذلك تهديداً للأمن القومي العربي.
وأكد القرار الحرص على أهمية أن تكون علاقات التعاون بين الدول العربية وإيران قائمة على مبدأ حسن الجوار والحرص على الاستقرار والأمن في دول الجوار والامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية. وكلف المجلس الأمين العام لجامعة الدول العربية بالتواصل مع وزراء خارجية كل من الإمارات والبحرين والسعودية ومصر لمتابعة تطورات الأزمة مع إيران وسبل التصدي للتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية ورفع نتائج ذلك إلى مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في دورته المقبلة.
وطلب المجلس إلى الأمين العام للجامعة العربية إبلاغ هذا القرار للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، كما طلب من مصر بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن بمتابعة هذا الموضوع. وقد امتنع لبنان عن التصويت على هذا القرار.
وألقى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الذي ترأس الاجتماع، كلمة في بداية الاجتماع أشار فيها إلى أن الاجتماع يأتي بناء على طلب المملكة، وقد جاء التأييد لطلب المملكة سريعاً وقوياً، الأمر الذي يعكس حجم التضامن العربي إزاء الاعتداءات على مقر البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران، والتضامن الكامل مع المملكة.
وأضاف سموه «ولا يسعنا هنا إلا أن نشير إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بلد تكررت فيه الاعتداءات على القنصليات والسفارات والدبلوماسيين طيلة العقود الماضية، ما يشير إلى أن هناك إما رغبة من الحكومة الإيرانية في عدم حماية هذه المنشآت أو إهمالاً من الحكومة الإيرانية في ذلك.. ومن هذا المنطلق ندين بشدة الاعتداءات التي وقعت على مقرات البعثة السعودية بإيران، كما نرفض رفضاً قاطعاً سياسة إيران في التدخل في شؤون المملكة العربية السعودية وشؤون أي دولة عربية أخرى يشمل ذلك الأحكام القضائية السيادية للمملكة».
وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان «ونحن اليوم نؤكد الموقف العربي الحازم والحاسم والذي يرفض رفضاً قاطعاً أن تكون شؤوننا وشجوننا محل تدخل هذه الدولة أو تلك، وقد أسقط في يدهم هذا التوجه في ظل موقف عربي صلب وجماعي وتفاجأ من مدى القوة.. قوة العرب في وقفة واحدة وصارمة مع إخوانهم في المملكة».
وأشار سموه إلى «أن كافة الإجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية تؤكد على وقوفها الصارم والواضح والثابت والراسخ في مواجهة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره ومنع مثيري الفتن والاضطرابات من استغلال الأوضاع التي تمر بها المنطقة للعمل على تقويض دعائم الأمن والاستقرار في دولنا وإدخالنا في نزاعات وفوضى داخلية مدمرة وتفتيت طائفي».
وأكد سموه «إن قيام المملكة العربية السعودية بتنفيذ الأحكام القضائية تجاه المدانين هو حق سيادي أصيل وضمن نظامها القضائي وبدرجاته المختلفة والمتدرجة بعد أن ثبت عليهم بالأدلة والبراهين الجرائم التي ارتكبوها، كما أن ما قامت به المملكة يعتبر إجراء ضرورياً لترسيخ الأمن والأمان لكافة أبناء الشعب السعودي والمقيمين على أراضيها لا يحق لأي دولة أو فرد أن تتدخل في شؤون المملكة الداخلية».
ولفت سموه إلى أنه على الرغم من التحديات والمخاطر الجمة التي تواجه منطقتنا العربية وعلى رأسها الإرهاب والتطرف والفوضى، إلا أننا نواجه تهديدات أخرى لا تقل أهمية ولا صعوبة ألا وهو التهديد المتواصل من إيران وتدخلها السافر في شؤوننا العربية.وأضاف سموه «نطالب كافة الدول الشقيقة باتخاذ موقف واضح لوقف إيران عن الاستمرار في التدخل في شؤون المنطقة وإغراق منطقتنا في الصراعات والفتن».
ودان سموه أيضاً التصريحات التصعيدية التي تصدر عن كبار المسؤولين الإيرانيين التي تعد تدخلاً في الشؤون الداخلية العربية ولا تساعد على بناء الثقة، وتهدّد الأمن والاستقرار في المنطقة، كما تشكل خرقا للقوانين والأعراف الدولية ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. وقال في ختام كلمته «تبقى رسالتنا العربية رسالة سلام ورسالة تعاون.. احترام لمبادئ السيادة وعدم التدخل.. وحتى في الظروف الاستثنائية الصعبة والشائكة نسعى إلى علاقة طبيعية وسوية تجمع العالم العربي بإقليمه المحيط، علاقة تقوم على مشاريع التعاون والتنمية تحترم مبادئ السيادة وعدم التدخل، تسعى إلى الخروج من ظلامية الغلو والطائفية.. العرب مستعدون لمثل هذه العلاقات الناضجة والإيجابية فهل إيران مستعدة وصادقة».
وأكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن بلاده ستتعامل مع التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي العربي بكل جدية وتتصدى لها بكل حزم، وهي أيضا مسؤولية الجامعة العربية، في ظل أهدافها الرامية إلى حماية الأمة العربية، والحفاظ على الأمن القومي للدول والشعوب والمقدرات العربية.
وقال الجبير إن الاعتداءات على السفارة جاءت بعد التصريحات العدوانية ضد المملكة والتي كانت بمثابة المحرّض والمحرّك للاعتداء بشكل مباشر.الشكر للإمارات وأكد وزير خارجية مصر سامح شكري أن بلاده ترفض بشكل تام ما صدر عن المسؤولين الإيرانيين من تهديدات للمملكة. وقدّم شكري خلال كلمته أمام الاجتماع الوزاري، «الشكر لدولة الإمارات العربية الشقيقة ممثلة في شخص وزير الخارجية سمو الشيخ عبدالله بن زايد على الجهود الكبيرة التي تبذلها خلال رئاستها للدورة الرابعة والأربعين بعد المائة لمجلس الجامعة».
قرقاش: الإجماع كشف نفاق إيران
قال معالي د. أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في تغريدة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: «الموقف العربي القوي مع السعودية هو موقف مبدئي يصرخ: كفى للتدخل الإيراني بعد أن عاث فساداً في سيادتنا واستقرارنا ونسيجنا الاجتماعي والديني».
وقال في ثانية: «إجماع الموقف العربي مع السعودية يعرّي إيران وخطابها «الثوري» و«المقاوم» ويكشف لحافه الطائفي ونفاقه وازدواجيته. طهران أكثر عزلة اليوم».وتابع في ثالثة: «والغريب أن إيران التي تلهث لإصلاح علاقتها مع واشنطن ولندن وباريس تتعامل بعدوانية وخطاب محرض مع محيطها وجيرانها، أي منطق هذا؟ وأي توجه؟».
وأضاف في تغريدة رابعة: «حلفاء إيران وعملاؤها في عالمنا العربي أحرجهم صِدام طهران واعتداؤها على الرياض، وضوح معالم المواجهة سلَّط الضوء على طائفيتهم وتبعيتهم».
وكان معاليه قال في تغريدة سابقة: «إن بيان الإخوان المساوي بين الاعتداء الإيراني والرد السعودي، خلق أزمة في جماعة تعوّدت الضبابية، من نشر ومن كذّب؟»، مضيفاً «والأهم ما هو موقف الإخوان الحقيقي؟».