|  آخر تحديث نوفمبر 20, 2018 , 14:20 م

الجبير: الملك وولي العهد خط أحمر ولا نقبل تسييس قضية خاشقجي


الجبير: الملك وولي العهد خط أحمر ولا نقبل تسييس قضية خاشقجي



كشف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن أن السلطات التركية أكدت للرياض رداً على استفسارات “على أعلى المستويات” أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ليس هو المقصود بالتصريحات التركية التي تتهم شخصية رفيعة بإصدار الأمر بتصفية المواطن السعودي جمال خاشقجي.

ودعا الجبير أنقرة إلى تقديم ما لديها من أدلة في القضية إلى النيابة العامة في المملكة، للمساعدة في الوصول إلى الحقائق كافة.

وشدد الجبير في مقابلة مع “الشرق الأوسط” على أن “قيادة المملكة حريصة على الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية والشراكة التاريخية” مع الولايات المتحدة وتعزيزها. ولفت إلى أن “العقوبات الأميركية في قضية خاشقجي فردية ولم تستهدف حكومة المملكة أو اقتصادها”. وأوضح أن “المملكة هي أول من قام باتخاذ إجراءات ضد المتهمين في قضية مقتل جمال خاشقجي، وتبعتها الدول الأخرى عبر فرض إجراءات تجاه أشخاص بشكل لا يمس بالعلاقات الاستراتيجية والمصالح السياسية والاقتصادية المشتركة بيننا وبين حلفاؤنا”.

وقال إن “بعض التصريحات التي صدرت من أفراد في تركيا تساهم في إحداث شرخ في العلاقة ونحن في المملكة لا نريد ذلك لأنه يبعدنا عن القضايا المهمة التي نسعى لمعالجتها”، مؤكداً “رفض محاولات الاستغلال السياسي لقضية خاشقجي، ومن يريد العدالة وتحقيقها يتفضل بتقديم ما يملكه من أدلة للقضاء السعودي وهو صاحب الاختصاص”.

وأكد أن الرواية السعودية “لم تتغير”، موضحاً أن “ما حدث هو أن الفريق الذي نفذ العملية قدم تقريراً مضللاً وكاذباً، وعندما بدأ يتضح تضارب الحقيقة عما قدموه في تقريرهم، وجه خادم الحرمين الشريفين النائب العام بإجراء تحقيق، وتم بناء على هذا التحقيق التوصل إلى النتائج التي تم الإعلان عنها.

وأوضح أن المملكة لم تقدم رواية، وإنما قدمت ما لديها من معلومات بشكل شفاف وستستمر في ذلك”.

وتاليا نص الحوار كاملا

 

* أين تقف الدبلوماسية السعودية اليوم على إثر الهجمة غير المسبوقة التي تعرضت لها المملكة، والتي وصفتموها بأنها هستيرية؟

 

– الدبلوماسية السعودية تمثل دولة ذات مكانة رائدة ليس على الصعيدين العربي والإسلامي فحسب، وإنما في العالم أجمع. المملكة العربية السعودية كانت عبر التاريخ ولا تزال، قوة تسعى إلى السلام والاستقرار والرخاء في المنطقة والعالم ومواجهة قوى الشر والدمار ودحرها، لذلك وبسبب ما تمثله هذه الدبلوماسية فإنها تقف على أرضية صلبة وموقف راسخ، مهما كانت الظروف والتحديات. أما بالنسبة إلى الهجمات التي تعرضت لها المملكة في ما يتعلق بالجريمة النكراء التي أدت إلى مقتل المواطن جمال خاشقجي، فقيادة المملكة قامت بتوجيه النائب العام بالتحقيق في القضية، ومحاسبة المذنبين، وقد أحالت النيابة العامة المتهمين إلى القضاء، كما وجه خادم الحرمين الشريفين بتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد لمراجعة الإجراءات في رئاسة الاستخبارات العامة وإعادة هيكلة هذا الجهاز لضمان عدم حصول مثل هذه الجريمة مستقبلاً. فالمملكة قامت بكل الإجراءات الكفيلة بتحقيق العدالة ومحاسبة المذنبين في مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، أما الحملات الإعلامية، ومحاولات التسييس، فقد أصبحت دوافعها مفضوحة ومن يقف وراءها، وذلك بعد إعلان نتائج التحقيق بكل شفافية وإحالة المتهمين إلى المحاكمة، ونحن في المملكة عبر تاريخنا تم استهدافنا بالعديد من الحملات الإعلامية المغرضة باختلاف مصادرها والحجج المستخدمة فيها للانتقاص من دور المملكة ومكانتها.

 

 

* أعلنت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات على عدد من الأشخاص بشأن القضية. ما هو تقييمكم لهذه العقوبات؟ وكيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات السعودية – الأميركية؟

– علاقاتنا بالولايات المتحدة الأميركية استراتيجية، وتجمعنا مصالح مشتركة مهمة وحيوية لأمن واستقرار المنطقة والعالم. وقيادة المملكة حريصة على الحفاظ على هذه العلاقة الاستراتيجية والشراكة التاريخية التي امتدت لأكثر من سبعة عقود وتعزيزها، كما نقدر اهتمام الإدارة الأميركية، ونثمن مواقف الدول الصديقة حول العالم فيما يتعلق بقضية المواطن السعودي جمال خاشقجي، وتأييدهم لإجراءات تحقيق العدالة والمحاسبة التي وجهت بها قيادة المملكة. وفيما يتعلق بما تم فرضه من عقوبات، فقد كانت جميعها عقوبات فردية، ولم تستهدف العقوبات حكومة المملكة أو اقتصادها.

 

 

* كيف تنظرون إلى التصريحات التركية التي أشارت إلى أهمية إجراء تحقيق دولي في القضية؟

– نرفض بشكل كامل محاولات الاستغلال السياسي لقضية خاشقجي، ومن يريد العدالة وتحقيقها يتفضل بتقديم ما يملكه من أدلة للقضاء السعودي وهو صاحب الاختصاص في هذه القضية.

 

 

* في ضوء الموقف التركي الذي سعى حسب ما يبدو إلى تسييس القضية، كيف تقيمون مستقبل العلاقات السعودية – التركية؟

– نقدر الموقف الإيجابي التركي حيال تشكيل فريق العمل الأمني المشترك، وتعاونت المملكة مع الجانب التركي، إذ طلبت النيابة العامة بالمملكة من نظيرتها التركية تفاصيل الأدلة من خلال ثلاث مذكرات لاستكمال ملف القضية ومنها أصول التسجيلات الصوتية، إلا أنه وللأسف لم يتم تزويد النيابة العامة بالأدلة المطلوبة، ونحن نأمل من الجانب التركي تزويد النيابة بأي أدلة متعلقة بالقضية ليتم إحالتها للمحكمة، وأود التأكيد على أن ما تم اتخاذه من إجراءات قانونية يكفل تحقيق العدالة ومحاسبة المتهمين، ويقطع الطريق على محاولات تسييس القضية.
وكما تعلم فإن المملكة العربية السعودية وجمهورية تركيا دولتان مهمتان في العالم الإسلامي وتربطهما علاقات تاريخية، وللأسف فإن بعض التصريحات التي صدرت من أفراد في تركيا لا تخدم هذا الهدف بل تساهم في إحداث شرخ في العلاقة ونحن في المملكة لا نريد ذلك لأنه يبعدنا عن القضايا المهمة التي نسعى لمعالجتها. وقد وضعت المملكة قضية المواطن جمال خاشقجي في إطارها القانوني، وأي تسييس لهذه القضية هو أمر مرفوض ولا يخدم تعزيز العلاقات بين المملكة وتركيا.

 

 

* ما هو موقفكم إزاء التصريحات التركية التي رددت أن هناك شخصية سعودية رفيعة هي من أمرت بتصفية خاشقجي في إشارة غير مباشرة إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؟

 

– سبق واستفسرنا من الجانب التركي على أعلى المستويات عن المقصود بهذه التصريحات وأكدوا لنا بشكل قطعي أن ولي العهد ليس المقصود بهذه التصريحات، وأبلغناهم من طرفنا بأنه إذا كانت لديهم أي أدلة أن يسلموها لنا، حيث أننا نسمع تصريحات متعددة وحسب ما أعلنت النيابة العامة لم يتم تسليم أي أدلة لها حتى تاريخه. وهدفنا الذي نركز عليه هو جمع المعلومات والأدلة كافة حول هذه القضية من أجل سلامة التحقيقات وإبعادها عن أي مؤثرات إعلامية لا تصب في صالح تحقيق العدالة التي هي مطلب لنا جميعاً.
وهنا أود أن أؤكد بأن قيادة المملكة العربية السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين وولي العهد خط أحمر، ولن نسمح بمحاولات المساس بقيادتنا أو النيل منها، من أي طرف كان وتحت أي ذريعة كانت، فالمساس بقيادة المملكة هو مساس بكل مواطن ومواطنة.

 

* لكن نشرت تقارير إعلامية في الولايات المتحدة تشير إلى أن تقييم الاستخبارات الأميركية هو أن ولي العهد هو من أصدر الأمر. ما هو ردكم على هذه الأمر؟

– لقد اطلعت على التقارير الإعلامية التي تشير إليها وهي تسريبات لم يعلن عنها بشكل رسمي، ولاحظت أنها مبنية على تقييم وليس أدلة قطعية، وفي كل الأحوال نحن في المملكة نعلم أن مثل هذه المزاعم بشأن ولي العهد، لا أساس لها من الصحة تماماً ونرفضها بشكل قطعي سواء كانت من خلال تسريبات أو غيره. كما رأينا كيف نشرت بعض الصحف خبراً عن اتصال سفير المملكة بالولايات المتحدة الأمير خالد بن سلمان بالمرحوم جمال قبل توجهه للقنصلية، وهو أمر غير صحيح حيث لم يتم أي اتصال هاتفي بينهما وتم نفي الأمر بشكل قاطع، وهو ما يشير إلى ضعف المصادر التي تستند عليها مثل هذه التسريبات.

 

 

* تعهدت السعودية إجراء تحقيقات كاملة وشفافة لاستجلاء حقيقة ما تعرض له جمال خاشقجي، وقد قامت النيابة العامة بعرض نتائج تحقيقاتها يوم الخميس الماضي. كيف تقيمون رد الفعل الدولي على نتائج التحقيقات؟

– المملكة لم تحقق في قضية مقتل جمال خاشقجي من أجل الرأي العام الدولي، نحن حققنا فيها لأنها قضية قتل لمواطن سعودي، وهذا أمر غير مقبول وجريمة يجب محاسبة من ارتكبها. النيابة العامة أعلنت النتائج الأولية لتحقيقاتها، وأعلنت أن التحقيقات مستمرة، وتوصلت إلى ما يكفي لاقتناعها بتوجيه الاتهام إلى 11 شخصاً وإحالتهم للقضاء بينما تستمر التحقيقات مع البقية. والمملكة ستمضي في محاكمة هؤلاء طبقاً لما توصلت إليه من أدلة واعترافات.
تحقيق العدالة في هذه القضية هو مطلب سعودي قبل أن يكون مطلباً دولياً، خصوصاً أن هؤلاء الأشخاص ارتكبوا جريمة مضاعفة بتقديمهم تقريراً مضللاً حول حقيقة ما حدث في القنصلية ذلك اليوم.

 

 

* أكثر من 45 يوماً مرت منذ حادثة جمال خاشقجي، ولا تزال الجثة مجهولة الموقع، وسط تضارب الروايات والمعلومات حول ما تعرضت له فعلياً. هل تملكون الحقيقة؟

– النيابة العامة أصدرت يوم الخميس إيجازاً بنتائج التحقيق بناءً على ما توصلت إليه من أدلة واعترافات حتى الآن، وأكدت أن التحقيقات لا تزال جارية ومستمرة. ومهم الإشارة إلى أن تعاون الجانب التركي وتقديم ما لديه من أدلة سيساعد في الوصول إلى الحقائق كافة، وكما أعلنت النيابة العامة فإن ما توصلت إليه هو بناء على تحقيقاتها وأنها تأمل في تقديم الجانب التركي لما لديه من أدلة.

 

 

* هذا يعيدنا إلى موضوع الرواية الصادرة عن المملكة عن حقيقة ما حدث والتي تغيرت مرات عدة، وكرر ذلك الإعلام الدولي كثيراً. هل هذه هي الرواية النهائية؟

– الرواية لم تتغير. ما حدث هو أن الفريق الذي نفذ العملية قدم تقريراً مضللاً وكاذباً، وعندما بدأ يتضح تضارب الحقيقة عما قدموه في تقريرهم، وجه خادم الحرمين الشريفين النائب العام بإجراء تحقيق، وتم بناء على هذا التحقيق التوصل إلى النتائج التي تم الإعلان عنها. إن المملكة لم تقدم رواية، وإنما قدمت ما لديها من معلومات بشكل شفاف وستستمر في ذلك.

 

 

* أعلن الرئيس التركي أن بلاده عرضت التسجيلات الصوتية على مسؤول في الاستخبارات السعودية؟ هل صحيح أنكم استمعتم إلى التسجيلات الموجودة لدى أنقرة؟

– النيابة العامة أعلنت أنها لم تستلم أي أدلة من الجانب التركي، ونأمل تسليم ما لدى الجانب التركي من أدلة بما في ذلك أي تسجيلات، وذلك لكي تتمكن النيابة العامة من تقديم تلك الأدلة بشكل رسمي تقبله المحكمة، فما يهمنا هو الحصول على أي أدلة تساعدنا في تحقيق العدالة في القضية بشكل شفاف وواضح.

 

* هل تخشون انعكاس القضية على عقود وصفقات السلاح والعتاد مع بعض القوى؟ وما هي الخيارات الموجودة أمامكم في هذا الصدد لا سيما وأنكم لا تزالون تحاربون في اليمن وتسعون لصد التهديدات الإيرانية عن أراضيكم؟

– المملكة ملتزمة بالدفاع عن أرضها وحدودها وشعبها ضد أي تهديدات إقليمية، ونحن نفضل دائماً أن يكون تسليحنا من خلال الدول الحليفة حيث يعد هذا جزءاً من منظومة العلاقات الاستراتيجية معها، لكن التزام المملكة بالدفاع عن أرضها وشعبها يلزمها بالحصول على السلاح الذي تحتاجه من أي مصدر كان.

 

 

* إلى أي حد ستؤثر حادثة مقتل جمال خاشقجي على علاقات المملكة بشركائها حول العالم، خصوصاً في ضوء ما يثار بشأن فرض عقوبات على المملكة؟

– علاقات المملكة مع شركائها حول العالم هي علاقات استراتيجية وهامة في مواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم، وشركاء المملكة حول العالم يقدرون دور المملكة ومكانتها، ونحن على تواصل مستمر مع شركائنا، والمملكة هي أول من قام باتخاذ إجراءات ضد المتهمين في قضية مقتل جمال خاشقجي، وتبعتها الدول الأخرى عبر فرض إجراءات تجاه أشخاص بشكل لا يمس بالعلاقات الاستراتيجية والمصالح السياسية والاقتصادية المشتركة بيننا وبين حلفاؤنا.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com