|  آخر تحديث نوفمبر 7, 2015 , 23:09 م

قراءة في كـتاب الصديق جمال دملج « أصنام صاحبة الجلالة »


بقلم الكاتب والباحث العلمي: زكريا حمودان - فرنسا

قراءة في كـتاب الصديق جمال دملج « أصنام صاحبة الجلالة »



أتمتع دائمًا بقراءة الكتب السياسية، ولكن هذا الكتاب يتضمن ما لا تتضمنه باقي الكتب التي قرأتها سابقًا، كتاب الصديق الأستاذ جمال دملج صاحب الكف النظيف في مهنة المتاعب التي غاص في بحرها لسنواتٍ فتحت أماممنا أبواب السماء التي عادةً ما تكشف حقائق مرة.
كتاب الأستاذ دملج يروي رحلته الصحفية والإعلامية منذ خروجه من لبنان حتى عودته إليه مرفوع الرأس ونظيف الكف في خدمة صاحبة الجلالة. لقد رفع الأستاذ دملج في كتابه مهنته التي يحب ويعشق إلى رتبة الجلالة، كما أنه أنصف هؤلاء المُسيَرون التائهون في بحر التعتيم الإعلامي، الذين يقرؤون الخبر كما يأتي من فوق، الأصنام الذي يخدمون في بلاط صاحبة الجلالة. أما المثير في مسيرة الأستاذ دملج هو وجوده حيث لم يجرؤ الآخرون طوال مسيرته، فلقد عاش الحرب اللبنانية حتى قذفت به إلى قبرص قسرًا وليس طوعًا، ومن خرج من لبنان قسرًا فلا بدَ بأن تكون يد السوري أو الفلسطيني قد حاولت الإمتداد إليه وأرسلت له العديد من التهديدات التي إعتادت إسكات صوت الحق خوفًا من الحقيقة. في مسيرته اللبنانية وجدت في الكاتب ما لم أجده سابقًا عند الصحافي اللبناني المتنقل بين الشرقية والغربية، المجالس لجميع القادة والناظر إلى القضية بموضوعية وحرفية حقيقية، والغير مرتهن لموظفه خلال جميع مسيرته، الأمر الذي جعل منه المشاكس الأكبر حيث وجد، بالتالي المطلوب دائمًا إلى مكاتب مديري التحرير لتقديم إستقالته في ما بعد بسبب جرأته، وإنعدام الموضوعية عند أصنام صاحبة الجلالة.
خلال كتاب الأستاذ دملج تعيش الحرب الأهلية اللبنانية، ثم تنتقل معه إلى قبرص التي كانت مركزًا لعددٍ من الصحف والمجلات العربية التي كانت تغوص في أحداث المنطقة العربية المشتعلة، فشهدت قبرص الإنفاجارات تلو الأخرى كما الإغتيالات ومحاولات الإغتيال التي خرج منها سالمًا المشاكس الكبير الأستاذ دملج.
بعد خوضه غمار ما يدور في الشرق الأوسط من خلال وجوده في قبرص بين العامين ١٩٨١ و ١٩٩١، ونجاحه في إصدار جريدة إسبوعية لمدة الأربع سنوات تقريبًا، خرج الأستاذ دملج من الجزيرة على وطأة التهديد مسافرًا للعمل في لندن لمدة خمس سنوات عاد بعدها إلى قبرص ليخوض غمار الحملة التي شنتها قوات حلف شمال الأطلسي على يوغسلافيا التي دخلها ونقل منها وقائع الجرائم التي إقترفها حلف شمال الأطلسي في الجهتين الصربية والألبانية، الأمر الذي يُظهر خلفية الصراع الدائر والمستتر تحت عناوين فضفاضة تعف منها رائحة الدم الممزوجة بالمصالح الدولية لحلف الناتو.
بعد ذلك توجه الإستاذ دملج إلى العاصمة الروسية التي سيصبح عنده فيها لاحقًا خبرة وبيع طويل، الأمر الذي جعله يطلق كتابه الأخير “البوتينية” نسبة إلى فلاديمير بوتين، والذي أتشوق إلى الحصول عليه في أقرب فرصة. تابع الأستاذ دملج الملف الروسي منذ مطلع الألفية الجديدة أي منذ إنتخاب بوتين رئيسًا لروسيا. بعد ذلك غاص الكاتب في تجربته التي لم تقل خطورة عن سابقاتها بعدما وافق على تغطية الحدث الشيشاني الملتهب بين الشيشانيين والروس، فتمكن من الوصول إلى العاصمة الشيشانية غروزني حيث نقل مأساة الحرب الشيشانية بتفاصيلها المثيرة. كما غاص الكاتب في عددٍ من ملفات المنطقة حيث تواجد لاحقًا في الصومال والعراق ثم كوبا لعود بعدها إلى دولة الإمارات ثم إلى لبنان حيث وضع لمساته الأخيرة لإطلاق هذا الكتاب المثير والمفيد جدًا لكل من يبحث عن تاريخ نظيف في السياسة الدولية.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com