|  آخر تحديث أكتوبر 11, 2025 , 10:39 ص

الدكتور مصطفى العربي.. من القاهرة إلى باريس ومن نغم الأوبوا إلى مسارح البحرين الفيلهارمونية


الدكتور مصطفى العربي.. من القاهرة إلى باريس ومن نغم الأوبوا إلى مسارح البحرين الفيلهارمونية



 

 

حوار: شيرين فريد

 

 

من بين نغمات الخشب وصدى المسارح الكبرى، تشكّلت رحلة الدكتور مصطفى العربي، عازف آلة الأوبوا في أوركسترا البحرين الفيلهارمونية، الذي جمع بين الصرامة الأكاديمية والرهافة الفنية. من القاهرة حيث البدايات الأولى، إلى باريس حيث تكتمل التجربة، وصولاً إلى البحرين التي احتضنت صوته المميز بين أنغام الفيلهارمونية، ينسج عربي قصة فنان تماهى مع آلته حتى أصبحت امتدادًا لروحه.

 

 

 

البدايات في القاهرة: نغمة الحلم الأولى

س: كيف بدأت رحلتك مع الموسيقى، وخصوصًا مع آلة الأوبوا؟

ج: بدأت رحلتي الجادة مع الموسيقى عند التحاقي بالمعهد العالي للموسيقى “الكونسرفتوار” عام 1998، وهناك تعرفت إلى آلة الأوبوا عن قرب. كان لي شرف الدراسة على يد العازف البولندي الكبير إريك كوسينسكي، الذي كان له تأثير كبير في توجيهي وصقل مهاراتي الفنية. لقد علّمني أن العزف ليس مجرد أداءٍ تقني، بل حوار بين النفس والصوت.

 

 

الاحتراف الأول: القاهرة السيمفوني

س: متى كانت أولى خطواتك الاحترافية في العزف؟

ج: انضممت إلى أوركسترا القاهرة السيمفوني عام 2004، وهي تجربة تركت في نفسي أثرًا عميقًا. كانت بمثابة الانطلاقة الحقيقية نحو الاحتراف، حيث تعلّمت من خلالها العمل الجماعي والانضباط الأوركسترالي، كما أتاحت لي فرصة التعامل مع كبار القادة والعازفين، ما أثرى خبرتي التقنية والتعبيرية.

 

 

المسار الأكاديمي: التفوق والبحث

س: ماذا عن مسيرتك الأكاديمية؟

ج: حصلت على درجة البكالوريوس من المعهد العالي للموسيقى بتقدير امتياز، وكنت الأول على دفعتي عام 2006، ثم عُينت معيدًا بالمعهد في العام نفسه. واصلت دراساتي العليا حتى نلت دبلومة الدراسات المتخصصة في الأداء الموسيقي. المسار الأكاديمي بالنسبة لي ليس مجرد دراسة، بل رحلة وعي بأسرار الصوت والإحساس.

 

 

من القاهرة إلى باريس: رحلة في عمق النغمة

س: متى بدأت رحلتك إلى فرنسا؟ وما الذي أضافته لتجربتك؟

ج: في عام 2009 سافرت إلى فرنسا، وكانت تلك الخطوة بمثابة منعطف حقيقي في حياتي. حظيت بفرصة الدراسة مع العازف الأول في أوركسترا باريس السيمفونية، الأستاذ ميشيل بينيه، الذي فتح أمامي آفاقًا جديدة في الفهم الفني والتقنيات المتقدمة لآلة الأوبوا. درست تحت إشرافه حتى عام 2013، ونلت درجة الدكتوراه في تخصص آلة الأوبوا بتقدير جيد جدًا.

كانت تجربة باريس مدرسة للحياة — تعلمت فيها أن الموسيقى ليست صوتًا فحسب، بل فلسفة ونمط تفكير.

 

 

 

 

في حضرة أوركسترا البحرين الفيلهارمونية

س: كيف تصف تجربتك الحالية مع أوركسترا البحرين الفيلهارمونية؟

ج: إنها تجربة استثنائية بكل المقاييس. الأوركسترا تُعد مشروعًا وطنيًا طموحًا يعكس الرؤية الثقافية الحديثة لمملكة البحرين، وتضم نخبة من العازفين المحترفين من مختلف الجنسيات. العمل ضمن هذا الكيان يمنحني إحساسًا بالانتماء إلى حلم جماعي يسعى لرفع مستوى الوعي الموسيقي في الخليج والعالم العربي.

” أشعر أن هذه التجربة تمثل لي فصلًا جديدًا من الإبداع، يحمل مزيجًا من الاحتراف والتحدي”.

الأوبوا… آلة الروح والهواء

س: ما الذي تمثّله آلة الأوبوا بالنسبة لك شخصيًا؟

ج: الأوبوا بالنسبة لي أكثر من آلة موسيقية، إنها صوت الروح. تمتاز بقدرتها الفريدة على التعبير عن أدق الانفعالات الإنسانية، من الحنين إلى الصفاء، ومن الألم إلى السكينة.

هي آلة تتطلب تركيزًا عالياً وانضباطًا مستمرًا، لكنها في المقابل تُكافئ العازف بإحساسٍ نادرٍ بالتحليق. إنها أقرب إلى صلاةٍ موسيقية تُؤدى عبر الهواء.

من النغمة إلى الرسالة

من يستمع إلى عزف الدكتور مصطفى عربي، يكتشف أن الموسيقى عنده ليست مهنة، بل رسالة حياة. في كل نفَس من آلته قصة، وفي كل أداء مسار جديد نحو النقاء الصوتي.

بين القاهرة وباريس والمنامة، ظلّ مصطفى عربي وفيًا لجوهر الموسيقى — الصدق، والبحث، والإيمان بأن النغمة يمكن أن تكون جسرًا بين الثقافات والقلوب.

وفي ختام حديثه، عبّر الدكتور مصطفى العربي عن امتنانه العميق لقائد الأوركسترا الموسيقار الدكتور مبارك نجم، قائلاً ” أشكر الدكتور مبارك نجم، الذي استطاع أن يحوّل الحلم إلى واقعٍ موسيقي حيّ. بفضل رؤيته وثقافته الواسعة، أصبحت أوركسترا البحرين الفيلهارمونية نموذجًا للفن الرفيع والاحتراف الإنساني، وبيئة تُلهمنا جميعًا لنقدّم أفضل ما لدينا في سبيل رفعة الموسيقى العربية.”


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Facebook Auto Publish Powered By : XYZScripts.com